(جريدة الأخبار اللبنانية)
إلى نحو أربعة ملايين ليرة وصل «فارق» كلفة الفاتورة الاستشفائية التي يتكبدها مريض «كورونا» لقاء دخوله بعض المُستشفيات الخاصة ليومين أو ثلاثة.
التبريرات التي تعطيها إدارات المستشفيات لهذه الفوارق تختلف باختلاف الجهة الضامنة للمريض. فإذا كان الأخير يتمتع بتأمين صحي خاص، يُبرّر الفارق بأنه لتغطية كلفة معدات الحماية الشخصية للطواقم التمريضية والطبية من ثياب وقفازات وكمامات وسترات طبية وغيرها، وهو ما لا تشمله تغطية شركات التأمين الخاصة (تغطي نحو 85% من كلفة استشفاء مريض «كوفيد-19» وعلاجه). أما إذا كان المريض على نفقة وزارة الصحة أو منتسباً إلى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ــــ وكلتا الجهتين تغطيان كلفة هذه المعدات كما أكّد رئيس مصلحة المُستشفيات في وزارة الصحة الدكتور جهاد مكوك ــــ فتُبرّر هذه المبالغ بأنها ناتجة من الفارق الذي لا يتعدّى 15% من الفاتورة الاستشفائية (تغطي الوزارة والصندوق ما يصل إلى 90% من هذه الفاتورة)، علماً بأنه إذا ما سلّمنا بذلك، فهذا يعني أن كلفة استشفاء مريض «كورونا» الذي يعالج على نفقة إحدى هاتين الجهتين يتجاوز الـ 26 مليون ليرة، وهو رقم خيالي.
مكوك أكّد لـ«الأخبار» أن وزارة الصحة عقدت اتفاقاً مع المُستشفيات الخاصة لتغطية تكاليف معدات الحماية الشخصية PPE (300 ألف ليرة مقطوعة يومية للمريض الذي يشغل سريراً عادياً و500 ألف لمريض العناية الفائقة)، فضلاً عن تغطيتها تكاليف الأوكسيجين، «وقد شدد الاتفاق على ضرورة عدم تكبيد المريض كلفة عالية في ظل الوضع الاقتصادي الراهن وألّا يتحول إلى كبش محرقة ارتفاع سعر الصرف».
مصادر في شركات التأمين، بدورها، لفتت إلى أن التدقيق في بعض فواتير مرضى «كورونا» أظهر «مبالغة غير منطقية تحت ذريعة استيراد معدات على أساس سعر صرف السوق».
وكان رئيس نقابة المُستشفيات الخاصة سليمان هارون قد برّر، قبل أيام، النفقات التي تحمّلها هذه المستشفيات للمصابين بأن «التجار يبيعون المُستشفيات على أساس السعر غير المدعوم، رغم استمرار الدعم على بعض المعدات».
ولئن كانت ذرائع استيراد المُستلزمات الطبية في ظل الأزمة النقدية، فضلاً عن الأزمة المالية التي تعصف بالمُستشفيات الخاصة مفهومة، إلّا أنها «لا تبرّر أداءها في استيعاب المرضى وخصوصاً أنها تملك القدرات»، بحسب مصادر في وزارة الصحة، مُشيرةً إلى مثال استيعاب جرحى انفجار الرابع من آب في المرفأ «كدليل على توفر النية والموارد متى قرّرت المستشفيات التصرف بمسؤولية والتضحية ببعض الأرباح». ولفتت إلى «غياب النية الجدية بتقليص هامش الربح»، وإلى استمرار انكفاء هذه المُستشفيات عن تأدية واجبها الوطني في ظل حال الطوارئ الصحية.
الفارق الذي تتقاضاه بعض المستشفيات يعني أن كلفة علاج المصاب ليومين أو ثلاثة تتجاوز 26 مليون ليرة!
أمام هذه الوقائع، سيبقى العبء مُلقى ليس على عاتق مرضى «كورونا»، وأيضاً على عاتق غالبية المرضى المحتاجين إلى خدمات استشفائية إذا لم تتخذ إجراءات جذرية تفرمل النهج الحالي.
هذا العبء يُضاف إلى عبء كلفة الفحوصات المخبرية للكشف عن فيروس كورونا، والتي باتت باباً كبيراً للربح لعدد كبير من المستشفيات، من دون أن تلجأ الى تخفيض أسعارها، ما ينعكس تراجعاً في عدد الفحوصات. فرغم أن وزارة الصحة وبعض البلديات تغطي تكاليف الفحوصات أو جزء منها، تؤكد مصادر الوزارة أن انخفاض عدد الفحوصات المخبرية في بعض المناطق سببه عدم قدرة كثير من الفئات على تحمل تكاليفها.
وكانت الوزارة قد أعلنت، أمس، إجراء 18 ألفاً و187 فحصاً مخبرياً خلال الساعات الـ 24 المنصرمة، سجلت بينها 2723 إصابة (10 منها وافدة)، ما يعني تراجع نسبة إيجابية الفحوصات الى نحو 15% بعدما بقيت فوق الـ 20% لأسابيع، فيما سُجّلت 55 وفاة، ما يعني أيضاً انخفاضاً في عدّاد الوفيات مقارنة مع الأسابيع الماضية، وذلك على الأرجح نتيجة الإقفال التام الذي تحوّل شكلياً بدءاً من الأسبوع الماضي.