نقلا عن الجزيرة نت - عبد العزيز أبو بكر
باتت جنوب أفريقيا إحدى أكثر الدول بروزا في خريطة انتشار فيروس كورونا بعد أن أصبحت مصدرا لإحدى أكثر نسخ الفيروس المتحورة خطورة، وبعد اللغط الذي أثاره تعاطيها مع لقاح أسترازينيكا.
وقد حذّرت منظمة مومينتوم للحلول الصحية من أن موجة ثالثة من فيروس كورونا باتت وشيكة في جنوب أفريقيا إذا لم تبدأ السلطات الرسمية بحملة واسعة وسريعة لتطعيم السكان.
وأضافت المنظمة -في بيان لها- أنه يجب أن يكون اللقاح متاحا لعموم السكان في شهر مايو/أيار، أو يونيو/حزيران المقبلين، إذا كانت تقديرات إمدادات اللقاح الحالية صحيحة ودقيقة.
وكانت وزارة الصحة في جنوب أفريقيا قد تلقت مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا (AstraZeneca) من معهد مصل الهند مطلع الشهر الجاري.
ومع ذلك، فقد ظهر الأسبوع الماضي أن هذا اللقاح يوفر الحد الأدنى من الحماية ضد العدوى الخفيفة إلى المعتدلة من السلالة الأكثر انتشارا الآن في جنوب أفريقيا، كما أن وزير الصحة أكد أن تاريخ انتهاء صلاحية التطعيمات هو 30 أبريل/نيسان المقبل.
مناعة القطيع
وكان اختصاصي الأوبئة وإستراتيجي الرعاية الصحية، بوشوف ستينكامب، قد أوضح أن "أقوى خط دفاع لسكان البلد ضد الفيروس هو ضمان وصول جنوب أفريقيا إلى مناعة القطيع".
وأشار ستينكامب -في تصريح للجزيرة نت- إلى أنه لا يمكن القيام بهذا الأمر بالتعامل مع الفيروس بعقلية فردية، مبينا أنه فقط إذا اجتمعت الجهود ستكون هناك فرصة أكبر للحد من انتشار الفيروس مع أمل القضاء عليه في غضون السنوات القليلة المقبلة.
وترى وزارة الصحة الجنوب أفريقية -وفقا للمنشورات الدعائية التي نشرتها في أرجاء البلد- أن مناعة القطيع ليست الحل الأمثل، وأنها تنوي جعل تلقي اللقاح غاية في السهولة بحيث إنه بمجرد طرحه لعامة الناس، سيكون الأمر بسيطا مثل الاتصال بالطبيب العام وإبلاغه بالرغبة في تلقي اللقاح، وبعد ذلك ستذهب إلى عيادته وتتلقى التطعيم، حسب ما ذكرته الوزارة.
نهج تدريجي
وكان وزير الصحة الجنوب أفريقي زويلي مخيزي، قد ذكر أن حكومة جنوب أفريقيا عرضت شحنتها من لقاح أسترازينيكا على الاتحاد الأفريقي لمشاركتها مع دول في القارة غير المتضررة من الفيروس المتغير الجديد الموجود في الدولة.
وأشار الوزير مخيزي -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن الأمر كان مخيبا للآمال بعد اكتشاف أن لقاح أسترازينيكا الذي حصلت عليه جنوب أفريقيا في البداية كانت فعاليته محدودة ضد الفيروس المتحور الذي اكتُشف لأول مرة في البلاد، لكنه أكد أن تحويل اللقاح إلى الحكومات الأفريقية الشقيقة سيسمح للحكومة باسترداد تكلفة الشحنة.
وكان الوزير قد بين لوسائل الإعلام أنه لا جدال في أن لقاح "جونسون آند جونسون" له فعالية بنسبة 57% ضد المتغير الجديد وهو يقي تماما من الأمراض الخطرة أو الوفاة.
وبشأن الكميات التي حصلت عليها بلاده، قال مخيزي إن حكومته اشترت 9 ملايين جرعة من هذا اللقاح، فضلا عن تأمين 500 ألف جرعة مجانا.
وتوقع وصول 500 ألف جرعة إضافية في الأسابيع الأربعة المقبلة، مكملة بـ20 مليون جرعة أخرى من لقاح فايزر، التي من المتوقع أن يتم تلقيها في نهاية شهر مارس/آذار المقبل.
لقاح عنصري
وأشار شبير ماضي، البروفيسور بجامعة فيتس والمحقق الرئيس في تجربة لقاح أسترازينيكا، إلى أن هناك سببا علميا للاعتقاد بأن اللقاح الأول الذي حصل عليه البلد كان فعالا ضد عدوى الفيروس الحادة، لذا لا يزال من الضروري استخدامه.
وبيّن البروفيسور شبير ماضي -في حديثه للجزيرة نت- أن غالبية الأشخاص المشاركين في دراسة اللقاح في جنوب أفريقيا كانت الأعراض الظاهرة عليهم خفيفة.
وأوضح شبير أن ثلثي الحالات كانت خفيفة وثلثها كانت معتدلة، لذلك لا يمكن الحكم باستخدام هذه البيانات، خصوصا في ما يتعلق بما إذا كان اللقاح القديم يحمي من الأمراض الشديدة أم لا، لكنه أكد أن جميع الدلائل تشير إلى أن اللقاح الجديد يحمي بالفعل من أشكال المرض الشديدة.
وكان الصحفي الجنوب أفريقي، سايمون أليسون، قد أشار في تقرير له إلى أن اللقاحات التي وُفّرت للعالم النامي إما أنها لم يتم اختبارها مثل اللقاحات الصينية والروسية، التي لم تصدر بيانات التجارب السريرية الكافية بشأنها- أو أنها باهظة الثمن.
فجنوب أفريقيا مثلا طلبت 1.5 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا، إلا أنها ستدفع أكثر من ضعف ما يدفعه الاتحاد الأوروبي لكل جرعة.
وفي حين نشر الاتحاد الأوروبي بيانا أوضح فيه أنه يحق له الحصول على سعر أقل للجرعة الواحدة لأنه استثمر في تطوير اللقاح، أكد الصحفي سايمون أليسون -في حديث له مع الجزيرة نت- أن لقاح أسترازينيكا قد تم اختباره حرفيا على جثث مواطني جنوب أفريقيا الذين تطوعوا ليكونوا جزءا من التجربة السريرية في جوهانسبرغ، حسب قوله.
وذهبت معظم شحنات اللقاح المنتجة حتى الآن إلى الدول الغنية، مقابل كميات محدودة لمصلحة الدول الفقيرة، وهو الأمر الذي عدّه رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، "فشلا أخلاقيا كارثيا"، في حين أبدى بعض الناشطين في جنوب أفريقيا مخاوفهم من أن تدفع اللقاحات الحالية العالم من جديد إلى نظام الفصل العنصري.
وبدأت جنوب أفريقيا بإعطاء اللقاح للعاملين الصحيين، في حين كان الرئيس سيريل رامافوزا من أوائل المتلقين للقاح في مستشفى منطقة كايليتشا يوم الأربعاء، لتشجيع المواطنين على الإسراع في تلقي اللقاح بعد أن فقدت البلاد نحو 663 من العاملين في مجال الرعاية الصحية بسبب الفيروس.