نقلا عن صحيفة "الأخبار" اللبنانية - رضا صوايا
قضى فيروس «كورونا»، منذ ظهوره قبل نحو عام، على عمل المصابغ بشكل شبه كامل. التعبئة العامة والتباعد الاجتماعي ألغيا معظم المناسبات والتجمعات، ما حدّ بشكل كبير من استعمال بعض أنواع الألبسة. وزاد الانهيار الاقتصادي من نزيف القطاع فتوالى، تدريجياً، إغلاق المصابغ في مختلف المناطق. أما من لا تزال منها تعمل، فتتكبّد خسائر فادحة، وقد لا يطول صمودها قبل أن تعلن الاستسلام.
مناسبات وأنشطة كثيرة فرض «كورونا» إلغاءها، كالأعراس والجنازات واجتماعات العمل والمسابقات الرياضية والأعياد والمهرجانات وغيرها. «كثيرون اليوم يندر خروجهم ويقضون أيامهم بثياب النوم أو بملابس رياضية. لم يعد هناك داعٍ لارتداء البذلات والفساتين. أصبحت قطعتا ثياب تكفيان الشخص»، بحسب صاحب «مصبغة برمانا» عادل أبو جودة، لافتاً الى أن «من تبقى من زبائن لا يجلبون إلا بنطلوناً أو قميصاً. البذلات أصبحت ذكرى من الماضي».
خلال أكثر من عام، لم تعمل المصابغ إلا خلال فترات محدودة ومتقطعة، ما أدى الى تراجع أعمالها بـ«أكثر من 80%» بحسب عاملين في المجال. ويوضح صاحب مصبغة «بريميوم لاندري» في منطقة عائشة بكار أن «كرتونة علّاقات ملابس تحوي 500 علّاقة كانت تُستهلك خلال 5 أيام فقط. اليوم، تصمد الكرتونة أكثر من شهرين». ويضيف أن «سعر برميل الكلور اليوم 610 دولارات، وهذا وحده كاف لدفع أي مصبغة إلى الإغلاق، إذ من منّا يجني 6 ملايين ليرة في هذه الظروف؟».
فاقم انهيار سعر صرف الليرة من معاناة المصابغ، فيما العمل شبه متوقف. أما خيار رفعها الأسعار لتتماشى مع الكلفة التي تحلق يوماً بعد آخر، فمستحيل، لأن «الزبائن يتذمرون من أي زيادة مهما كانت بسيطة».
يوضح أبو جودة، مثلاً، أن «سعر برميل مسحوق الغسيل يبلغ 230 دولاراً. وهذه اليوم تساوي مليونين و 300 ألف ليرة بعدما كانت 345 ألف ليرة. أما كرتونة علّاقات الملابس فسعرها يراوح بين 22 و25 دولارًا، وبدل أن ندفع 44 ألف ليرة ثمناً لها ندفع اليوم حوالى 220 ألف ليرة. كذلك، زاد سعر النيلون بأكثر من ثلاثة أضعاف، فضلاً عن كلفة الإيجارات والكهرباء والموتور». لذلك، «المصابغ كلها تعمل بخسارة. كنت أتقاضى 6 آلاف ليرة مقابل غسل وكوي بنطلون. ماذا تساوي الـ 6 آلاف ليرة اليوم؟ نصف دولار. حتى لو أخذت 10 آلاف ليرة سأظل خاسراً، فيما لا قدرة للزبائن على دفع هذه المبالغ. سعر غسل البذلة ارتفع من 15 ألف ليرة إلى ما بين 25 ألف ليرة و 30 ألفاً... لو لم يكن إيجاري قديماً لأغلقت المصبغة منذ مدة».
مصابغ كثيرة في بيروت أقفلت أبوابها، خصوصاً تلك التي تدفع إيجارات مرتفعة، أو من فرض عليها المالكون دفع الإيجارات بالدولار أو وفق سعر صرف المنصة. أما من كانت له قدرة على الاستمرار فقد تخلّى عن القسم الأكبر من عماله. من بين ستة عمّال في «بريميوم لاندري»، مثلاً، لا يزال اثنان يعملان اليوم.