نقلا عن صحيفة "الأخبار" - راجانا حمية
رقم الـ 1505 الذي سجّله عدّاد الإصابات بفيروس كورونا، أمس، لا يعني أن الأمور بخير. ولعلّ ما يزيد من القلق اليوم هو بدء عددٍ من الدول موجة ثالثة من الفيروس، وهو ما سينسحب عاجلاً أو آجلاً على لبنان، وخصوصاً في ظلّ التفلّت من الإجراءات من جهة، وبطء سير عملية التلقيح من جهة أخرى.
رقم الإصابات، أمس، على «ضآلته»، لا يعني تراجعاً إذا ما أخذنا في الحسبان عدد الفحوصات التي أُجريت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وتحديداً المحلية منها. إذ أشار تقرير وزارة الصحة العامة إلى نحو 10 آلاف فحص، منها 6729 فحصاً محلياً و2910 فحوصات في مطار بيروت الدولي. ومن بين الفحوص المحلية، ثبتت إصابة 1486 شخصاً، ما يعني عملياً أن إيجابية الفحوص التي سجلت أمس 17,5%، وهي نسبة مرتفعة وتبقي البلاد في عين العاصفة. والأمر نفسه ينطبق على عدّاد الوفيات الذي واصل تحليقه، مسجلاً 42 ضحية رفعت العدد الإجمالي إلى 5422. يضاف إلى ذلك أن أرقام حالات الاستشفاء لم تشهد تحسناً يذكر، ولا تزال في مرحلة خطرة، إذ سجلت حتى ليل أمس 958 حالة، من بينها 289 حالة موصولة إلى أجهزة التنفس. وهذا بحسب رئيس لجنة الصحة النيابية، الدكتور عاصم عراجي، «مؤشر غير مطمئن، في ظل النقص الكبير في أسرّة المستشفيات».
ليس التحدي في الأرقام فقط، إذ تواجه البلاد تحدّياً موازياً يتعلّق بمسير عملية التلقيح التي لا تزال إلى الآن تسير ببطء، على ما يقول المدير العام لمستشفى بيروت الحكومي، الدكتور فراس الأبيض. وحتى اليوم، لم يتلقّ لبنان سوى خمس دفعات من مصدر واحد (فايزر)، وهي تالياً ليست كافية لسدّ الحاجة إلى اللقاحات. أما بقية اللقاحات، ومنها أسترازينيكا التي ينتظر لبنان منه دفعة أولى مقدّرة بـ 92 ألف جرعة، فليس هناك «موعد دقيق لوصوله»، على ما تقول رئيسة برنامج الترصّد الوبائي في وزارة الصحة العامة، الدكتورة عاتكة بري.
واليوم، يواجه هذا اللقاح بعض العقبات، وخصوصاً في ما يتعلّق بآثاره الجانبية، إذ إنه في الأيام الأخيرة علّقت حوالى 11 دولة استخدامه كإجراء احترازي، بعد قلق من وجود صلة بين التلقيح به والإصابة بتجلّطات الدم، وآخر تلك الدول: إيطاليا وهولندا وألمانيا أمس. ومن المتوقع أن تزيد لائحة «المعلّقين» لهذا اللقاح إلى حين صدور تقارير عالمية موثوقة تثبت هذا الرابط أو تنفيه. أما في ما يخص لبنان، فإلى الآن لا موعد للوصول، وهذه اليوم تحسب كميزة للبلد، فثمّة وقت مستقطع بانتظار وضوح الصورة أكثر. لكن، لا يمنع ذلك من القول إن «هذا اللقاح يحصل عليه لبنان عن طريق منصّة كوفاكس العالمية، وهي تالياً منصّة معتمدة من قبل منظّمة الصحة العالمية التي أجازت استخدامه»، على ما تقول بري. ومن هذا المنطلق، تضيف بري «إننا نتقيّد بتعليمات منظمة الصحة العالمية في ما يخص اللقاحات، ومنها لقاح أسترازينيكا». وإذا ثبت أن «ثمة ما يستدعي التوقف عنده، فتلقائياً ستمنع منظمة الصحة العالمية وصوله إلى كل البلدان». لكن، إلى الآن لا رابط ثابتاً بين التلقيح به والتجلطات الدموية، وهو ما أعلنته قبل أيام منظمة الصحة العالمية نفسها، وما كررته أيضاً الوكالة الأوروبية للأدوية، مشيرة إلى أنه «لا يوجد مؤشر على أن اللقاح يسبّب جلطات دموية»، مبيّنة في الوقت نفسه أن «فوائد اللقاح تستمر في التفوّق على مخاطره».
إلى ذلك، كانت مفاجأة منظّمة الصحة العالمية أمس تأكيدها عدم استبعاد «التطعيم بجرعة ثالثة لمكافحة الفيروس المتحوّر»، وهو ما يجعل التحدّيات أكبر.