نقلاً عن صحيفة الأخبار - هديل فرفور
تبدأ اليوم المرحلة الأولى من إجراءات إعادة الفتح التدريجي لبعض المؤسسات، فيما يتهيّأ لبنان لاستقبال الدفعة الثانية من المغتربين، بدءاً من يوم غد. هذان المُتغيّران يفرضان أقصى درجات الحذر خشية تأثير التداعيات الناجمة عنهما على مسار المنحنى الوبائي الموجود «تحت السيطرة» حتى الآن، في ظلّ تحدّيات لا تقلّ خطورة، أبرزها تفاقم أزمة استيراد المُستلزمات الطبية
شراء الوقت هو «سرّ النجاح» الذي تحقّق ــــ حتى الآن ــــ في استيعاب انتشار وباء «كورونا». هذا ما يؤكده كثرٌ من المسؤولين في القطاع الصحي في معرض تقييمهم لحجم الأزمة التي أظهرت تقدّماً نادراً سجّله لبنان على كثير من البلدان الأخرى. ولأنّ «مزاج الطمأنينة» يبقى رهناً بأعداد الفحوصات المخبرية، لا يزال لبنان يسير، ظاهرياً، نحو سيناريو تفاؤلي بسبب تزامن استمرار محدودية الإصابات مع ارتفاع عدد الفحوصات التي وصلت السبت الماضي إلى أكثر من 2000 أجريت عشوائياً في المناطق.
ومن بين 1360 خضعوا للفحص في الساعات الـ 24 الماضية، أعلنت وزارة الصحة تسجيل ثلاث إصابات فقط (هي نفسها الإصابات الثلاث التي أعلن عنها مُستشفى رفيق الحريري الحكومي ليل السبت من بين 266 فحصاً)، فيما ورد في تقرير المُستشفى الحكومي مساءً تسجيل إصابة وحيدة من بين 205 فحوصات ليُقفل العدّاد ليلاً على 708 إصابات، شفي منها 146 وتوفي 24. بهذا، يبلغ عدد المُصابين الفعليين 538، أكثر من 67% منهم حالتهم خفيفة ومتوسطة. ولئن كانت هذه المُعطيات تُبعد هواجس الضغط على القطاع الصحي وعلى أجهزة التنفس الاصطناعي القادرة على «التفرّغ» لمرضى كورونا، والتي قدّرت وزارة الصحة عددها بنحو 700، فإنّ تحديات جدّية من شأنها سحب فتيل الارتياح، ووضع لبنان مُجدّداً أمام استحقاق الوقت.
ولعلّ التحدي الأبرز يتمثّل في تفاقم أزمة استيراد المعدات والمُستلزمات الطبية، ومن ضمنها تلك المخصصة لأجهزة التنفس. رئيسة تجمّع مُستوردي المُستلزمات الطبية سلمى عاصي وصفت الوضع بـ«المزري»، إذ إنّ الكثير من الحوالات المالية المخصصة لاستيراد المعدات الطبية وأجهزة التنفس ومعدّات الوقاية الشخصية (ppe) لا تزال عالقة بسبب الأزمة النقدية والمالية، كما أن القرار التنفيذي المتعلق بـإعفاء استيراد المعدات الطبية المخصصة لكورونا من الجمرك يشوبه كثير من الأخطاء التقنية (أخطاء في الـ codes) «التي تجبر حالياً بعض التجار على دفع الجمرك وتكبد غلاء الأسعار الناجمة عن سعر الدولار». كما أن الكثير من الموافقات المُتعلّقة بالمعدات المخصصة لأجهزة التنفس «لا تزال عالقة في وزارة الصحة لأنها ليست مخصصة للمُستشفيات الحكومية».
هذا الواقع سيكون عامل خطر يفاقم أي تغير مفاجئ في المسار الحالي، وخصوصاً مع احتمال حدوث موجة ثانية من الوباء. كما أنه يأتي في وقت يتهيّأ فيه لبنان، بدءاً من يوم غد، لاستقبال أكثر من أربعة آلاف مغترب آتين من بلدان أعياها الوباء، ما يعني احتمال تزايد الإصابات. رحلات العودة ستحطّ تباعاً بمعدّل ست رحلات يومياً حتى الثامن من أيار المقبل، وهي تتزامن مع جولات ميدانية تقوم بها فرق وزارة الصحة على المناطق لأخذ عيّنات عشوائية، ما يعني تزايد الضغوط على الفحوصات المخبرية.
ورغم أن وزير الصحة حمد حسن وعد برفع عدد الفحوصات ليتجاوز الـ 1500 يومياً، إلا أن استقبال المغتربين يعني حكماً أنهم سيتقاسمون هذه الفحوصات مع المقيمين، علماً بأنه بات من الضروري تكثيف الفحوصات في مناطق يُخشى من وجود إصابات غير معلنة فيها، كطرابلس والمخيمات الفلسطينية التي سُجّلت أولى الإصابات فيها الأسبوع الماضي. يأتي ذلك كله في وقت سيُسمح فيه لبعض المؤسسات الصناعية والتجارية بأن تفتح أبوابها تدريجياً، بدءاً من اليوم، ما يحتّم المزيد من الحذر، وخصوصاً أن مُنظّمة الصحة العالمية كانت قد نصحت لبنان باستمرار الإقفال التام لأسبوعين آخرين.
لقراءة المقال من الصحيفة اضغط هنا