يتبين يوماً بعد يوم، أن مرض «كوفيد - 19» لا يضرب فقط الجهاز التنفسي والرئتين، بل أعضاء أخرى من الجسم مثل الكلى، ويصيب كذلك بجلطات دموية تعرقل سريان الدم، كما حصل مع الممثل الكندي نيك كورديرو.
فقد لجأ الأطباء إلى بتر رجل الممثل (41 عاماً) اليمنى بعدما أمضى 18 يوماً في قسم الانعاش يعاني من وضع خطر جراء المرض.
وقد يؤدي تشكل الجلطات الدموية إلى خنق عمل الأعضاء الأخرى. وعندما يتجلط الدم في الرجل يمكن للجلطة أن تنتقل صعوداً إلى الرئتين وسد الشريان ووقف عملهما وإصابة المريض بجلطة رئوية. ويمكن عندما تضرب القلب أن تصيب المريض بأزمة قلبية وبجلطة دماغية إن ضربت الدماغ.
وقد سجلت كل هذه السيناريوهات لدى مرضى «كوفيد - 19» لم يكونوا يعانون من أي عامل خطر قبل إصابتهم بفيروس كورونا المستجد.
وتؤكد شاري بروسنان، طبيبة الإنعاش المتخصصة بالرئتين في مستشفى لانغون في نيويورك، أن هذه الحالات لا تزال نادرة. إلا أن عدد حالات تجلط الدم الذي يصعد عبر الأوعية تضاعف خلال الجائحة لدى مرضى قسمها الذين هم في وضع حرج. وشكل العمر الشاب لبعض المرضى عنصر مفاجأة.
وتقول بروسنان إن لديها في قسم الانعاش رجلين أربعينيين قد يفقد أحدهما يده والثاني رجليه ويديه. وتوضح: «قد تصاب الأصابع أحيانا بغرغرينا».
عندما يصاب المريض عادة بجلطات دموية يعطى عقاقير مثل «إيبارين» إلا أنها غير مفيدة دائماً وتؤدي أحياناً إلى نزيف داخلي كما حصل مع نيك كورديرو، على ما أبلغت زوجته معجبيه عبر «إنستغرام».
وتفيد الطبيبة بأن هذا «التخثر لا يشبه التخثر الاعتيادي».
في مستشفى المحاربين السابقين في نيويورك تقول طبيبة الإنعاش سيسيليا ميرانت-بورد، التي تمارس المهنة منذ 25 عاماً، إن غالبية المرضى في قسمها يعالجون بمضادات التخثر أو أدوية بعض أقوى تقضي على الجلطات الدموية.
وتوضح أنها رصدت الكثير من الجلطات الصغيرة جدا في الرئتين الأمر الذي يسمح بالإضاءة على لغز آخر لـ«كوفيد - 19» وهو الفعالية المحدودة أحيانا لأجهزة التنفس الاصطناعي. والجواب هو أن الدم لا يسري كما يجب في الرئتين بسبب الجلطات الدموية وينطلق مجددا إلى أنحاء الجسم الأخرى من دون أن يحمل كمية كافية من الأكسجين. ولا يمكن لجهاز التنفس أن يفعل أي شيء في هذه الحالة.
ويقول بيهنود بيديلي، الخبير في الطلب الداخلي في مركز كولومبيا الطبي الجامعي: «لقد رأيت مئات حالات الجلطات الدموية في مسيرتي لكني لم أر يوماً هذا العدد من الحالات غير الطبيعية».
إلا أن الغموض لا يزال يحيط بسبب التخثر.
قد يكون ذلك عائداً إلى السوابق القلبية أو الرئوية عند الكثير من المرضى. وربما يكون تجلط الدم عائداً أيضاً إلى الالتهاب القوي المرافق للمرض.
ويؤكد بيكديلي «كل مرض حاد بحد ذاته قد يعرض المريض للإصابة بجلطات دموية».
وثمة فرضية أخيرة تشير إلى أن الفيروس المستجد قد يكون له أثر مباشر على تخثر الدم. لكن ما من اثبات على ذلك حتى الآن.
وقد يبدو تنوع مضاعفات «كوفيد - 19» محيراً، إلا أن البحث حول آلية او آليات عميقة له لم تبدأ سوى منذ أربعة أشهر.
وتقول بروسنان: «قد يكون كل شيء ناتجا عن أمر وحيد وأن ثمة حلاً وحيداً لها».