المصدر: بلومبيرغ / ترجمة: الجزيرة نت
كان من المفترض أن تكون الهند -وهي ثالث أكبر مستهلك في العالم بعد الولايات المتحدة والصين- محركا رئيسا لتعافي الطلب العالمي على النفط، لكن تأزم الوضع الصحي في البلاد جعل ذلك مستحيلا.
ففي تقرير نشره موقع "بلومبيرغ" (Bloomberg) الأميركي، يقول الكاتب جوليان لي إنه بغض النظر عن التداعيات الإنسانية الكارثية للأزمة الصحية وتفاقم الوباء، فإن ما تشهده الهند سيكون له تداعيات خطرة على صناعة النفط العالمية.
ويواجه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي انتقادات لاذعة بسبب ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كورونا في البلاد، إذ بلغت الإصابات معدلات قياسية في الأيام الأخيرة بعد أن أعلنت حكومته في وقت سابق أنها على وشك التغلب على أزمة "كوفيد-19"، وقد سمح تساهل الحكومة لكثير من الأحزاب بتنظيم تجمعات انتخابية كبيرة، كما أدى ملايين الهندوس مراسم حج "كومبه ميلا".
ويرجح المراقبون أن يكون عدد الوفيات جراء فيروس كورونا في البلاد أعلى بكثير من الأرقام الرسمية التي تصدرها السلطات الهندية.
التأثير في النفط العالمي
وكانت الهند من أبرز الدول التي أسهمت في ارتفاع الطلب العالمي على النفط في الأيام الماضية، وكذلك الصين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إذ سمح تقدم حملات التطعيم باستئناف النشاط الاقتصادي وتخفيف قيود السفر والتنقل.
وكان من المتوقع أن يكون الطلب على النفط في الهند هذا العام قريبا من مستويات ما قبل الجائحة، لكن التطورات الصحية الأخيرة في البلاد تشير إلى ضرورة إعادة النظر في تلك التوقعات المتفائلة.
وحسب تقرير سابق نشره بلومبيرغ، فإن استهلاك الديزل والبنزين في الهند هذا الشهر قد ينخفض بنسبة 20% مقارنة بشهر مارس/آذار الماضي، في ظل فرض حظر تجول في مدن كبرى مثل نيودلهي ومومباي.
ومن المحتمل أن تؤثر تدابير الحجر الصحي في مبيعات وقود السيارات، كما أثرت قيود التنقل في استخدام وسائل النقل مثل الشاحنات والحافلات، فانخفض مستوى نشاطها إلى النصف.
ومن المتوقع أن تُخفض المصافي نشاطها استجابة لانكماش الطلب، وذلك يعني تراكم مخزونات الخام، والتأثير في عمليات الشراء المستقبلية حتى بعد تحسن الوضع الصحي، ومن شبه المؤكد أن تنخفض مشتريات مصافي التكرير الهندية من النفط الخام إذا استمرّ تفشي الوباء وتواصل فرض القيود.
وحسب الكاتب، فإن تداعيات الأزمة لن تؤثر في الهند فحسب، بل في الاقتصاد العالمي بوجه عام، إذ بدأت دول مثل المملكة المتحدة وكندا بحظر الرحلات الجوية الآتية من الهند، وهو ما سيؤثر في الطلب العالمي على وقود الطائرات، الذي لم يتعاف بعد من تداعيات الجائحة.
مخاوف أوبك بلس
وقد أثارت موجة كورونا الجديدة في الهند قلق أكبر منتجي النفط في العالم، وكانت دول أوبك بلس، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والعراق والإمارات العربية المتحدة وروسيا، تتطلع إلى ارتفاع مستويات الطلب من أجل زيادة الأسعار وتخفيف إجراءات الحدّ من الإنتاج.
لكنه مع تدهور الوضع في الهند، سيكون على الدول المنتجة للنفط أن تراجع توقعاتها عندما تعقد اجتماعها الشهري في وقت لاحق من هذا الأسبوع. وكان وزراء دول أوبك بلس قد اتفقوا مطلع الشهر الجاري على جدول زمني لتخفيف بعض قيود الإنتاج في الأشهر الثلاثة المقبلة، ولكن قد يتم تعديل هذه الخطط قبل أن تدخل حيز التنفيذ.
وكانت دول أوبك بلس تعتزم تزويد السوق العالمية بنحو 2.14 مليون برميل يوميا بين شهري مايو/أيار ويوليو/تموز، لكن ذلك قد لا يكون ممكنا بعد التطورات الأخيرة في الهند.
ويرجح الكاتب أن تكون دول الشرق الأوسط الأكثر تضررا من الوضع الوبائي في الهند وتراجع الطلب على النفط، حيث إن قرار الهند بخفض طلبها على النفط الأميركي لن تكون نتائجه ملموسة حتى يونيو/حزيران المقبل، إلا أن قرارا مماثلا بشأن الإمدادات من الشرق الأوسط سيكون له تأثير واضح قبل نهاية شهر أبريل/نيسان.