فى إحدى قرى الصعيد روى عماد الدين حسين في “الشروق”، أن سيدة أصيبت بفيروس كورونا، فقام العديد من أهالى القرية بزيارتها، خصوصا السيدات. ولما اشتد عليها المرض دخلت مستشفى العزل، فحاول بعض أهل القرية زيارتها، ولم يتمكنوا، فاضطروا للانتظار أمام مدخل المستشفى، أو المبيت على الرصيف المقابل. وبعد أيام قليلة ماتت المريضة وأصيب معظم من خالطها، وبعضهم توفي خصوصا كبار السن. في قرية ثانية في الوجه البحري توفي رجل عمره 70 عاما متأثرا بإصابته بكورونا. شقيقه يعمل ويقيم في القاهرة، وحاول السفر للمشاركة في مراسم تشييع الجنازة. زوجته أقنعته بأنه لا داعي لسفره، خوفا من إصابته، لكنه أصر خوفا من كلام الناس التي لن ترحمه، ولن تتفهم عدم مشاركته في العزاء. ورضخ في النهاية، وقرر السفر، اعتقادا أنه سيقضي بضع ساعات ويعود للقاهرة، وبعد عملية الدفن التي شارك فيها المئات، فوجئ بوجود سرادق عزاء كبير في القرية ليلا، رغم أن ذلك ممنوع تماما بحكم قرارات مجلس الوزراء. أقيم العزاء في إحدى الساحات الواسعة، وتوافد عليه غالبية أهل القرية، والقرى المجاورة، والمفاجأة بالنسبة لهذا الرجل أن غالبية أهل القرية لا يدركون أنهم يرتكبون خطأ، وربما يكون بينهم بعض ممثلي الأجهزة المختصة بتطبيق قانون منع التجمعات. حكاية ثالثة لرجل زار أهله في إحدى القرى للمشاركة في حفل زفاف قريب. هذا الرجل كان يرتدي الكمامة طوال الوقت، لكنه اكتشف أنه الوحيد تقريبا الذي يفعل ذلك. بل الأطرف أن غالبية الحاضرين كانوا يسخرون منه، وبعضهم حاول إقناعه بنزع الكمامة، والتصرف مثل الرجال، وعبثا حاول إقناعهم بخطورة ما يفعلونه، لكنهم لم يستمعوا إليه، وواصلوا السخرية منه.
السؤال الذي سعى عماد الدين حسين للإجابة عليه: هل نلوم هؤلاء الناس الذين يتسببون في جعل الفيروس ينتشر، والإصابات والوفيات تزيد؟ أم نلوم الأجهزة الحكومية التي لا تؤدي دورها في تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي، التي أعلنتها الحكومة؟ الجميع ينبغي لومه، لكن إذا كنا نلوم الناس على سلوكهم، فاللوم الأكبر ينبغي أن يوجه للحكومة، لأنها المنوطة بتطبيق القانون والإجراءات اللازمة. صحيح أن هناك غيابا شبه كامل للوعي العام، وخصوصا الصحي بين الناس، لكن الأصح أن الأجهزة الحكومية ينبغي عليها تطبيق القانون بكل صرامة على المنفلتين والمستهترين والجهلاء. وهناك ألغاز كثيرة في هذا الصدد، مثل لماذا يتم ترك سرادقات العزاء مفتوحة، ولماذا يتم التغاضي أحيانا عن منع الشيشة في المقاهي، ولماذا لا يتم تطبيق إجراءات التباعد في المطاعم والكافتيريات والعديد من الأماكن المغلقة. من الواضح أن غياب ثقافة الوعي العام ليست قاصرة فقط على المواطنين البسطاء في القرى والمناطق الشعبية، بل هي حالة عامة تشمل أيضا بعض المسؤولين والقائمين على تطبيق القانون، بل بعضا ممن يطالبون الناس بضرورة تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي.
أما محمود دياب في “اليوم السابع” أشاد بالقرار الذي اتخذته الحكومة بإغلاق الشواطئ والمتنزهات والكافيهات، وأماكن التجمعات العامة خلال فترة عيد الفطر المبارك، ومعاقبة كل من يخالف ذلك، ودراسة عمل إغلاق جزئي مثل ما فعلته دول كثيرة حاليا حماية لمواطنيها، مع زيادة حدة الإصابات والوفيات بفيروس كورونا الفتاك، خاصة أننا نتعامل على المستوى الشعبي مع الإجراءات الاحترازية باستهتار شديد كما اشار الكاتب: اللجنة العليا المعنية بمتابعة مواجهة كورونا برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، أصدرت عدة قرارات وتم تطبيقها مؤخرا، ومنها غلق كامل والحد من استخدام الحافلات الجماعية وأتوبيسات الرحلات التي تستهدف الذهاب إلى الشواطئ، وغلق كل المحلات والمولات التجارية والمقاهي والكافيتريات والمطاعم ودور السينما والمسارح في الساعة 9 مساء، لمدة اسبوعين. الدولة وأجهزتها، قدمت ولا تزال كل ما في وسعها لمكافحة هذا الفيروس اللعين منذ ظهوره في موجته الأولى وحتى الآن، ولكن يأتي الدور الفعال علي المواطنين بتطبيق الإجراءات الاحترازية التي تضمن سلامتهم وسلامة المجتمع، التي لم نرها حتى الآن بصورة فعالة حيث مازالت الأسواق والمولات والكافيهات ووسائل المواصلات العامة مليئة ومزدحمة بروادها، غير الملتزمين بارتداء الكمامات أو نسب التباعد الاجتماعي وغيرها من الإجراءات الاحترازية، ونحن الان نقرأ ونشاهد ونسمع عن الكثير الذين فارقونا، سواء من أهلنا وأقاربنا، أو من المعارف والأصدقاء الي الدار الآخرة بسبب هذا الفيروس الفتاك فهل نتعظ ؟