نقلا عن موقع "العهد" الإخباري
لا يخفى على أي مراقب للوضع الكوروني في لبنان أنّ المؤشرات الوبائية مطمئنة نوعاً ما. ثمّة انخفاض ملحوظ في عداد الإصابات والوفيات بموازاة حملة التلقيح الجارية. لكنّ المخاوف من أي سلالة جديدة قد تُفسد ما تحقّق حتى اليوم لا تزال قائمة. وهنا، لا تزال المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المواطن في الالتزام بالإجراءات الوقائية من جهة، والمسارعة لحجز الدور عبر المنصة لتلقي اللقاح من جهة ثانية. الخطوة الأخيرة تعتبر بمثابة "حبل" النجاة لتحقيق المناعة المجتمعية وبالتالي محاربة كورونا وحرمانه من البيئة الحاضنة للتمدد والانتشار. وفي هذا السياق، بذل وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حمد حسن جهوداً واسعة لاستيراد ما أمكن من لقاحات للتسريع من وتيرة التلقيح، مع الإشارة الى أنّ وصول اللقاحات يتوقّف على مدى التزام الشركات المصنّعة بالمواعيد المتفق عليها. فهل المؤشرات توحي باكتساب لبنان المناعة المجتمعية قريباً؟
البزري: المناعة قد تتراوح بين 30 و35 بالمئة بين حزيران وتموز اذا وصلت اللقاحات الموعودة
رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح "كورونا" الدكتور عبد الرحمن البزري يرى في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّه من المبكر التنبؤ بموعد للحصول على المناعة المجتمعية. نسبة التلقيح لا تزال منخفضة اذ لم تصل الى الـ10 بالمئة، لكن في حال وصلت اللقاحات الموعودة في شهري حزيران وتموز، فمن الممكن أن نصل الى ما بين 30 و35 بالمئة من المناعة وهي نسبة جيدة اذا ما أضيف اليها نسبة الأشخاص الذين أصيبوا بكورونا. حينها -يقول البزري- من الممكن أن نحقّق نسبة مناعة مقبولة لا المناعة المجتمعية المنشودة. وعليه، فإنّ واجباتنا الأساسية أن نتّبع الشروط المطلوبة للاستمرار في الاستفادة من الوضع الوبائي وتحسنه.
المؤشرات الوبائية مطمئنة والتحدي يكمن في المحافظة عليها
ولدى حديثه عن المؤشرات الإيجابية، يوضح البزري أنّ ثمّة انخفاضا في نسبة إيجابية الفحوص التي باتت بين الـ6 ونصف والـ7 بالمئة، لكنه يلفت في المقابل الى أنّ عدد الفحوصات انخفض. وهنا ينبّه البزري الى المخاوف القائمة من خطر استيراد الحالات من الخارج الذي يحصل عادة في فصل الصيف. إلا أنّ المؤشرين الوبائيين اللذين يهماننا -يقول البزري- هو أنّ لبنان انتقل من المرحلة الرابعة الى الثالثة وبائياً، فعدد الوفيات انخفض الى ما دون الـ 5 في كل مئة ألف، أضف الى ذلك أنّ عدد الإصابات الجديدة انخفض أيضاً الى مستويات جيدة جداً من 18 بالمئة الف كل أسبوعين الى أقل من 9 بالمئة الف. هذه الانخفاضات الوبائية تظهر أننا في وضع وبائي جيد ما انعكس إيجاباً على المستشفيات خصوصاً في غرف العناية الفائقة. ينوّه البزري بهذه المؤشرات لكنه يعتبر أنّ التحدي يكمن في المحافظة عليها لا خسارتها.
ورداً على سؤال حول ما اذا كان ثمّة مخاوف من السلالة الهندية، يلفت البزري الى أن المخاوف موجودة من جميع السلالات الهندية، البريطانية، الجنوب افريقية والبرازيلية لكن الرد على السلالات لا يتوقف فقط على إجراءات المطار المهمة جداً، بل بالعمل أيضاً على تقوية المناعة المجتمعية والمحافظة على التباعد الاجتماعي.
خوري: حملة تلقيح واسعة بين تموز وآب
بدوره، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية النائب السابق الدكتور وليد خوري يلفت في حديث لموقعنا الى أنّ مسار التلقيح جيد، لكنّ الوصول الى المناعة المجتمعية يتوقّف على ما يأتينا من لقاحات جديدة، وسط وعود بأن تأتي الى لبنان بدءاً من منتصف حزيران المقبل كميات كبيرة من اللقاحات. وعليه، يشير خوري الى أنّ حملة تلقيح واسعة ستحصل بين تموز وآب، اذ سيصلنا ما يقارب المليون لقاح من "فايزر" بينها 750 ألف لقاح للقطاع العام.
يجب أن يأخذ اللقاح ما يقارب الـ4 ملايين مواطن
إلا أنّ مشكلتنا الكبيرة على حد تعبير خوري تكمن في وتيرة التسجيل البطيئة على المنصة. ثمّة عدد كبير من المواطنين لم يسجّلوا أسماءهم حتى اليوم. لغاية الآن هناك ما يقارب الـ500 ألف شخص تلقوا اللقاح في لبنان. الطموح أكبر بكثير من هذه الأرقام إلا أنّ عدد الذين سجّلوا أسماءهم على المنصة قليل ولم يتجاوز المليون و400 ألف شخص، وهذا غير كاف. وفق خوري، يجب أن يأخذ اللقاح ما يقارب الـ4 ملايين مواطن أقله من أصل 6 ملايين و800 ألف مقيم حتى تُكتسب المناعة المجتمعية المتمثلة بـ80 بالمئة من السكان. يرجح خوري أن يتم اكتساب المناعة المجتمعية آخر العام الحالي شرط مسارعة الناس للتسجيل على المنصة من جهة، والوفاء بوعود إرسال اللقاحات من جهة ثانية. التأخر في إرسال اللقاحات يشكّل معضلة كبيرة اذ وحدها لقاحات فايزر ما يأتينا على الموعد -يقول خوري- الذي يشير الى أنّ منصة "كوفاكس" الأممية التي تهتم بالبلدان الناشئة لم ترسل لنا سوى 130 الف لقاح من "استرازينيكا" أي بالقطارة رغم أننا دفعنا ثمن مليونين و700 ألف لقاح.
جبل لبنان وبيروت أكثر المناطق التي يجري فيها التلقيح
ويلفت خوري الى أنّ من تبلغ أعمارهم 65 عاماً وما فوق تلقوا بمجملهم تقريباً لقاح "فايزر"، فيما تلقى من تتراوح أعمارهم بين الـ55 عاماً الى 65 عاماً لقاح "استرازينيكا". وهنا يشير خوري الى أنّه جرى التوافق خلال الساعات الماضية على تخفيض سن عامة الناس الذين يتلقون "استرازينيكا" الى الأربعين عاماً، مع الإشارة الى أنّ 30 بالمئة ممن سجلوا أسماءهم وأتى دورهم لم يحضروا الى المراكز بسبب الخوف من "استرازينيكا".
ولا يخفي خوري أنّ المسار مقبول وثمّة مؤشرات تجعلنا نستبشر خيراً، لكنه يضيء على تحد يصفه بالكبير جداً اذ سيصار الى تكبير المراكز خاصةً أننا ننتظر ما يقارب المليون لقاح من فايزر. وفق خوري، يجري البحث حالياً عن مراكز ومساحات كبيرة جداً كالمدينة الرياضية ليتم تلقيح أكبر عدد ممكن فيها، ففي الفترة الأخيرة كان يأتينا ما بين 30 الى 50 ألف لقاح في الأسبوع تتوزع على 35 مركزا، أما لاحقاً، فسيأتينا خلال أسبوع واحد في حزيران 170 الف لقاح أي أربعة أضعاف ما يستدعي توسيع المراكز في عدة مناطق ومحافظات وأقضية خاصة في المراكز والمحافظات التي لا تبدي رغبة في التلقيح. وفق خوري فإنّ جبل لبنان وبيروت هما أكثر المناطق التي يجري فيها التلقيح أما المناطق الأخرى فالإقبال فيها خجول.