عمل علماء ألمان على استخدام تقنية تسمى "غسيل الدم" لعلاج مرضى فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، حيث يعمل أطباء في مستشفى هافلهوهي بالعاصمة الألمانية برلين، على تجنب وفاة مرضى كورونا خلال فترة العلاج، ولذلك سلكوا طريقا غير تقليدية من خلال علاج يسمى "غسيل دم" للحالات الصعبة، وتم تطويره لمرضى الجلطات القلبية، وذلك وفقا لتقرير للكاتب صلاح شرارة نشره موقع دويتشه فيله.
وقال التقرير إنه رغم تراجع حالات الإصابة والوفيات بمرض كوفيد-19، فإن هذا المرض ما زال قاتلا، لأن الأبحاث والتجارب طيلة شهور أظهرت أن من تحدث له مضاعفات ويتوجب وضعه تحت أجهزة التنفس الصناعي تكون نسبة نجاته من الموت 50%، أو بعبارة أخرى "كل مريض من اثنين في هذه الحالة ينتهي به المرض إلى الموت"، حسب ما ذكره الموقع الإلكتروني للقناة الثانية الألمانية "زد دي إف" (ZDF).
إجراء "غسيل الدم" يمكن استخدامه في مستشفيات كثيرة، بيد أنه وبالنظر إلى أن الطب يستند إلى التجارب، فإن هذا النوع من العلاج يتطلب دراسة سريرية حتى يحظى بقبول عام، لكن الأطباء في مستشفى هافلهوهي يستخدمون هذا الإجراء منذ مدة وحققوا من خلاله نجاحا.
وقال الطبيب الأول في طب الحالات الحرجة بالمستشفى فابريسيو إسبوسيتو "حتى الآن تم علاج 14 مريضا كانوا في العناية المركزة، أي كانت حالاتهم خطيرة، فتعافى منهم البعض بسرعة وتغلبوا على مسارات صعبة جدا" من المرض.
هذا الإجراء لو تم استخدامه في مستشفيات أخرى فسوف يكون سببا في إنقاذ كثير من الأرواح، لكن إسبوسيتو يؤكد ضرورة إجراء دراسة كبيرة حول ذلك الإجراء.
كيف يتم غسل دم مرضى كورونا؟
طريقة العلاج هذه طورتها شركة "بنتراكور" في ولاية براندبورغ الألمانية، وتقوم عملية "غسيل الدم" على فرضية أن مرضى كوفيد-19 لا يموتون بالضرورة بسبب الفيروس، وإنما على الأكثر من خلال رد الفعل المتخطي للحدود من جانب جهاز المناعة.
ويقول المدير التنفيذي لشركة "بنتراكور" أحمد شريف "الفيروس ليس هو الذي يقضي على خلايا الرئة، وإنما جهاز المناعة".
فعند الإصابة بفيروس كورونا المستجد، تتضاعف بشكل دراماتيكي طبقات المخاط التي تحمي الرئة، وتمتلئ تماما بالسوائل فقاعات الرئة الضرورية للتنفس، وهذا لا يسبب بالضرورة تلفا للفقاعات، لكن في هذه الحالة يعتقد جهاز المناعة في الجسم أن خلايا الرئة ستموت فيقوم بالتخلص منها عبر ما يعرف بـ"خلايا الافتراس"؛ هذا يؤدي في النهاية إلى تدمير الرئة، وبالتالي موت المريض. ويكون لمعدل الالتهاب في الجسم تأثير حاسم على هذا الحدث الخطير، حسب ما ذكره موقع "زد دي إف".
ويوضح الموقع أن هناك مادة بروتينية تعرف اختصارا باسم "سي آر بي" (CRP) تزداد كميتها في الدم عند تعرض الجسم للعدوى أو الالتهابات. والمعدل الطبيعي لهذه المادة في الدم يقع بين ملليغرام واحد وحتى 5 ملليغرامات لكل لتر دم. وإذا بلغت النسبة 100 ملليغرام، يجري الحديث عن إصابة خطيرة بكوفيد-19.
ويمكن أن تصل النسبة لدى مرضى كورونا حتى 500 ملليغرام في كل لتر دم، كما يمكن للمادة البروتينية أن تخزن في مكونات أخرى غريبة عن الجسم، مثل البكتيريا والفطريات والطفيليات. وبهذه الطريقة تكون للجسم قدرة أكبر على التعرف على مسببات المرض والقضاء عليها.
ولقد طورت شركة بنتراكور إجراء من أجل خفض نسبة مادة "سي آر بي" في الدم. ومن خلال هذا الإجراء، تحدث عملية تنقية دم المريض، وبهذا لا يقوم جهاز المناعة بتحييد خلايا الرئة، وتتعافى تلك الخلايا، وتصبح لدى المرضى فرصة كبيرة في النجاة من الموت.
سؤال مهم
لكن السؤال هو: لماذا لا يجري التوسع في استخدام هذا الإجراء؟ يقول موقع "زد دي إف" إن الشركة استخدمت أسلوب "غسيل الدم" مع موظف لديها أصيب بالمرض، وتم من خلال ذلك إنقاذ حياته، لكن إجراء دراسة سريرية حول فرضيات الشركة بخصوص نسبة المادة البروتينية وما يتعلق بهذا الإجراء تحتاج إلى أموال لا تملكها.
ورفضت الحكومة الألمانية وولاية بافاريا تقديم دعم للشركة، كما حاولت الشركة الحصول على دعم بهذا الخصوص من قبل بعض الوزارات، وكذلك من معهد روبرت كوخ، ولكنها لم تفلح في ذلك حتى الآن.
ويقول الموقع الألماني إن مشاكل الباحثين في شركة "بنتراكور" ليست حالة فردية، فقد أظهرت دراسة أن كثيرا من الشركات ومشروعات الأبحاث الخاصة بكورونا وعلاجها وأدويتها تفشل بسبب نقص التمويل.