نقلا عن الجزيرة نت
تقدمت الولايات المتحدة على كل دول العالم في إجمالي أعداد الإصابات بفيروس "كوفيد-19" منذ بدء تفشي الفيروس داخل الأراضي الأميركية، قبل ما يقرب من عام ونصف العام، ثم ساعدت السرعة المذهلة لتطوير اللقاحات الأميركية، وطرحها فور تلقي موافقة هيئة الغذاء والدواء الفدرالية، على الحد من تفشي الفيروس.
وتشير بيانات جامعة جون هوبكنز إلى تسجيل 33 مليون إصابة بالفيروس بين الأميركيين، وشفاء 28 مليون شخص، ووفاة 606 آلاف آخرين بانتهاء يوم 26 مايو/أيار.
وبلغ متوسط الوفيات اليومي بسبب فيروس كورونا خلال الأسبوع الماضي 568 شخصا، وهو عدد قليل مقارنة بمتوسط الوفيات خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي البالغ قرابة 3 آلاف وفاة يوميا.
وانخفضت أعداد الأميركيين ممن يخضعون لاختبار الكشف عن فيروس كورونا بعدما وصلت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لمتوسط مليوني اختبار يوميا، وبلغت نسبة الإصابة بينهم 9.5%، لتصل الأسبوع الماضي لمتوسط يقل عن 800 ألف اختبار يوميا، ونسبة إصابة 3.2% فقط، ويرجع الخبراء ذلك لزيادة أعداد متلقي اللقاحات، وانعدام الحاجة للكشف عن الإصابة بالفيروس.
أما فيما يتعلق بأعداد المرضى الذين يتم علاجهم من الإصابة بالفيروس في المستشفيات، فقد بلغت الأسبوع الماضي متوسط 24 ألف شخص في كل الولايات الأميركية، منهم 7 آلاف في غرف العناية المركزة، ويعد ذلك انخفاضا كبيرا مقارنة بمعدلات شهر يناير/كانون الثاني الماضي، حين بلغت أكثر من 100 ألف مريض بالفيروس في المستشفيات، وتخطى متوسط أعداد حالات غرف العناية المركزية 25 ألف حالة.
ويشير خالد الشامي، الأستاذ المساعد بكلية الطب التابعة لجامعة جون هوبكنز، إلى أثر الانخفاض الكبير في أعداد الإصابات والوفيات على نظام العمل داخل المستشفيات، فقد "كان هناك طابق كامل مخصص لمرضى كورونا، وكنا نسمع عدة مرات يوميا النداء الداخلي الذي يشير لحدوث وفاة كي يتم التعامل مع الجثة من عدة إدارات بالمستشفى، لكن خلال الأسابيع الأخيرة، لم نعد نسمع هذا النداء إلا نادرا".
ويضيف الشامي في حديثه للجزيرة نت "لا أعرف أي بالغ لم يتلق اللقاح بعد، ربما باستثناء بعض المشككين وأنصار نظريات المؤامرة، الذين يعادون اللقاح لأسباب أيديولوجية".
حملة اللقاحات
يرى الكثير من خبراء الصحة العامة أن الولايات المتحدة أخيرا قد بدأت تكسب معركتها ضد فيروس كورونا بسبب سلاح واحد على وجه الحصر ألا وهو اللقاحات. واستهلكت أميركا 289 مليون جرعة لقاح بنهاية يوم 26 مايو/أيار الجاري.
وتلقى أكثر من 134 مليون أميركي (40% من كل البالغين) جرعات اللقاح كاملة، سواء بجرعتيه في حالة لقاحي فايزر ومودرنا، وبجرعة واحدة في حالة جونسون أند جونسون. وتلقى ما يزيد على 165 مليون أميركي (50% من كل البالغين) جرعة واحدة على الأقل حتى الآن.
وأثبتت اللقاحات فعالية كبيرة، وتكشف بيانات تجمعها صحيفة نيويورك تايمز أن 99.7% من المرضى الذين يتلقون العلاج داخل المستشفيات بسبب إصابتهم بفيروس كورونا لم يتلقوا اللقاح، وذكر بيان لمؤسسة كليفلاند كلينك الشهيرة أن "اللقاحات نجحت في مواجهة هذا النوع من العدوى الخطيرة، التي كانت تقتل أكثر من 3 آلاف أميركي يوميا قبل بضعة أشهر فقط".
وخلال الأسبوع الماضي انخفضت حالات الإصابة بالفيروس والوفيات بسببه في 37 ولاية من ولايات أميركا الخمسين، وانخفضت كذلك أعداد من يحتاجون دخول المستشفيات للعلاج من الإصابة بالفيروس.
وتقدم الكثير من الولايات والشركات والمنظمات المختلفة حوافز للمواطنين للحصول على التطعيم.
وتشرك ولاية أوهايو الأشخاص متلقي اللقاح في مسابقة اليانصيب، بما يتيح لهم فرصة للفوز بمبلغ مليون دولار، ودفع ذلك إلى ارتفاع معدل التطعيم في ولاية أوهايو، حيث ارتفع بنسبة 55% بين الشباب في الأيام التي تلت الكشف عن البرنامج.
من جهة أخرى، وافقت هيئة الدواء والأغذية الأميركية قبل أسبوعين على السماح بتلقيح الفتيان والفتيات ممن تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عاما، في الوقت الذي تجري فيه مزيدا من التجارب على الأطفال الأصغر سنا.
ويتزامن ذلك مع بدء العودة الآمنة إلى أماكن العمل والمدارس والمطاعم، وزادت أعداد المسافرين جوا، بعد أكثر من عام من إغلاق وإجراءات احترازية غيّرت شكل الحياة اليومية الأميركية.
المعركة لم تنته بعد
على الرغم من الالتزام الواسع بتدابير السلامة مثل الاستمرار في ارتداء أقنعة الوجه (الكمامات) والتباعد الاجتماعي، فقد بلغ متوسط الإصابات بالفيروس أقل من 30 ألف حالة جديدة يوميا خلال الأسبوع الجاري.
ويرى البعض أن هذه المعدلات تمثل نجاحا عند مقارنتها بمعدلات الإصابة اليومية خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي التي تراوحت بين 200 ألف و250 ألف شخص، في حين يعتبرها البعض دليلا على أن الصراع مع الفيروس سيستمر لشهور مقبلة.
ورغم ارتفاع معدلات التطعيم بصفة عامة، تعاني الولايات الجنوبية من تدني معدلات متلقي اللقاح وسط مواطنيها. وتكشف بيانات جامعة جون هوبكنز أن الولايات المعروفة بتصويتها الواسع لصالح الحزب الجمهوري مثل ولايات مسيسيبي وألاباما ولويزيانا وأركنساس، تعد من أقل الولايات من حيث معدلات التطعيم.
كما تحذر بعض التقارير من أن ظهور أشكال جديدة من الفيروس أشد عدوى، فضلا عن عودة ظهور حالات الإصابة بالعدوى في بعض أجزاء من الغرب الأوسط، يثير مخاوف لا يعرف الأطباء كل تداعياتها بعد.
وقال جيسون فورمان، الخبير الاقتصادي في جامعة هارفارد والرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين التابع للرئيس السابق باراك أوباما، في حديث مع الإذاعة الوطنية، "لم ينته تفشي الفيروس بعد، ولا يجب أن تخاطر الولايات المتحدة بالاعتقاد بأننا هزمنا فيروس كورونا، ومن ثم نحزم حقائبنا ونمضي قدما".