ومع دخول مرحلة التعافي، يتكشف الدور البطولي الذي لعبه سائقو التاكسي في إسبانيا، وهو ما مكن من إنقاذ حياة أعداد هائلة من المرضى والأطباء على حد سواء.
ففي شوارع مدريد الخالية، صار سائقو سيّارات الأجرة ينقلون الأطبّاء مجانا من بيت إلى آخر أو يوصلون المرضى إلى المستشفيات، وتُساعد رحلاتهم المجّانية أطباء الخطّ الأول في مكافحة فيروس كورونا المستجدّ.
ورغم أنّ دور هؤلاء السائقين بقي مجهولاً إلى حدّ كبير، فإنّ العاملين الصحّيين يعتبرون أنّه بات أساسيّاً في جهود مقاومة الوباء الذي أودى بنحو 25 ألف شخص في البلاد.
وفي مدريد، أكثر مناطق البلاد تضرّراً، تطوّع ما يزيد على خمسمئة سائق أجرة عبر تطبيق "بايد تاكسي" وأجروا أكثر من مئة ألف رحلة مجّانية.
سائق الأجرة غابي سايث واحد من هؤلاء الجنود، وقد أمضى الأسابيع الستّة الأخيرة خلف المقود. ويقول "يُنبّهني التطبيق عندما يحتاجون إلى مساعدة، وإذا كنتُ الأقرب إلى المكان، أتوجّه إليه".
رغم المخاطر، يقول إنّه ليس خائفاً بل شديد الحذر، إذ يضع دائما كمامة وقفازات ويعقّم السيارة بعناية عقب كلّ رحلة.
ويضيف السائق البطل "في هذه الأوقات، علينا جميعا المساهمة حتى وإن كان ما يمكننا القيام به محدودا".
ونتيجة توفير خدمات النقل المجّاني في 266 مركزا صحّياً بالمنطقة، تمكّنت الأطقم الطبّية من زيارة مرضى في منازلهم لتخفيف الضغط على المؤسسات الصحّية.
ويقول أندريس فيغا رئيس "بايد تاكسي" إن المراكز الصحّية تطلب سيارة أجرة لزيارة كبار السنّ ومَن يحتاجون علاجا والمصابين بكوفيد-19.
وتقوم الفكرة على خفض عدد الأشخاص الذين يذهبون إلى المراكز الصحّية، حتى لا يُصابوا بالعدوى أو ينقلوها إلى الطواقم الطبّية.
ويضيف فيغا "قد يُجري سائق سيّارة أجرة عشر رحلات أو عشرين رحلة في اليوم لأطقم طبّية. وعوض أن يذهب المرضى إلى المراكز الصحّية، يزورهم أطبّاء أو ممرّضون".
ويتابع "ساهم ذلك بشكل كبير في وقف انتشار الفيروس، والمساعدة على احتوائه وحماية العاملين في قطاع الصحّة من العدوى".
من ناحيتها، تقول الممرضة سارة ديل كارمن فينسنتي "بالنسبة إليّ، دورهم ضروري للغاية".
وتضيف "يأخذونك إلى منازل الناس، ينتظرونك ثم ينقلونك إلى وجهتك المقبلة. إنهم دائما في الخدمة، موجودون دائما والبسمة تعلو وجوههم".
وتتابع "يسألون دائما عن حالنا، عن وضعنا النفسيّ وحال المرضى، وإن كان الوضع يتحسّن، كما لو كانوا جزءا من عائلتك".
وانتشرت في مواقع التواصل بكثافة مقاطع فيديو لأطباء وممرضين يحيّون سائقي سيارات أجرة على عملهم، ويظهر سائقون يبكون عندما تحيّيهم الأطقم الطبّية عند وصولهم إلى المراكز الطبّية.
ويعود السائق سايث -الذي تعمل زوجته أيضا بنفس المهنة- ليقول "كان من المحزن رؤية العاملين الصحيين ينهارون".
ويختم بالقول "بالنسبة إليّ، هؤلاء الأطباء والممرضون أبطال، لذلك يجب أن نحاول تهدئتهم ودعمهم".

