(الشرق الأوسط)
بعد نحو عام ونصف العام من تتبع أعداد حالات الإصابة بفيروس «كورونا»، بدأ علماء الأوبئة في تحويل تركيزهم إلى اتخاذ إجراءات للتكيف مع المرحلة التالية من تفشي الوباء، المتمثلة في التعايش مع الفيروس.
وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أنه مع قيام الدول الغنية بإعطاء اللقاحات المضادة لـ«كورونا» لنسب متزايدة من سكانها، أضحت الصلة بين أعداد الإصابات والوفيات تتضاءل، ما يجعل التركيز الآن ينصب على «تعلم كيفية التعايش مع الفيروس»، لتفادي عمليات الإغلاق الضارة بالاقتصادات.
وقالت جينيفر نوزو، عالمة أوبئة في مركز معلومات فيروس «كورونا» بجامعة «جونز هوبكنز»، إن «ما علينا الآن هو مراقبة بيانات الإصابات مقارنة بالوفيات». وكان الارتفاع في حالات الإصابات في أوروبا والولايات المتحدة ينعكس في ارتفاع في الوفيات، إلا أن التوسع في حملات التطعيم وفاعلية اللقاحات غيَرت هذه المعادلة.
لكن خبراء منظمة الصحة العالمية ينوهون بضرورة مراقبة الوضع في حال انتشار الفيروس بصورة أكبر بين الأطفال والشباب ممن لم يحصلوا على اللقاح، وما إذا كان ذلك سيؤدي إلى عودة الصلة بين الإصابات والوفيات، أو حتى دخول المستشفيات. وأكدوا أن الاختبار الحقيقي سيكون ما إذا كانت حالات الإيداع في المستشفيات وحالات الوفاة ستظل منخفضة، وفي هذه الحالة سيبدأ مرض «كوفيد - 19» في الظهور بدرجة أقل من كونه جائحة غير قابلة للسيطرة عليها، وسيصبح أشبه بمرض موسمي مثل «الإنفلونزا».
وازدادت في الآونة الأخيرة الدعوات من مسؤولين في الغرب بضرورة الإعداد للتعايش مع فيروس «كورونا»، وكان آخرهم وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، الذي قال أمام البرلمان الأسبوع الماضي: «نهدف إلى التعايش مع هذا الفيروس مثلما نفعل مع الإنفلونزا».
وفي هذا السياق، تقول نوزو، عالمة الأوبئة، إن المقارنة مع حجم تأثير الإنفلونزا الموسمية «أمر مناسب». وتضيف: «ماذا نفعل مع الإنفلونزا؟ هل نغلق المدارس في موسم الإنفلونزا العادي؟».
ومع ذلك، يبقى مسؤولو الصحة في الكثير من دول العالم يركزون على أعداد الإصابات. وفي الصين وتايوان، ورغم تصفير الإصابات الجديدة تقريباً، فإن نقص اللقاحات يعني أنه حتى التفشي البسيط للمرض يجب التعامل معه على أنه تهديد كبير.