اختتمت أمس فعاليات النسخة الأولى من "منتدى قطر الاقتصادي"، الذي عُقد عبر تقنية الاتصال المرئي، أيام 21 و22 و23 من يونيو/حزيران الجاري، ودارت نقاشات اليوم الأخير حول التعليم وتمكين النساء والأطفال حول العالم في أعقاب الإغلاق العالمي منذ 16 شهرا.
واختلفت وجهات النظر، في جلسة حول مدى تأثير فيروس كورونا على حياة النساء حول العالم. ودارت جلسة "خطة عمل للقيادات النسائية" حول تأثير الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انتشار الفيروس على النساء بشكل أسوأ من الرجال، وكيف قضت الأزمة على فرص عملهن، وزادت أعباء العمل غير مدفوع الأجر.
حضر الجلسة كل من وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، والشيخة هند بنت حمد آل ثاني نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وعرضت كل منهما تجربتها الخاصة في أعقاب الإغلاق الوبائي العالمي.
أشارت كلينتون بوضوح إلى عدة آثار اقتصادية واجتماعية، وكيف كان العبء مضاعفا على النساء بسبب خسارتهن مصادر الدخل لأسرهن، كما وجدن أنفسهن مطالبات بأداء دور المعلمة لأطفالهن، والممرضة لذويهن، ومن ناحية أخرى مثلن النسبة الأكبر من المحاربين في الخطوط الأولى بمجال الرعاية الصحية، وبالنهاية وجدن أنفسهن معرضات بشكل متزايد للعنف المنزلي.
ورأت أن كل تلك العوامل الضاغطة لن تؤدي إلا لنتيجة محتومة وهي تجريف طبقة العاملات، وهي الحقيقة التي يجب أن تدركها الحكومات ورجال الأعمال والمنظمات غير الربحية، لفهم ضريبة التمييز التي تتحملها ملايين النساء حول العالم، لوضع حلول مناسبة لهن ضمن خطط المجتمعات للتعافي من تأثيرات الوباء.
وأعربت كلينتون أيضا عن قلقها من أعداد الفتيات اللواتي تسربن من التعليم خلال فترة الإغلاق العالمي، فبعضهن يُجبرن على الزواج المبكر والأخريات يبحثن عن عمل لمساعدة ذويهن، لأن التعليم الإلكتروني ليس سهلا على الجميع "ونعلم كم أنه من المرهق توفير متطلباته في دول كثيرة" وأضافت أن دولة قطر قدمت بالفعل نموذجا استثنائيا في جعل عملية التعليم أكثر تشابكا وفاعلية خلال فترة الوباء.
وقدمت الشيخة هند رؤيتها لوضع النساء خلال شهور الوباء كأم ورئيس مجلس لإدارة مؤسسة "علِّم لأجل قطر" فهي تعمل على تعويض ما فقده أطفالها خلال فترة إغلاق المدارس، وفهم مدى تأثر الحالة النفسية للطفل ببيئة المدرسة، وكيف يمكن للتنمر والعنصرية في المدارس أن يحرما الأطفال من بيئة صالحة للتعلم والتربية.
ولاحظت أنها كأم لم تعد تفكر في المدرسة كمؤسسة تعليمية فقط، يقضي فيها الأطفال نهارهم، ولكن كبيئة موازية للأسرة، ومرتبطة ومؤثرة في "شكل الأسرة الصالحة التي نسعى لها" وهكذا تسعى شيخة هند من خلال مؤسسة "علِّم لأجل قطر" إلى تعليم الأطفال أهمية العطاء وأداء الواجبات تجاه المجتمع قبل التفكير في كيفية استغلاله، وإعادة فهم مصطلح الاقتصاد الناجح في دولة قطر، بأنه النجاح الذي يعتمد على ما تقدمه للمجتمع، وليس بكم المال الذي تجنيه.
من جانب آخر، بدأ الاهتمام بمستقبل التعليم في جلسة "تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) والاقتصاد" للتنويه عن الإجراءات الدولية المتخذة لضمان سير العملية التعليمية من المنازل، بعد عام من إغلاق المدارس.
وقد افتتح وكيل وزارة التعليم العالي القطري دكتور إبراهيم النعيمي الجلسة بما حققته الوزارة خلال فترة الإغلاق العالمي، ومدى اهتمام الدولة بالتعليم القائم على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) ممثلا بأكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا، والتي تبدأ من المرحلة الثانوية، وتهدف إلى إعداد الطلاب الراغبين في الحصول على تعليم متخصص في مجالات (STEM) عامة، ومجالات الهندسة وعلوم الحاسوب وعلوم الطب الحيوي خاصة، كما تتيح للطلاب التعاون في مشاريع بحثية مع الكليات والمعاهد الأكاديمية ومؤسسات صناعية بمختلف أنحاء الدولة.
وأشار النعيمي لوجود عدة معامل للطلاب القطريين، في مجالات تستهدف مواكبة احتياجات المستقبل، مثل: أتمتة المعلومات، الروبوت، تقنية الواقع الافتراضي، تطبيقات الهاتف المحمول، ترميز البيانات، ويضم كل تخصص نحو 204 طلاب، بانتظار التخرج العام القادم، والانضمام إلى الجامعات العلمية داخل الدولة.
وأكد أيضا على مكاسب الدولة من الاستثمار في التعليم، والاهتمام بميزة التخصص منذ سن صغيرة، ضمن خطة أكبر تهدف إلى تخصيص المناهج بكل المدارس القطرية لتصبح بمثابة جامعات متخصصة بمجالات (STEM) وإدخال مناهج التعليم الدولية إلى قطر، وهي الخطة التي لن تكتمل سوى بتأهيل كل من الأولاد والفتيات بنفس الدرجة والكفاءة.
وقد أجمع الحضور على أنه لو كان لانتشار فيروس كورونا "كوفيد-19" (Covid-19) أية جوانب إيجابية، فهي قليلة جدا، وجميعها يتمحور حول استخدام المعلمين للتقنيات الحديثة للتواصل مع الطلاب وابتكار طرق جديدة لضمان سير العملية التعليمية بنجاح.
ومن جانبه قال غريغ موريست، عميد ونائب رئيس جامعة "كورنيل. تك" (Cornell Tech) إنه وفي الوقت الذي فرض فيه الفيروس حظرا على الحياة الاجتماعية وكل أشكال التواصل المباشر، رفع الحظر الذي كان قائما على النساء اللواتي يعملن على ترميز البيانات، فيما يبدو أن الفيروس قد خلف مجتمعا أكثر مرونة لمشاركة النساء.
وأكد موريست حاجة هيئات التعليم حول العالم إلى مزيد من تشبيك العلاقات بينها، من أجل العمل على "تخريج دفعات من الشباب القادرين على حل مشاكل عالمنا الحالية" وعدم التراجع عن الخطوات التي أحرزتها النساء في مجالات التكنولوجيا، والتي لن تؤتى ثمارها لو لم تضمن لهن الحكومات بيئات عمل داعمة ومرنة.
المصدر: الجزيرة