(الخليج أونلاين)
مع كل يوم يستمر فيه انتشار فيروس كورونا في العالم، تظهر سلالات متحورة جديدة تنتشر بشكل أكثر من النسخة القديمة منه، وتكون أشد فتكاً وتسبباً للوفاة، وهو ما يدفع حكومات الدول إلى اتخاد إجراءات احترازية جديدة للتصدي للمرض، والإسراع في إعطاء اللقاحات.
ومنذ ظهور الفيروس التاجي في الصين، أواخر ديسمبر 2019، ظهرت 9 متحورات كبرى، واعتمدت منظمة الصحة العالمية رمزاً لكل متحور، وحمل البريطاني رمز "ألفا"، والجنوب أفريقي "بيتا"، والهندي "دلتا"، فيما برز مؤخراً الحديث حول "دلتا بلس".
دول الخليج العربي كان لها نصيب من السلالات المتحورة من فيروس كورونا، حيث وصلت إليها السلالات الهندية، والبريطانية، والجنوب أفريقية، وجميعها سلالات سريعة الانتشار والعدوى، وفقاً لأبحاث علمية وتأكيدات طبية.
وأعلنت البحرين، أواخر مايو، رصد السلالة الهندية على أراضيها، قبل أن تعلن الكويت وسلطنة عُمان رصدها، منتصف يونيو، في حين أعلنت وزارة الصحة الإماراتية أن سلالات "بيتا"و"دلتا" و"ألفا" المتحورة من فيروس كورونا هي الأكثر انتشاراً في الإمارات حالياً.
وتسببت تلك السلالات في ارتفاع حالات الوفاة في الإمارات، وفق ما أعلنته المتحدثة الرسمية باسم الوزارة فريدة الحوسني، إضافة إلى عدم الالتزام بالتدابير الوقائية والتخوف من اللقاحات.
وحول أكثر السلالات انتشاراً بالإمارات قالت الحوسني: "بناء على نظام التقصي الجيني للسلالات في الدولة، السلالة الأكثر شيوعا هي سلالة (بيتا) بنسبة 39.2%، تليها (دلتا) بنسبة 33.9%، وأخيراً سلالة (ألفا) بنسبة 11.3%".
وإلى جانب الحوسني أكد مسؤول كويتي أن المنظومة الصحية في الخليح تشهد حالة غير مسبوقة من تفشي سلالة "دلتا" المتحورة عن فيروس كورونا المستجد.
وأوضح رئيس اللجنة الكويتية الاستشارية لمواجهة كورونا، د. خالد الجار الله، أن المصارحة في وصف الحالة الوبائية "ليست ترويعاً"، مؤكداً أن هناك تفشياً حاداً لسلالة "دلتا" في كثير من الدول.
سلالة "دلتا"
تؤكد منظمة الصحة العالمية أن "جميع الفيروسات، ومن ضمن ذلك (سارس-كوف-2)، تتغير بمرور الوقت، وهذا يؤدي إلى ظهور متحورات جديدة معظمها ليس له تأثير من ناحية الصحة العامة".
وتعد "دلتا" السلالة الهندية الأكثر انتشاراً في دول الخليج، وبدأت بالتحور بعد أن تعرضت لتحورين رئيسيين في الجزء الخارجي من الفيروس "الشوكة" الذي يلتحم بالخلايا البشرية.
واكتشفت السلالة الهندية لأول مرة حسب منظمة الصحة العالمية لأول مرة في الهند، في ديسمبر الماضي، رغم التعرف على نسخة سابقة، في أكتوبر 2020.
وصنفت منظمة الصحة العالمية السلالة الهندية بأنها "سلالة مثيرة للقلق" جنباً إلى جنب مع سلالات أخرى تم اكتشافها لأول مرة في بريطانيا والبرازيل وجنوب أفريقيا.
وأظهرت بعض الدراسات الأولية أن النسخة الهندية أسرع انتشاراً، حيث رصدت في 96 دولة، وفق آخر إحصائيات منظمة الصحة العالمية.
ويحتوى متغير "دلتا" على العديد من الطفرات المفاجئة التي تزيد من قابليته للانتقال ومقاومته للأجسام المضادة المعادلة وربما اللقاحات.
"دلتا بلس"
وتصاعد الحديث في الأيام الأخيرة عن السلالة المتحورة عن "دلتا"، في إشارة إلى "دلتا بلس"، التي تنتقل بشكل أسرع، ما قد يجعلها سبباً في تفشٍّ جديد واسع النطاق، لذلك قد تكون هذه السلالة سبباً في إغلاق عالمي جديد.
وتخترق سلالة "دلتا بلس" جسم الإنسان بسهولة، وقد تكون مقاومة للأجسام المضادة وحيدة النسيلة. ولا يزال الخبراء حذرين جداً في تقييم هذه السلالة الفرعية للفيروس التاجي المستجد.
وتختلف "دلتا بلس" الهندية عن سلالة "ووهان" الصينية بأربع متغيرات أساسية؛ في "بروتين S"، ما يساعد الفيروس على اختراق الخلايا البشرية بسهولة. أي إن "دلتا بلس" هي "دلتا" مع طفرة إضافية "K417N"، وفق مجلة "فيستي. رو" الروسية.
سلالة "ألفا"
اكتشفت السلالة البريطانية في جنوب شرقي بريطانيا، في ديسمبر الماضي، وهي سريعة الانتشار ومرتبطة بارتفاع نسبة الوفيات في المملكة المتحدة.
وتؤكد الأبحاث العلمية البريطانية أن سلالة "ألفا" انتشارها أكثر من الفيروس الأصلي بنسبة 50% إلى 70%، ولم تتضح الأسباب البيولوجية، لكن الشكوك تتركز على الطفرة "إن 501 واي".
وللسلالة البريطانية أعراض شديدة، وفق مسح أجراه مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني بالشراكة مع جامعتي "أكسفورد" و"مانشستر"، ومنظمة الصحة العامة بإنجلترا، و"ويلكوم ترست" وهي مؤسسة خيرية للبحوث الطبية مقرها العاصمة لندن.
ومن أبزر أعراض تلك السلالة السعال، والتهاب الحلق، والتعب، وألم العضلات.
سلالة "بيتا"
ظهرت السلالة الجنوب أفريقية "بيتا" في أكتوبر الماضي، ولديها تغييرات أكثر أهمية في بروتين نتوءات (التاج) المحيط بالفيروس، وهي من أكثر طفرات الفيروس الحالية خطراً؛ لكونها قادرة على تجنب الأجسام المضادة التي تستهدف السلالات الأقدم من فيروس كورونا.
وأظهرت الأبحاث أن السلالة الجنوب أفريقية قللت جزئياً من حماية الأجيال الحالية من اللقاحات.
وظهرت أول العينات من سلالة "بيتا" في جنوب أفريقيا، في مايو 2020، وظهرت في عدد من دول الخليج.
أعراض جديدة
المختص في العلوم الطبية والأحياء الدقيقة سامي خويطر، يؤكد أن السلالات الجديدة على فيروس كورونا هي تغييرات جينية نتيجة حدوث إصابات متعددة وكثيفة في نفس المجتمع، ما يؤدي إلى ظهور طفرات جينية جديدة.
وللسلالات الجديدة، حسب حديث خويطر لـ"الخليج أونلاين"، أعراض جديدة مختلفة عن الفيروس القديم، حيث تتسبب بظهور بقعة حمراء على البطن، مع زيادة شديدة في الأعراض من شخص لشخص، خاصة التسبب في ضيق بالنفس.
وتعد السلالة الهندية، كما يؤكد خويطر، الأكثر انتشاراً ورعباً في العالم؛ بسبب أعداد الوفيات العالية الذي تسببت فيه بالهند، مع الأعراض الشديدة التي تصاحبها.
وتعود الأسباب إلى انتشار السلالة الهندية وتسببها بأعداد الوفيات العالية، وفق خويطر، إلى الإهمال الصحي من قبل السلطات الهندية التي انتشرت بها السلالة في الإجراءات الصحية، إضافة إلى التعداد السكاني الكبير، وانشغال الحكومة الهندية في انتخابات سياسية.
وتسببت جميع هذه العوامل، وفق خويطر، في انتشار السلالة الهندية بشكل كبير في العالم، ودول الخليج العربي التي بها وافدون هنود بأعداد عالية جداً.
وحول اللقاحات وقدرتها على التخفيف من آثار السلالات الجديدة، يوضح أن اللقاحات المتاحة تقضي على المتحورات الجديدة، خاصة لقاح "فايزر"، الذي أثبت نجاعته بنسبة 90% في أقل المجتمعات.
تجدر الإشارة إلى أن عدد إصابات كورونا حول العالم وصل إلى 183 مليوناً و592 ألفاً و64 حالة مؤكدة، منها 168 مليوناً و33 ألفاً و651 متعافياً، إضافة إلى 3 ملايين و974 ألفاً و309 حالات وفاة، بحسب موقع "وورلد ميترز" المتخصص برصد كل ما يتعلق بالوباء.