(فاطمة سلامة / موقع العهد الإخباري)
لم يكد لبنان يلتقط أنفاسه مسجّلًا خلال الفترة الأخيرة انخفاضًا ملحوظًا بعداد الإصابات، حتى أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حمد حسن عن تسجيل 9 إصابات وافدة من متحوّر "دلتا". الإعلان المذكور لم يكن مفاجئا لدى أهل العلم والإختصاص، فسُرعة انتشار متحوّر "دلتا" في عشرات الدول حول العالم تشي بأن لبنان ليس في مأمن. الجهود الجبارة التي تبذلها وزارة الصحة ليست كافية بطبيعة الحال لمنع الإصابات طالما أنّ جهات أخرى يجب أن تقوم بواجباتها في هذا الصدد للحد من انتشار العدوى. كل مواطن يجب أن يكون خفيرًا، وطالما أنّ هناك إصابة واحدة بفيروس كورونا حول العالم، فالمطلوب الإلتزام بالإجراءات الوقائية بعيدًا عن الإستهتار. تمامًا كما المطلوب من المعنيين التشدد قدر الإمكان للعبور بالتحدي الجديد بأقل الخسائر الممكنة.
ومن المعروف أنّ جميع الفيروسات تتحوّر بشكل طبيعي مع مرور الوقت، فمنذ أن تم التعرف على "كوفيد 19"، ظهرت آلاف الطفرات عليه. متحوّر "دلتا" أو ما يُعرف بالسلالة الهندية هي الطفرة الأشد عدوى حتى الآن حيث انتشرت في دول عديدة عبر العالم ووجدت أرضًا خصبة لها في بريطانيا والبرازيل بعد الهند البلد الأم لهذه السلالة ما يحتّم على البلدان مواجهة التحدي الجديد بالكثير من التدابير الوقائية والاحترازية. فهل يتخذ لبنان التدابير اللازمة؟ ما خصائص متحوّر "دلتا"؟ هل نحن أمام موجة ثالثة من "كورونا"؟ وهل يساعد اللقاح على الوقاية من المتحوّر الطارئ على لبنان؟.
الحسن: هذه الإجراءات التي نتّخذها في المطار
لدى سؤال رئيس مطار بيروت الدولي المهندس فادي الحسن عن التدابير في مطار بيروت الدولي خصوصًا أمام القادمين من البلدان الموبوءة بمتحوّر "دلتا"، يوضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ مطار بيروت يتّخذ منذ فترة الإجراءات اللازمة للقادمين من الهند، بريطانيا والبرازيل. على القادمين من بريطانيا الحجر في الفندق لأربع ليال، الا اذا كانوا قد تلقوا اللقاح أو تعرضوا سابقًا للإصابة بكورونا. الأمر ذاته ينطبق ـ وفق الحسن ـ على القادمين من البرازيل. وفي ما يتعلّق بالقادمين من الهند، فنلزمهم بالبقاء 14 يوما في الخارج قبل القدوم الى لبنان.
عراجي: هذه المرّة لن نقدر على المواجهة كما واجهنا في السابق
لا يبدو رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي مطمئنًا. يخشى في حديث لموقعنا أن تتفشى الإصابات وتمتلئ المستشفيات، ولكن هذه المرّة لا نقدر على المواجهة كما واجهنا في السابق. هذه المرة لا أموال ولا تجهيزات. الأدوية مفقودة وثمة نقص في الطاقم التمريضي والطبي بعد أن هاجر العديد من الممرضين والأطباء الى الخارج.
يؤكّد عراجي أنّ رصد إصابات "دلتا" في لبنان لم يكن أمرًا مستغربًا بعد أن رُصدت هذه النسخة في 98 دولة في العالم، ووسط توقعات بقدوم العديد من المسافرين من الخارج خاصة أنهم لم يتمكنوا العام الماضي من القدوم الى لبنان. وعليه، يرى عراجي أنّ هناك كمية كبيرة من المغتربين ستعود ما يمهّد الأرضية لنقل العدوى.
للإلتزام بالتدابير الوقائية
لكن النقطة الأساسية اليوم ـ يقول عراجي ـ هي كيف نحد من انتشار متحوّر "دلتا" في لبنان. هنا التحدي الأساسي. لغاية اليوم هناك 9 حالات وربما يكون هناك أكثر لأنّ الفيروس ينتشر بسرعة كبيرة. لذلك فالكمامة هي السبيل لحمايتنا. يشدّد عراجي على ضرورة الإلتزام بوضع الكمامة حتى لمن تلقى اللقاح. الأخير قد يلتقط الفيروس ولا يُصاب به بشكل عنيف لكن قد ينقل العدوى لغيره، وهنا تكمن الخطورة. وفق عراجي، فإنّ الإلتزام بالتدابير الوقائية من كمامات وتباعد اجتماعي هو أمر مهم جدّا، داعيًا للابتعاد عن الاجتماعات في المنازل.
المصاب بـ"دلتا" قد ينقل العدوى لـ 13 شخصًا
هل نحن أمام موجة ثالثة؟ يجيب عراجي:" نخشى من سرعة انتشار الفيروس، فالشخص الواحد قادر على نقل العدوى الى عدد كبير من الناس. المصاب قد ينقل العدوى لـ 13 شخصًا". الخطورة في "دلتا" أنه أكثر عدوى من المتحور البريطاني بنسبة 60 بالمئة. لذلك فإن الأهم يكمن في التزام الناس بالإجراءات الوقائية للوصول الى مناعة عالية للحد من انتشار الفيروس، بالتوازي مع ضرورة الالتزام والتسجيل على المنصة لأخذ اللقاح. للأسف، نسبة التسجيل على المنصة بلغت فقط 35 بالمئة بينما المطلوب أخذ اللقاح لحماية أنفسنا ومن حولنا، فبريطانيا ورغم تلقي عشرات الملايين اللقاح شهدت إصابات بمتحوّر "دلتا" لكن معظم الإصابات لم تتطلّب دخول مستشفى.
الأبيض: "اللقاء العابر" كفيل بنقل العدوى
مدير مستشفى رفيق الحريري الحكومي الدكتور فراس الأبيض يوضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ متحوّر "دلتا" يختلف عن الطفرات السابقة في أنّه أكثر عدوى. فلنتذكر ـ يقول الأبيض ـ كيف كان الجلوس لعشر دقائق في السابق كفيل بنقل العدوى الى الآخرين، أما اليوم مع متحوّر "دلتا" فاللقاء العابر كفيل بنقل العدوى، ما يعني أنّ قدرة المتحوّر على الانتقال توازي مرة ونصف تقريبًا قدرة المتحوّر البريطاني، وقدرة الأخير أيضًا توازي مرة ونصف قدرة المتحوّر الأول. هل عوارض متحوّر "دلتا" أشد من السابق؟ يقول الأبيض:" ثمة نقاش اليوم حول ما اذا كانت العدوى بمتحوّر "دلتا" أشد من السابق أم بالمستوى نفسه، إلا أنّ الأمر الأساسي والواضح الذي بيّنته الأرقام أنّه أشد عدوى".
اللقاحات تحمي بنسبة عالية تصل حد الـ90 بالمئة
ويلفت الأبيض الى العدوى الشديدة التي تستدعي دخول المريض الى العناية المركزة حيث بينت الدراسات أنّه حتى مع متحور "دلتا" فإنّ اللقاحات ـ خاصة اذا ما أخذ المريض الجرعتين ـ تحمي بنسبة عالية تصل حد الـ90 بالمئة. أما بالنسبة لالتقاط العدوى، فقد يكون الشخص ـ وفق الأبيض ـ قد تلقى اللقاح ولكن هذا لا يمنع من التقاطه عدوى خفيفة، وهنا يقول الأبيض:" لدينا 2 من العاملين في المستشفى أصيبوا بـ"دلتا" ولكن عوارضهم أتت خفيفة". إلا أنّ الأبيض يلفت الى أنّ الخوف الأساسي يبقى من العدوى الشديدة التي تتطلّب دخول مستشفى أو تؤدي الى الوفاة، كما أنّ الأرقام تبين أن نسبة تصل الى الـ20 بالمئة لديها عدوى "كوفيد الطويلة". وفق الأبيض، الأفضل مع "كوفيد 19" أن لا يلتقط الشخص العدوى لأن لا ضمانة اذا ما كانت لدينا العدوى الشديدة أن لا نصاب بالعدوى الطويلة.
أمام هذا الواقع، يشدّد الأبيض على ضرورة الإسراع بحملة اللقاحات، داعيًا الى الالتزام بالإجراءات الوقائية خصوصًا أنّ نسبة الذين تلقوا الجرعتين في لبنان تبلغ 10 بالمئة فقط. وعليه لا بد من الحذر، يختم الأبيض.