(موقع العهد الإخباري)
لا يبدو أنّ المواجهة مع فيروس "كورونا" ستنتهي في القريب القادم. كل المؤشرات توحي بأنّ الوصول الى عالم خال من "كورونا" مسألة صعبة. بروز متحورات عدّة بين الفترة والأخرى يجعل المهمّة صعبة جدًا. فما إن كاد العالم يلتقط أنفاسه بعد أكثر من عام على المواجهة مع فيروس خبيث بكل ما للكلمة من معنى، ظهر متحوّر "ألفا" في بريطانيا، وبعده متحوّر "دلتا" في الهند. الأخير نشر عدواه في عشرات الدول حول العالم بما فيها لبنان. ومؤخرًا، برز متحوّر آخر على الساحة "الكورونية" يطلق عليه اسم "لامبدا". 70% من الإصابات بفيروس كورونا سجّلت بهذا المحتوّر في كل من تشيلي والأرجنتين.
كل هذه الإصابات تأتي بالتوازي مع حملة تلقيح عالمية لمواجهة "كورونا" انطلقت قبل أشهر عدّة. في لبنان بذل وزير الصحة الدكتور حمد حسن جهودًا جبارة لإنجاح حملة "التلقيح" رغم كل محاولات التشويش التي خاضها البعض لعرقلة مسار الحملة والتي كان آخرها فبركة إشاعات حول تلقي مواطنين لقاحاً في البترون مصنوعاً من "الماء والملح" بدلًا من "فايزر".
البزري: جرعتا لقاح من "فايزر" و"استرازينيكا" يؤمنان مناعة تفوق الـ70 بالمئة ضد المتحورات
وفيما تشجّع وزارة الصحة المواطنين على أخذ اللقاحات لتحقيق المناعة المجتمعية، يسأل كثر عن جدوى اللقاحات في مواجهة المتحوّرات وما اذا كانت تُحصّن من الإصابة بكورونا. وفي هذا السياق، يؤكّد رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ المتحوّرات الأساسية التي تهمنا في لبنان هي متحور "دلتا" الهندي و"ألفا" البريطاني، لافتًا الى أنّ المعلومات الواردة في العالم تؤكّد فعالية لقاحي "فايزر" و"استرازينيكا" ضد هذين المتحورين. وبحسب البزري، فإنّ الدراسة التي صدرت في مجلة "نيو انغلاند" -والتي هي من أهم مجلات الرأي في الطب بالعالم- أكّدت أنّ هناك نوعًا من الفعالية الجيدة التي يؤمنها لقاحا "فايزر" و"استرازينيكا" اذا ما أعطيا بجرعتين. وفق الدراسة، فإنّ المناعة تكون أقل بعد الجرعة الواحدة، أما في حال توافرت الجرعتان فالمناعة تفوق الـ70 بالمئة.
فعالية اللقاحات قد تكون عالية جدًا ضد الإصابة الشديدة
لكنّ الأهم -برأي البزري- أنّ الفعالية ليست بالضرورة ضد حدوث الإصابة، بل تكون عالية جدًا ضد الإصابة الشديدة أو الخطيرة. في لبنان رأينا إصابات لحالات أخذت جرعتين وأصيبت وكانت لأشخاص في أعمار متقدمة بالسن ولديهم أمراض مزمنة ولكن إصابتهم كانت خفيفة. إلا أنّ البزري يستطرد بالإشارة الى أنّ هذا لا يمنع أن يحصل الاختراق في الطب وبالتالي قد يصاب شخص لديه مناعة عالية ويتعرض لـ"الدلتا" وأحيانًا قد تكون إصابته شديدة.
يُطمئن البزري أنّ اللقاحات التي نستخدمها فاعلة وجيدة، لكن هذا لا يمنع من القيام بواجبنا في اتخاذ الحيطة والحذر والتي تبدأ بالتصرف الداخلي. وهنا يوضح البزري أنّ البعض يسارع الى إلقاء اللوم على مطار بيروت. لا شك أنّ متحور "دلتا" دخل عبر المطار، وكذلك متحوّر "ألفا" وهذا ما يحصل في كل دول العالم حيث يتم استيراد المتحوّر من الخارج تمامًا كما تمّ استيراد "كورونا". وعليه، يشدّد البزري على ضرورة أن نكون حذرين ونبتعد عن التراخي في الإجراءات خاصة في أماكن الازدحام لأنّ الإصابات بدأت ترتفع مؤخرًا، مع الإشارة الى أنّه لا يزال بإمكاننا احتواء الوضع الذي لا يشكّل حاليًا خطرًا على القطاع الصحي الذي يعاني اليوم من نقص في الموارد البشرية كما يعاني من نقص في الموارد الصحية العلاجية والتشخيصية والخدمات الأساسية التحتية. لذلك المطلوب التنبه والحذر وأن نكون جديين للتعامل مع هذا الملف خاصة مع فصل الصيف الذي يجب أن نحافظ على حركته السياحية بموازاة حماية المواطنين وحماية ما تبقى من إدارات الدولة.
وحول أرقام من تلقوا اللقاحات في لبنان، يلفت البزري الى أنّ ثمة مليوني مقيم مسجل على المنصة. مليون بالحد الأدنى أخذوا الجرعة الأولى. أما في ما يتعلّق بالنسبة، فيوضح البزري أنّه ولكي نحتسب النسبة يجب أن تكون القاعدة السكانية دقيقة وفي لبنان لا يوجد احصاءات دقيقة. في الماضي سرنا على قاعدة 6.8 مليون مواطن، أما اليوم فقد برزت مؤشرات وبيانات تبين أنّ عدد المواطنين المقيمين وغير المقيمين أقل من ذلك وتبلغ حوالى 5 مليون.
إقبال أكثر على التلقيح بعد بروز متحور "دلتا"
ويشدّد البزري على أنّه وبعد بروز متحور "دلتا" في لبنان، شهدت حملة التلقيح إقبالًا أكثر، اذ بات لدى المواطن قناعة أن اللقاح ضروري للحماية. وفق قناعات البزري، يجب أن يكون الحل مركّبًا سواء لناحية الالتزام بالتدابير الوقائية، أخذ اللقاح، المراقبة من قبل وزارة الصحة، الترصد الوبائي ومتابعة الحالات فضلًا عن التشخيص والعلاج.
وفيما يُشجّع البزري على ضرورة تلقّي اللقاح، يلفت الى أنّه حصل بعض التأخير ببعض الكميات الموعودة من اللقاح من قبل شركة "فايزر" لكن الشركة وعدت أن تصدّر للبنان الكميات خلال أسابيع ونحن بانتظار إيفاء الشركة بتعهداتها، بعدما كنا موعودين أن يصل الينا نحو مليون الى مليون و200 ألف جرعة في تموز وآب وأيلول.