راجانا حمية - صحيفة الاخبار
للمرة الأولى منذ بضعة أشهرٍ، يتخطى عداد الإصابات بفيروس كورونا عتبة الألف. فبعد هدوء نسبي طويل نسبياً، عاود العداد نشاطه مسجلاً خلال عطلة نهاية الأسبوع 1185 إصابة (844 أول من أمس و341 أمس). ليست تلك الأرقام عابرة، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار نسبة إيجابية الفحوص التي انتقلت من 0.8 في المئة قبل أسبوعين لتسجّل أمس 4.6 في المئة، وتخرج بذلك من خانة "الطبيعي".
منذ أسبوعٍ تقريباً، يسير العداد تصاعدياً، ولو ببطء. ينذر هذا المسير بأن البلاد مقبلة على مرحلة جديدة من الإصابة بالفيروس. وفي هذا السياق، يشير رئيس اللجنة الوطنية للقاح، الدكتور عبد الرحمن البزري، إلى أن لبنان على عتبة موجة جديدة، يختصر أسبابها بثلاثة: فتح البلاد دفعة واحدة و"استيراد" المتحور الجديد عبر مطار بيروت، وثالث الأسباب ما يتعلق بالمتحور نفسه الذي يسجّل سرعة انتشار عالية مقارنة بالمتحورات السابقة. لكل تلك الأسباب، يحذّر البزري من الوصول سريعاً إلى ذروة الموجة الجديدة... ما لم تفعل الماراتونات اللقاحية مفعولها.
لا تقديرات اليوم حول موعد الوصول نحو الذروة الجديدة، وإن كان البعض يشير إلى أنها "باتت قريبة". هذا ما يقوله المسؤول عن فحوص الـPCR في مطار بيروت الدولي، الدكتور فادي عبد الساتر. هذا التخوف مبني على الأرقام وما تبينه في مختبرات الجامعة اللبنانية وغيرها من المختبرات التي تجرى فيها الفحوص. بالنسبة لعبد الساتر ما يثير القلق هو أن الأرقام الرسمية التي تصدر في عداد الإصابات لا تعبّر عن الواقع، إذ إن "الأعداد المصابة أكثر من ذلك بكثير"، لوجود نسبة لا بأس بها ممن لا يجرون الفحوص لأسباب منها "أن لا وجود لعوارض لديهم، بالإضافة إلى بعض الذين تلقوا اللقاحات والذين أصيبوا ويمكن أن يكونوا قد نقلوا العدوى إلى غيرهم".
لكل هذه الأسباب، الأرقام ليست حاسمة. ويستند عبد الساتر في ذلك إلى نسبة إيجابية الفحوص التي تسجّل في بعض المختبرات "بين 15 و20 في المئة"، وهذه تنذر "باحتمال انفجار الأرقام في فترة من الفترات". ويسترجع هنا ما جرى مثلاً خلال عطلة نهاية الأسبوع، مشيراً إلى أن "الأعداد الإيجابية التي سجّلت على متن عددٍ من الطائرات نهار السبت وحده كانت بحدود 116 إصابة، منها ثمانون إصابة من بلدٍ واحد و25 إصابة كانت على متن طائرة واحدة"! الخوف ليس من تلك الأرقام بحد ذاتها "وإنما مما خلفته، سواء باختلاط من يحملون الفيروس بالأصحاء في الطائرة أو بعائلاتهم عقب وصولهم". ماذا يعني رقم 25؟ يشير عبد الساتر إلى أن هذا الرقم وحده لا يعني شيئاً، ولكن يصبح ذا معنى "عندما نحتسب أعداد المخالطين".
وهذا يعني أيضاً أن "المخالطين لهؤلاء باتوا أشبه بقنابل موقوتة". من هنا، فإن "الذروة آتية"، مدللاً على نسبة إيجابية الفحوص العالية في بعض الأماكن "واللي كانت بتشبه يللي كنت عم شوفو وقت المتحور البريطاني". يجزم عبد الساتر بأن "السيناريو نفسه"، وإن كان التعويل هنا على نسبة من تلقوا اللقاح ومن اكتسبوا مناعة. لا يعني ذلك أن "الأمور تمام"، فثمة تحديان هنا: أولهما أن الإصابات لم تعد "مستوردة"، على ما يقول البزري، وقد باتت محلية، وهو "ما يخيف أكثر"، وثانيهما ما قد يجلبه هذا الانتشار المحلي من تبعات على الواقع الاستشفائي. ولئن كانت حتى هذه اللحظة، لا تزال أعداد المرضى الذين يحتاجون للاستشفاء بحدود المئة، خصوصاً أن "الذين يحضرون إلى طوارئ المستشفيات اليوم لا يحتاج غالبيتهم إلى الاستشفاء"، إلا أن الخوف من انتشار الفيروس كما في المتحور السابق، وعندها "لن تكون هناك قدرة للجهاز الطبي والاستشفائي على المواجهة، ليس لأنهم لا يعرفون التعامل مع الفيروس وإنما لأنهم يفتقدون هذه المرة الأدوات اللازمة للمواجهة من المعدات والمستلزمات الطبية إلى غيرها من الأمور وصولاً إلى مادة المحروقات".
إلى ذلك، يعوّل البزري على "الماراتونات" التي تجريها وزارة الصحة وتحسن إقبال الناس على التلقيح. وفي هذا السياق، يدعو إلى تسريع عملية التلقيح، مشيراً إلى أنه خلال اليومين الماضيين، وصل ما يقرب من 600 ألف جرعة من لقاح فايزر "ممكن الاستفادة منها بسرعة". ويلفت إلى أن اللجنة العلمية في وزارة الصحة العامة أوصت بـ"دعوة" من هم فوق الخمسين عاماً وكانوا قد تسجلوا على المنصة لتلقي اللقاح، وكذلك إعطاء اللقاحات لمن تسجلوا قبل الأول من آذار بغض النظر عن أعمارهم، خصوصاً أن هناك ما يقرب من مليون مسجل على المنصة لم تتم دعوتهم لتلقي اللقاح حتى الآن.