الوكالة الوطنية للإعلام
واصل عداد كورونا تسجيل أرقام مرتفعة في الاصابات في الايام الاخيرة، ليقفز الى 844 إصابة جديدة، توزعت بين 803 محلية و41 وافدة، ما يشير إلى أن متحور دلتا ينتشر وإن ببطء في لبنان، وخصوصا مع ارتفاع الاصابات بين الوافدين عبر مطار بيروت. وفي ظل التخوف من موجة جديدة يصعب على واقعنا الاستشفائي مواجهتها في ظل التردي الكبير في الاوضاع الاقتصادية مع الارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار، فقد بدأت ترتفع الأصوات بضرورة اتخاذ اجراءات وتدابير وقائية اضافية للحد من التفشي ومواجهة أي موجة محتملة، بالاضافة الى توسيع حملات التطعيم باللقاحات المضادة لكورونا.
وفي هذا الاطار شرح عضو لجنة كورونا، مدير "المركز الوطني لجودة الدواء والغذاء والماء" في الجامعة اللبنانية، عضو اللجنة العلمية الفنية في وزارة الصحة وأحد مؤسسي وحدة معالجة الازمات في الجامعة اللبنانية البروفسور نزيه بو شاهين الذي يحمل شهادة دكتوراه دولة في طب جراحة الصدر والشرايين"، أن "أرقام المصابين بكورونا بدأت ترتفع في الفترة الاخيرة مع بدء فصل الصيف، إذ تبين أن أكثرية الاصابات الجديدة الآخذة في الارتفاع هي من المتحور دلتا الذي اصبح مشهورا بسرعة انتشاره. وفي الايام الاخيرة اصبحت اعداد الاصابات بين المقيمين اكثر بكثير من الوافدين، وهذا يؤشر بالاضافة الى ارتفاع نسبة الفحوص الايجابية لتصل الى 4,4 في المئة، والى ارتفاع اعداد الذين ادخلوا المستشفيات والعناية الفائقة ومنهم من تم وضعه على آلات التنفس الاصطناعي، بالاضافة الى عدم التزام معايير الوقاية من تباعد ولبس كمامات الى الاستهتار بكل شروط الحماية".
وقال:" كل هذه العوامل ساهمت بتفشي الفيروس وظهور موجة جديدة من الجائحة. كما أن اكثر المصابين هم من الفئات العمرية الشابة. أما فئات الاعمار الكبيرة والتي اخذت اللقاح أكان جرعة أم جرعتين، فتتمتع بحصانة وحماية من الاصابة الشديدة التي تؤدي عادة الى دخول المستشفى. فهؤلاء الملقحين اذا ما اصيبوا مرة ثانية تكون الاعراض خفيفة مثل الزكام ولا تتطلب دخول مستشفى. هذا ما يفسر اليوم الاصابات الاكثر عند الفئات الشبابية التي لم تأخذ بعد اللقاح".
أضاف: "لذلك وفي ظل تسلم لبنان كميات كبيرة من اللقاحين فايزر واسترازينيكا، نحو 350 الف فايزر و14625 استرازينيكا، جميع الذين لم يأخذوا اللقاح مدعوون اليوم وبجدية كبيرة الى المسارعة لتلقيه وحماية الذات. أما طلاب الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة فقد بدأوا حملة التلقيح الخاصة بهم بحيث ان يأخذوا الجرعة الثانية في ايلول ويكونوا على استعداد للعام الدراسي حضوريا".
ولفت البروفسور بو شاهين الى أنه "مع بداية الخريف من المتوقع ان يبدأ موسم امراض الرشح والانفلونزا، واعراضهم شبيهة باعراض متحور دلتا، وعندها سيصعب التصدي للموجة المقبلة من الجائحة بسبب انهاك الطواقم الطبية والتمريضية، والتي سافر قسم كبير منها للخارج. اضافة الى أن المستشفيات تعاني من نقص في الادوية والمستلزمات الطبية والمازوت، مع الانهيار الكبير الذي يشهده سعر الصرف. والعبء الاكبر سيقع على المواطن بالتأكيد، الذي لن يكون بامكانه تحمل نفقات وفروقات الفاتورة الصحية وكلفتها الباهظة في هذا الظرف، ناهيك عن فقدان الادوية من الصيدليات والاسواق بدءا من البنادول وغيره من الادوية".
وتابع: لذلك فإن المطلوب هو الآتي: التزام متطلبات الوقاية وعدم الاستهتار بتطبيق الارشادات الطبية، الاسراع في التسجيل واخذ اللقاح، فكل اللقاحات آمنة وتحمي من الفيروس، ويبقى اللقاح الافضل المتوفر والاحسن كلما أسرعنا بأخذه. مع العلم ان نسبة المسجلين على المنصة وعددهم نحو المليونين ونيف أي نسبة 31 في المئة يعتبر رقما متدنيا بالنسبة الى عدد القاطنين، من لبنانيين واجانب وخصوصا أن الوصول الى المناعة المجتمعية يجب ان نصل الى تلقيح 70 في المئة من عدد السكان. وحتى اليوم من اخذ الجرعة الاولى يقارب عددهم مليون ونيف، أي 24,4 في المئة، والجرعة الثانية 795417 أي 16,7 في المئة، وحتى اذا اخذنا في الاعتبار الذين اصيبوا بالكورونا وعددهم المثبت حوالي 550 الفا فلديهم مناعة نسبية موقتة".
أضاف: "لنضف إلى هذا العدد من اصيب ولم يتم تسجيله، نفس العدد ليصبح مليون نسمة، لنجد اننا لم نقترب بعد بشكل كاف من مرحلة المناعة المجتمعية، وبالتالي على مجتمعنا مسؤولية كبيرة في الحفاظ على انفسنا، والنجاة من هذه الجائحة وخصوصا أن المجتمعات التي لديها نسبة تلقيح قليلة، من المحتمل أن تصبح مصدر التحورات الجديدة للفيروس.
وللأسف على الطريق متحورات أشرس وأخطر، مثل لامبدا من البيرو الذي انتشر في اكثر من 30 بلدا منها بريطانيا، وابسيلون من كاليفورنيا، وهما يعتبران اشرس من دلتا لجهة مقاومتهما للقاحات ولجهاز المناعة. وقد أظهرت دراسة أجرتها السلطات الصحية في إنكلترا ونشرت نتائجها السبت (22 أيار 2021) أن لقاحي بيونتيك/فايزر وأسترازينيكا/أوكسفورد المضادين لفيروس كورونا فعالان ضد النسخة الهندية المتحورة من هذا الفيروس بنفس نسبة فعاليتهما تقريبا ضد النسخة الإنكليزية المتحورة منه".
وتابع: "وفقا للدراسة التي أجرتها وكالة "الصحة العامة في إنكلترا" بين 5 نيسان و16 أيار فإن لقاح يونتيك وفايزر وفر بعد أسبوعين من تلقي الجرعة الثانية فعالية بنسبة 88% ضد المتحور الهندي المصحوب بأعراض وبنسبة 93% ضد المتحور الإنكليزي المصحوب بأعراض.في المقابل فإن فعالية لقاح أسترازينيكا/أوكسفورد بلغت بعد أسبوعين من تلقي الجرعة الثانية 60% ضد المتحور الهندي المصحوب بأعراض و66% ضد المتحور الإنكليزي المصحوب بأعراض".
سلالة دلتا تغير أعراض فيروس كورونا، حيث أظهرت البيانات الصحية أن الأعراض الأكثر شيوعًا لمرض كوفيد-19 الآن ربما تغيرت عن تلك الأعراض التقليدية لفيروس كورونا، في الوقت الذي أصبحت فيه سلالة دلتا شديدة العدوى هي السائدة حاليا.
وتتواصل أعراض الحمى والسعال التي كانت دائما شائعة لكوفيد-19، فضلا عن إصابة بعض الأشخاص بالصداع والتهاب الحلق أيضا، وكذلك سيلان الأنف الذي كان عرضا نادرا لفيروس كورونا منذ بدايته وفي الوقت نفسه، أصبح فقدان حاسة الشم، الذي كان عرضا شائعا في الأصل، في المرتبة التاسعة. ويعود سبب تغير الأعراض إلى تطور الفيروس، والخصائص المختلفة (العوامل الفيروسية) لسلالة دلتا.
أكدت الدراسات التي أجراها المجلس الهندي للبحوث الطبية فعالية كل اللقاحات التي تستخدمها الهند ضد سلالة "دلتا" لفيروس كورونا، بما فيها لقاح "سبوتنيك - V" الروسي.
هذه أرقام تقريبية بناء على آخر المعطيات، وقد تتغير لاحقا:
- لقاح "أسترازينيكا-أكسفورد" (AstraZeneca- Oxford): جرعتان من لقاح أسترازينيكا يوفران حماية بمعدل فعالية 92% ضد سلالة دلتا.
- لقاح "فايزر-بيونتك" (Pfizer-BioNTech). أظهرت إحدى الدراسات الحديثة أن لقاح فايزر كان فعالا بنسبة 84% ضد سلالة دلتا بعد جرعتين، ولكنه فعال بنسبة 34% فقط بعد الجرعة الأولى، وذلك وفقا لتقرير في موقع "إن بي سي بوسطن" (nbcboston).
- لقاح مودرنا أعلنت شركة مودرنا أن دراسة جديدة أظهرت أن لقاحها أنتج أيضا حماية واعدة في بيئة معملية (في المختبر) ضد سلالة دلتا والسلالات الأخرى المنتشرة حاليا.
- لقاح "جونسون آند جونسون" (Johnson & Johnson): قال الدكتور سكوت جوتليب، المفوض السابق لإدارة الغذاء والدواء: "يبدو أن لقاح جونسون آند جونسون فعال بنسبة 60% ضد متغير دلتا".
-لقاح "كوفاكسين" (Covaxin): قالت شركة بهارات بيوتك الهندية، السبت، إن تجارب المرحلة الثالثة على لقاح كوفاكسين الذي تنتجه أظهرت أنه يوفر حماية بنسبة 65.2% من الإصابة بسلالة دلتا. كما أظهر اللقاح فعالية بنسبة 77.8% ضد الإصابة المصحوبة بأعراض.
يذكر أن هناك تقارير طبية أكدت أن السلالة المتحورة "دلتا" من فيروس كورونا المستجد قادرة على إصابة من تلقوا اللقاحات المضادة للعدوى، إلا أن الأخيرة لا تزال فعالة أمام الإصابة الشديدة بالمرض والحالات التي تتطلب رعاية في المستشفيات.
والشعار الحكيم والجيد: الوقاية هي الحل الأذكى والأوفر ماديا وصحيا. إن متحورات جديدة من فيروس كورونا بإمكانها الاستمرار بالظهور إذا تواصل انتشار الجائحة حول العالم.
وأكد علماء الأوبئة أن "احتمال دخول طفرات على الفيروس قائم كلما انتقل من كائن إلى آخر، وتتكاثر هذه الطفرات مع تسارع الانتشار". وأكدوا أن "معظم التغييرات التي شهدها فيروس كورونا لم يكن لها تأثير يُذكر على مسار الجائحة، لكن بعض الطفرات أدت لظهور متحورات جديدة تمتلك خصائص مختلفة عن الشكل الأصلي للفيروس، وهذا الأمر دفع منظمة الصحة العالمية إلى وضع تصنيفين أساسيين لتحديد المتحورات بحسب درجة خطورتها".
وبحسب العلماء يضم هذا التصنيف لغاية الآن 4 متحورات وهي:
أولا: المتحور "ألفا": الذي ظهر في بريطانيا في أيلول 2020، وقد أظهر قدرة على الانتقال أسرع من السلالة الأصلية، وأصبح يحوز في وقت قصير على أكبر نسبة من الإصابات في القارة الأوروبية.
ثانيا: المتحور "بيتا": الذي تم تحديده في جنوب أفريقيا في أيار2020، هو أكثر عدوى أيضا وقد تغلب جزئيا على الأجسام المضادة الناتجة عن الإصابات السابقة أو عن طريق التطعيم.
ثالثا: المتحور "غاما": الذي اكتشف في البرازيل، في تشرين الثاني 2020، وهو يحمل نفس الطفرة مشابها لمتحور "بيتا" مما سمح له من التفلت من بعض الأجسام المضادة.
رابعا: المتحور "دلتا": الذي يقلق السلطات الصحية في عدد كبير من بلدان العالم حاليا، خصوصا لأنه أظهر قدرة على الانتقال أسرع من المتحور "ألفا". وهذا المتحور صنف على أنه مثير للقلق في 11 أيار2021، وهو يحتل حاليا ما نسبته 30% من مجمل إصابات كورونا في فرنسا، وفقا لتصريح المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابرييل أتال.
أما التصنيف الثاني فهو "المتحورات المثيرة للاهتمام"، وتضع فيه منظمة الصحة المتحورات التي أظهرت أنها تسبب "الانتقال المجتمعي للعدوى أو إذا تم اكتشافها في بلدان متعددة"، أو حسب معايير أخرى.
يضم هذا التصنيف حتى الآن 7 متحورات، يحوز اثنان منهما "إبسيلون" و"لامدا"، على اهتمام أكبر بعد نشر دراسات جديدة ترجح أنهما "مثيران للقلق". فوفقا لدراسة جديدة نشرتها "American Association for the Advancement of Science"، أظهر متحور "إبسيلون" الذي اكتشف في كاليفورنيا الأميركية، قدرة التغلب على الأجسام المضادة التي تنتجها لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال (مثل "فايزر" و"موديرنا")، كما مقاومة الأجسام المضادة التي تنتجها إصابة سابقة من فيروس كورونا.
أما المتحور "لامدا"، فقد بدأ بإقلاق المسؤولين في أميركا اللاتينية ويحير العلماء بسبب مجموعة طفرات "غير عادية". يذكر أن هذا المتحور ظهر في البيرو وقد سجل في 27 دولة، ولم تغير منظمة الصحة تصنيفها بشأن هذين المتحورين حتى الآن، إذ لا يزالان ضمن خانة "المثيرة للاهتمام" ولم ترفع لخانة "المثيرة للقلق".
تجدر الإشارة إلى أن منظمة الصحة ارتأت في أواخر أيار أن تعطي المتحورات أسماء من الأبجدية اليونانية، لمنع تداول تسميات قد تحمل طابعا سلبيا للبلد الذي يظهر فيه المتحور.