(180 درجة)
قبل أن يسمع العالم إعلاناً رسمياً صادراً عن منظمة الصحة العالمية، بإكتشاف لقاح لفيروس كورونا، تعارك البشرية هذا الفيروس التاجي، وسط عداد لأرقام الضحايا والمصابين لا يهدأ. في هذه الأثناء، يستمر الأخذ والرد حول الأدوية التي يمكن أن تحد من خطورة المرض.
تبين الإحصاءات أن 82% من حالات الإصابة بفيروس (كوفيد- 19) خفيفة إلى متوسطة وأحياناً تمر بلا أعراض وتتعافى بشكل جيد وأن هناك 18% من المرضى يعانون اعراضًا صعبة وخطيرة، ويموت منهم بين 2 إلى 3%. أما الأشخاص الأكثر عرضة لتفاقم حالتهم، فهم مرضى السكري والقلب والرئة (التنفس) والقصور الكلوي وضعف المناعة والضغط والسرطان وكبار السن. تكمن أهمية العلاج في مساعدة ذوي الحالات الجدية ومنع مرضهم من التفاقم.
لم تثبت التجارب والأبحاث حتى تاريخه، وجود ترياق أو دواء سحري، يقتل الفيروس ويقضي على المرض، والدليل استمرار الجائحة والعدد الكبير من المصابين والوفيات خاصة في أوروبا واميركا.
ثمة ورشة عالمية لا تهدأ. الأطباء والمستشفيات ومراكز الأبحاث وشركات الدواء تجتهد ـ استناداً للمعطيات عن الفيروس والأعراض السريرية ـ في إعطاء أدوية متاحة لعلاج المرض والحد من خطورته. لا تقديرات زمنية دقيقة بشأن السقف الزمني الذي يمكن أن يتم خلاله التوصل إلى لقاح، لكن يجري الحديث عن مهلة لا تقل عن سنة أو سنة وستة أشهر بالحد الآدنى ومهلة سنوات بالحد الأقصى، من دون إستبعاد إحتمال عدم التوصل إلى لقاح، وهذه ليست المرة الأولى، إذ أن العديد من الفيروسات تعذر في العقود الأخيرة (نموذج فيروس نقصان المناعة) التوصل إلى لقاح لها، لكن جرى، في المقابل، التوصل إلى أدوية تحد من خطورة حالات المصابين، والأهم هو التكيف الإجتماعي، مع الفيروس بحذ ذاته، وهذه مهمة قد تصبح أساسية على جدول أعمال الكرة الأرضية في المرحلة المقبلة، ما يعني أن كل النظام الإقتصادي والإجتماعي الذي كان يحكم العلاقات الإجتماعية طوال عقود من الزمن، سيكون عرضة للتغير، بهدف الحد من إنتشار الفيروس، لا القضاء عليه.
ومن أجل فهم آلية عمل الفيروس الذي يصيب الجهاز التنفسي أساساً، فقد ثبُت علمياً أنه يتسلل إلى خلايا الرئتين وتحديدًا إلى الحويصلات الهوائية alveolar cells حيث يتم تزويد الدم الوارد من الجسم بالاوكسجين اللازم وإعادته، وهنا تتثبت نتوءات الفيروس الخارجية بمستقبلات ACE2 receptor على سطح الخلايا ومنها تتسرب إلى داخل الخلايا وتبدأ عملية النمو والتكاثر والتوسع والفتك بالخلايا السليمة.
يستثير الاجتياح الفيروسي الغريب والضار الخلايا المناعية، التي تقوم برد مناعي أولي وغير مبرمج ضد هذا العدو الفيروسي المجهول بالنسبة لها . هذه المعركة المناعية الحادة تفرز مواداً تؤدي إلى ما يسمى “عصف السيتوكين”، والتي بدورها تسبب إلتهاباً مناعياً حاداً من أعراضه الحمى الشديدة والسعال الشديد وضيق النفس الحاد والذي ينطبق على الحالات الجدية، مما يسبب:
1ـ اجهاد التنفس والقلب بزيادة عملهم للتعويض عن نقص الأوكسجين.
2- الاختناق الخلوي لخلايا الجسم لعدم تزودها بالطاقة.
3- الرد المناعي الأولي العنيف الذي يؤثر سلباً ويفاقم الالتهاب.
4- الرد المناعي المبرمج يتم خلال أيام من المرض، أي انتاج مضادات متخصصة antibodies ضد الفيروس والذي تنتجه خلايا المناعة المختصة بناء على المعلومات التي ترسلها المناعة الأولية.
بناء على هذا الفهم للمرض، تُقترح الأدوية للعلاج ومنها:
1- hydroxychloroquine ، إضافة إلى كونه مضاداً للملاريا، يستعمل طبياً لمعالجة بعض أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمامية والتهاب المفاصل الرثوي، وهذه الفاعلية المميزة دفعت الأطباء لاستعماله في علاج الفيروس الذي يسبب رداً مناعياً ذاتياً. ويساعد الدواء في منع تثبت الفيروس بخلايا الجسم والحد من تكاثره. وحسب بروتوكول العلاج، يضاف اليه دواء ثان هو azythromycin، وهو مضاد حيوي واسع الطيف يستخدم لعلاج الالتهابات الرئوية غير النمطية ويعطي نتائج ايجابية. حتى الآن، لا يمكن القول بوجود تقييم علمي موحد لنتائج هذا الدواء.
2 – المجموعة العلاجية الثانية هي مضادات فيروسيه تعالج فيروس السيدا Ritonavir- Lopinavir ويحد استعمالها من نمو وتكاثر الفيروس.
3- الدواء الثالث هو Remdesivir وهو مضاد لفيروس الايبولا وسبق أن استعمل في علاج فيروس MERS في العام 2013 واثبت فعالية في الحد من نمو وتكاثر الفيروس.
4- دواء الإنترفيرون و يستعمل في علاج أمراض فيروسية وامراض مناعية، النوع الجديد منه Interferon Alfa-2B من انتاج كوبا، وهو فعال في إضعاف نمو الفيروس وتحسين مناعة الجسم.
إعتمدت منظمة الصحة العالمية المجموعات الأربع، وأطلقت في 8 نيسان/ابريل مشروعاً أسمته Solidarity، وهو بحث عالمي ضخم تشارك فيه الكثير من الدول ويعالج بواسطته آلاف المرضى عبر اعطاء العلاجات الأربعة على شكل خليط لمجموعات من المرضى، وتدرس فعاليته، ويتم تبادل المعلومات بشأنها عبر وزارات الصحة ومكاتب المنظمة الإقليمية ومركزها الرئيسي.
كما ان هناك أدوية أخرى مقترحة مثل دواء Favipiravir هو مضاد للإنفلونزا تقترحه اليابان للعلاج. كذلك تجري تجارب على أنواع مختلفة من الأدوية تستخدم لعلاج أمراض المناعة الذاتية ودرس فعاليتها ضد الفيروس المستجد.
من العلاجات الجاري بحثها، سحب البلازما من أشخاص تعافوا من المرض، على اعتبار ان دمهم يحتوي على مضادات للفيروس Antibodies وحقنها للمرضى لمساعدتهم على مقاومة الفيروس.
ومن العلاجات المضافة، استعمال مسيلات الدم لان تشريح جثث متوفين بالفيروس اثبت وجود جلطات دموية في أعضاء الجسم سببها الفيروس، لذلك يوصى بإعطاء مسيلات الدم للمرضى بالمستشفى حسب حالتهم.