توصلت دراسة جديدة إلى أنه من غير المرجح أن تعمل اللقاحات الفموية مع الأشخاص في البلدان منخفضة الدخل لأن اضطراب الأمعاء الشائع في هذه الدول يضر بالاستجابة المناعية في الأمعاء.
ودرس الباحثون في بيتسبرغ اضطرابا في القناة الهضمية في الفئران المصابة بهذا الاضطراب، تم تطوير عدد أقل من خلايا الجهاز المناعي الخاصة باللقاح في الأمعاء الدقيقة بمقدار 18 مرة مقارنة بالفئران السليمة.
وتشير النتائج إلى أن اللقاحات الفموية لـ"كوفيد-19" وأمراض أخرى قد تكون غير فعالة في نفس البلدان التي قد تجد هذه اللقاحات مفيدة للغاية من الناحية اللوجيستية.
ولكن مع تحسين الصرف الصحي والمضادات الحيوية، يمكن تحسين فعالية اللقاح.
ونظرا لأن متغير "دلتا'' الهندي يعيث فوضى في جميع أنحاء العالم، دعا خبراء الصحة العامة إلى إتاحة لقاحات "كوفيد-19" بسهولة أكبر خارج الدول الغنية.
وللمساعدة في هذا الجهد، يعمل بعض العلماء على لقاحات عن طريق الفم. وبدأت شركة Oravax Medical الإسرائيلية تجارب سريرية على أحد هذه اللقاحات هذا الصيف.
وفي الولايات المتحدة، تقدمت شركة التكنولوجيا الحيوية Vaxart بطلب للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء على لقاحها الفموي.
وتعد اللقاحات الفموية مفيدة بشكل خاص في البلدان منخفضة الدخل التي تفتقر إلى عاملين مدربين في مجال الرعاية الصحية والموارد الأخرى اللازمة لحملات التطعيم الجماعية القائمة على الإبر.
لكن دراسة جديدة توضح سبب عدم عمل هذا النوع من اللقاح بشكل جيد للأشخاص الذين يعيشون في نفس البلدان التي هي في أمس الحاجة إلى هذه التكنولوجيا.
ووجد الباحثون في جامعة بيتسبرغ أن اضطراب الأمعاء الشائع في البلدان منخفضة الدخل يعيق قدرة الجهاز المناعي على الاستجابة للقاحات الفموية.
وبالنسبة للدراسة، التي نُشرت يوم الثلاثاء في مجلة Immunity، ركز الفريق على حالة تسمى الخلل المعوي البيئي (EED)، الناجم عن سوء التغذية والغذاء والماء الملوثين.
وغالبا ما يحدث الخلل المعوي البيئي في المناطق التي تعاني من سوء الصرف الصحي. وتؤدي العدوى من أنظمة الطعام والمياه الملوثة، جنبا إلى جنب مع سوء التغذية، إلى التهاب الأمعاء وتلف الزغابات، وهي أجزاء متخصصة من الأمعاء تمتص العناصر الغذائية من الطعام.
وقال الدكتور تيموثي هاند، كبير مؤلفي الدراسة والأستاذ المساعد لطب الأطفال وعلم المناعة في جامعة بيتسبرغ: "يمكن أن يؤثر الخلل المعوي البيئي على أي شخص، لكنه مشكلة كبيرة لدى الأطفال لأنهم ما زالوا يتطورون".
والنتيجة هي أن الأطفال الذين يعانون من الخلل المعوي البيئي يعانون من التقزم. وينتهي بهم الأمر إلى قامة أقصر.
ولكن ربما الأهم من ذلك، أنه يمكن أن يؤثر بشكل كبير على نمو الدماغ: هؤلاء الأطفال لديهم قدرة إدراكية أقل. وهذه مشكلة تستمر مدى الحياة. ولا يمكن استعادة هذا التطور لاحقا في الحياة.
وقام هاند والباحثون الآخرون بنمذجة الخلل المعوي البيئي في الفئران من خلال إعطاء القوارض نظاما غذائيا يحتوي على عناصر غذائية محدودة، جنبا إلى جنب مع عدوى الإشريكية القولونية (E. coli).
وتسبب اضطراب القناة الهضمية في مشاكل خطيرة لجهاز المناعة لدى الفئران.
وفي الأمعاء الدقيقة للفئران المصابة بالخلل المعوي البيئي، تم تطوير خلايا الجهاز المناعي الخاصة باللقاح أقل بنحو 18 مرة مقارنة بالفئران السليمة.
كما عانت الفئران المصابة بالخلل المعوي البيئي من توقف النمو والتهاب في أمعائها وتغيرات في ميكروبيولوجيا أمعائها مقارنة بالفئران السليمة.
وأظهر المزيد من التحقيقات أن فشل الجهاز المناعي مرتبط بميكروبيوم أمعاء الفئران، البكتيريا والفطريات والكائنات الدقيقة الأخرى التي تعيش في الجهاز الهضمي.
وتسببت عدوى الخلل المعوي البيئي في التهاب أحشاء الفئران، ما أدى إلى تراكم الخلايا التائية التنظيمية (أو Treg).
وقال هاند: "تنشأ خلايا Treg بسبب وجود الكثير من الالتهابات وتساعد في تهدئة هذا الالتهاب. لكن لسوء الحظ، من الآثار الجانبية أنها تمنع التراكم المحلي لخلايا CD4 + T الخاصة باللقاح".
واستخدم الباحثون المضادات الحيوية لعلاج بكتيريا أمعاء الفئران. وبعد هذا العلاج، كانت اللقاحات أكثر فعالية، ما يشير إلى أن العلاجات المماثلة قد تعمل مع البشر.
وأوضح هاند: "ما يسبب هذه العدوى المزمنة هو أن الناس إما يشربون المياه الملوثة أو أن الذباب ينقل الأمراض من الصرف الصحي إلى موائد الطعام".