موفع العهد الإخباري
بعدما تنفّس لبنان الصعداء لأشهر قليلة، عاد عداد الإصابات بفيروس كورونا الى الارتفاع بوتيرة تستدعي القلق. قدرة المتحور "دلتا" على العدوى تُنبئ بالعودة الى مرحلة الانتشار في حال بقي الاستخفاف بالإجراءات الوقائية سيّد الموقف. إلا أنّ العودة "المشؤومة" -في حال حصلت- تُنذر بكارثة تنتظر لبنان اذا ما بقيت الأوضاع على ما هي عليه. في السابق عندما شهد لبنان ارتفاعًا في أعداد الإصابات والحالات التي تستدعي دخول غرف العناية الفائقة تمكّن من المواجهة. كانت الأوضاع لا تزال "مقبولة". أما اليوم فالسؤال الأبرز: هل تقوى المستشفيات على المواجهة وهي تواجه نقصًا في المستلزمات الطبية والأدوية والأسوأ من ذلك تواجه تهديدًا بانقطاع التيار الكهربائي نتيجة انقطاع مادة المازوت؟
خوري: لسنا في وضع مريح.. ونتوقّع أن ترتفع الإصابات أواخر أيلول
مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية النائب السابق الدكتور وليد خوري يوضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ ارتفاع الإصابات كان متوقعًا منذ بدء تفشي متحور "دلتا" على اعتبار أن الأخير يساهم في ارتفاع الإصابات أكثر من سابقه، أضف الى ذلك أننا في أجواء فصل الصيف وعودة المغتربين ما يزيد من نسبة الإصابات. لكن خوري يرى أنّ الخوف ليس الآن بل لاحقًا. ثمّة هواجس من أن ترتفع الإصابات ونعود الى ما كنا عليه في بداية العام. لا يُنكر خوري أننا نمتلك ورقة قوّة تكمن في الأشخاص الذين تلقوا اللقاح، لكن في الوقت نفسه لدينا هواجس من الوضع الاقتصادي وقضية المازوت التي تعطّل الحياة في المستشفيات بحيث لم يعد العمل صالحًا للطبابة العادية، فكيف بمرضى الكورونا؟
يؤكّد خوري أننا لسنا في وضع مريح فإيجابية الفحوص 6.9 بالمئة، ولكن في المقابل لسنا في وضع خطير كما كان قبل، مرجّحًا أن تكون الأرقام مرتفعة أواخر أيلول، متمنيًا أن لا تكون كذلك.
الأبيض: نحن في مأزق كبير جدًا
مدير مستشفى رفيق الحريري الحكومي الدكتور فراس الأبيض يلفت في حديث لموقعنا الى أنّ الوضع الكوروني في لبنان يسير منذ ثلاثة أسابيع نحو الأسوأ. وفق تقدير الأبيض، نحن في مأزق كبير جدًا من ثلاث جهات؛ أولًا أرقام كورونا تسير بتصاعد ليس بطيئا. ثانيًا لجهة وضع المستشفيات التي لم تقتصر المعاناة فيها على هجرة الأطباء والممرضين بل لم يعد فيها كهرباء، وقد بدأنا نسمع أصواتًا من المستشفيات تقول إنها لا تستطيع الاستمرار سوى لساعتين وثلاث، فكيف ستعمل المستشفيات؟ ثالثًا لجهة نسبة اللقاح التي لا تزال ضئيلة، فكمية اللقاحات التي وصلت الى البلد لا تزال دون المطلوب بدرجة كبيرة على غرار الكثير من دول العالم الثالث.
المصيبة الكبيرة التي تنتظر المستشفيات تكمن في انقطاع المازوت
ويوضح الأبيض أنه وبحسب أرقام وزارة الصحة فإنّ نسبة الذين تلقوا الجرعتين دون الـ20 بالمئة، بينما يفتك "الدلتا" ببلاد لديها نسبة تلقيح تفوق الـ50 بالمئة، إضافةً الى أننا بدأنا نسمع تحذيرات من "الدلتا بلاس" وغيره. وللأسف، نحن في زمن تسير فيه المتحورات في تطور مستمر. وهنا يعتبر الأبيض أنّ المصيبة الكبيرة التي تنتظر المستشفيات تكمن في انقطاع المازوت والكهرباء وبالتالي اذا لم نعثر على حل فقد نسمع بأناس "تأذوا" من هذا الموضوع.
وفي ما يتعلّق بإيجابية الفحوص، يلفت الأبيض الى أنّ أرقام وزارة الصحة تشير الى أنّ النسبة 7 بالمئة كمعدل على 14 يوما، إلا أننا في مستشفى الحريري مثلًا تفوق النسبة 10 بالمئة، وهذا مؤشر على أن المرض الى انتشار.
نتّجه نحو المرحلة الرابعة
ويوضح الأبيض أننا حاليًا في المرحلة الثالثة من حيث التصنيف، ولكننا للأسف على أرض الواقع قطعنا الثالثة ونتّجه نحو الرابعة، وما يقلقنا أنّ جهوزية المستشفيات وقدرتها الاستيعابية ليست كما قبل فالمستفيات أقل استعدادا.
مخباط: تأمين أدوية علاج مريض كورونا ليس سهلًا
عضو اللجنة العلمية في وزارة الصحة لمتابعة كورونا البروفيسور جاك مخباط يلفت الى أنّ أرقام الإصابات تزداد يوميًا حيث زادت نسبة إيجابية الفحوصات بشكل كبير مؤخرا، مرجحًا أن يزداد عدد الأشخاص الذين تتطلّب حالتهم دخول مستشفى بسبب هبوط في الأوكسجين أو فقدان الشهية وانخفاض السوائل في الجسم.
يُضيء مخباط على نقطة مهمّة تبيّن سلبية الوضع، فيلفت الى أنّ الأطباء والممرضين يحتاجون لعلاج مريض كورونا الى "أوكسيجين"، "مصل"، "كورتيزون"، وأدوية مسيلة للدم. هذه الأدوية الأساسية التي نحتاجها -يقول مخباط- الذي يشير الى أن المعامل ومع انقطاع مادة المازوت لا تتمكن من العمل وبالتالي لا تتمكّن من تصنيع "المصل". أما كمية الأدوية المسيّلة للدم فباتت نادرة حيث نفتّش نصف البلد حتى نعثر على علبة، فيما نتكّل على بعض الأصدقاء لتزويدنا بـ"الكورتيزون" من الخارج، وعليه فإنّ الوضع صعب، فحتى آلات "الأوكسيجين" موجودة ولكن في حال انقطعت الكهرباء لن تعمل أو بالأحرى فإنّ المستشفيات بأكملها لن تعمل من دون كهرباء.
اذا ذهبنا الى مرحلة الانتشار لا سلاح لدينا للمواجهة
ويشدّد مخباط على أنّ الوضع سابقا كان ضاغطا ولكننا كنا نعيش على احتياط الدواء واحتياط المازوت و"المصل" وعلى المساعدات الكثيرة التي أتت من الخارج. لكن اليوم للأسف نفدت هذه المساعدات والاحتياط انتهى، وبالتالي اذا ذهبنا الى مرحلة الانتشار لا سلاح لدينا للمواجهة. النقطة الوحيدة الإيجابية تكمن في تلقي 20 بالمئة من الناس جرعتي اللقاح و30 بالمئة جرعة واحدة.
ويلفت مخباط الى أنّ نسبة الأشخاص المعرّضين لإصابات خطرة قد تكون أكثر بكثير مما نتوقّع حاليًا في حال ازدادت الأرقام وارتفعت وتيرة الإصابات بشكل قوي جدًا، معربًا عن خشيته من أنّه في شهر أيلول سيكون لدينا أرقام قريبة للأرقام التي شاهدناها في شهر شباط.