(جريدة الرأي الكويتية)
أفادت إدارة الرئيس دونالد ترامب، من الشعور العام الذي انتابه التعب من الإغلاق المفروض لوقف انتشار وباء كورونا المستجد، كما أفادت من قيام عدد كبير من حكومات الولايات الأميركية، وكذلك حكومات العالم بما فيها الأكثر رزانة واتزاناً، مثل كندا، بالبدء بتخفيف قيود الحجر الصحي المفروض منذ أربعة أسابيع، فسارع البيت الأبيض لإعلان نيته حلّ الخلية، في مهلة أقصاها شهر.
ومع حلّ «خلية أزمة كورونا»، يخرج من دائرة الضوء الدكتور انتوني فاوتشي والدكتورة ديبرا بيركس، وهما من أكثر المحذرين من مغبة أن يؤدي انفتاح سريع لموجة ثانية من الوباء قد تكون أقسى من السابقة.
وسبق لترامب أن أعلن تشكيل الخلية لإعادة دفع عجلة الاقتصاد الى الدوران... وتضم ابنته ايفانكا وزوجها جارد كوشنر، إلى جانب مسؤولي الخزانة والاقتصاد. وكان لافتاً غياب نائب الرئيس مايك بنس، الذي سبق أن ترأس خلية أزمة مواجهة «كورونا».
ويبدو أن الرئيس الأميركي يسعى لمحو الفيروس والحجر الصحي الذي رافقه، من ذاكرة الأميركيين، واستبدالهما بذكريات حول إعادة تنشيط الاقتصاد، خصوصاً قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، والتي يسعى فيها للفوز بولاية رئاسية ثانية.
وفي حال تخلصت الإدارة من خلية مكافحة كورونا خلال شهر، يكون البيت الأبيض خالف توصياته نفسها التي أصدرها قبل أسبوعين، وحدد فيها مراحل تخفيف الحظر، التي كان من المفترض أن تتطلب أسابيع، وأن تنتهي أواخر أغسطس، لا أوائل يونيو.
وأثناء تفقده أحد معامل تصنيع الكمامات، بدا ترامب مستخفاً بـ«فداحة كورونا» وعدد وفياته والتي فاقت الـ 72 ألفاً من بين مليون و240 ألف إصابة، والتي يتوقع أن تبلغ 135 ألف حالة وفاة. وقال: «أنا لا أقول إن أي شيء مثالي».
وأضاف: «هل سيتأثر بعض الناس (سلباً بتخفيف القيود)؟ نعم... هل سيتأثر بعض الناس بشدة؟ نعم، لكن علينا أن نفتح بلادنا».
وأكد الرئيس الأميركي، في مقابلة مع شبكة «اي بي سي»، أنه لا يستطيع النوم في الليل، بسبب أرق تسببه له وفيات الأميركيين بالفيروس.
وتابع، في إشارة إلى الأميركيين الذين فقدوا مقرّبين «أحبكم جميعاً». ووعد بالقضاء على «كوفيد - 19»، وقال: «لدينا عدو، ويجب أن نهزمه».
ووصف الرئيس الأميركي، توقعات نظام النمذجة والتحليل الخاص بالفيروس الذي تستخدمه جامعة جونز هوبكنز وجامعة واشنطن للتنبؤ بالوفيات بـ «الخاطئة»، وفق ما أورد تلفزيون «أي بي سي».
ووسط الاندفاعة في اتجاه تخفيف قيود الحجر الصحي، طغى على النقاش الأميركي الحديث عن أهمية التوصل الى «مناعة القطيع»، والتي تتشكل بعد اصابة وشفاء غالبية السكان، ما يجعل إمكانية إصابتهم مرة ثانية - وقيامهم بنقل الفيروس الى آخرين ممن لم يصابوا - عملية متعذرة، إذ ذاك يكون الفيروس قد تلاشى، رغم أن منظمة الصحة العالمية، أكدت أن لا دلائل كافية تشير الى أن مَنْ تعافوا باتوا يتمتعون بالمناعة.
في سياق متصل، أصدرت جامعة مينيسوتا دراسة توقعت فيها أن يتطلب القضاء على «وباء كورونا» مدة تراوح بين 18 و24 شهراً، وجاء فيها أن «المناعة الجماعية ممكنة فقط بعد إصابة نحو 70 في المئة من السكان، وأن أرقام الاصابات الحالية لا تزال متدنية، وهو ما يتطلب قرابة عامين لإكمال الانتشار وإصابة ثلثي الناس».
وتابعت أن «اللقاح يبدو أنه يحتاج الى مدة مشابهة»، وهو ما يعني أن على حكومات الولايات وحكومات العالم بناء سياساتها على أساس أن الفيروس باقٍ لمدة عامين من اليوم، مع ما يعني ذلك من احتمال فرض حجر صحي وتخفيفه بين كل موجة وأخرى.
وأوضحت الدراسة أنها بحثت في تاريخ الأوبئة التي أصابت البشرية منذ العام 1700، وتوصلت إلى استنتاج مفاده بأن كل الاوبئة المشابهة «لم تتلاش قبل مهلة عامين»، خصوصاً «الانفلونزا الاسبانية»، الذي بدأ في الولايات المتحدة في العام 1918 وتلاشى في 1920.
وأشارت الدراسة الى المشاكل الرئيسية التي ترافق المرض، وتابعت أنه «بسبب فترة حضانة أطول، وانتشار أكثر من دون أعراض، يبدو أن كوفيد - 19 ينتشر بسهولة أكبر من الإنفلونزا، وهو ما يعني أن المزيد من الناس سيحتاجون إلى الإصابة بالعدوى حتى يصبحوا محصنين منها قبل أن انتهاء الوباء».
وأضافت: «بناء على أحدث أوبئة الإنفلونزا، من المرجح أن يستمر هذا التفشي من 18 إلى 24 شهراً... ومن غير المرجح أن يتم إيقافه حتى يصبح 60 الى 70 في المئة من السكان محصنين».
في فترة انتشاره، تشير الدراسة، «قد تأتي الحالات في موجات ذات ارتفاعات مختلفة (مع موجات عالية تشير إلى تأثير كبير) وعلى فترات مختلفة، وهنا نقدم ثلاث توصيات:الأولى تطلب من الولايات والأقاليم والسلطات الصحية القبلية التخطيط لسيناريو الحالة الأسوأ، بما في ذلك عدم توفر اللقاحات أو مناعة القطيع».
التوصية الثانية «تطلب من الوكالات الحكومية ومنظمات تقديم الرعاية الصحية وضع استراتيجيات لضمان الحماية الكافية للعاملين في مجال الرعاية الصحية عندما ترتفع حالات الإصابة بالمرض».
أما الثالثة، فتدعو «المسؤولين الحكوميين إلى وضع خطط ملموسة، بما في ذلك المحفزات المالية المطلوبة لإعادة تدابير الحجر للتعامل مع ذروة موجة المرض عند حدوثها».
وتختم الدراسة أنه يجب «أن تتضمن رسائل المسؤولين الحكوميين إلى الناس مفهوم أن هذا الوباء لن ينتهي قريباً، وهو ما يفرض الاستعداد لاحتمال ظهور المرض بشكل دوري على مدى العامين المقبلين».