عن صحيفة الصباح العراقية - سلام مكي
ليس التطور التقني والطبي وحده كفيلا بمواجهة أزمة كورونا، ولا حتى وجود مؤسسات صحية رصينة، تملك إمكانيات وقدرات كبيرة، قادرة على استيعاب المصابين، وتوفير العلاج للراقدين فيها من مصابين ومشتبه بهم.
بل ثمة جانب لا يقل أهمية عن الجانب الصحي هو الوعي. الوعي العام للمجتمع أو للفرد، يعد سلاحا فعّالا وقادرا على تحجيم إمكانية انتشار الفيروس بشكل أكبر، وهذا الوعي يتمثل بالالتزام بما تقرره الجهات المختصة والمسؤولة عن إدارة الأزمة، من وصايا وتعليمات وقرارات، التي تهدف بمجملها الى منع انتشار وتمدد الفيروس، لكونه من الفيروسات التي تنتقل بالعدوى وبشكل سريع.
خلية الأزمة وكما هو معلوم للجميع، أصدرت ومنذ الأيام الأول لدخول الفيروس البلاد، توصيات وقرارات أسهمت الى حد كبير في الحد من انتشار الفيروس، وكان إعلان فرض حظر التجوال هو القرار الأهم والأصعب في نفس الوقت، لما له من تداعيات اقتصادية واجتماعية على قطاعات الدولة المختلفة وعلى حياة الأفراد الخاصة، وخصوصا الكسبة والعمال الذين يحصلون على قوتهم بشكل يومي، وبالرغم من أن الجهات الأمنية قامت باتخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين لقرارات خلية الأزمة، من جانب، ومن جانب آخر ساعدت تلك الجهات بعض الحالات الإنسانية والخاصة بالتنقل والتجول، وبمجرد أن تم فتح الحظر بشكل جزئي، مع فرض شروط على من يخرج من البيت لأي سبب كان، إلا أن الكثير من المواطنين لم يلتزموا بتلك الشروط التي وضعت أصلا لصالحهم ولحمايتهم من انتقال العدوى.
إن الالتزام بتعليمات خلية الأزمة، ليس لإبراز عضلات الحكومة على شعبها، بل لحماية الشعب أولا وأخيرا، وضمان سلامتهم، لأن التعامل مع الأمر بشكل طبيعي وتجاهل مخاطر الفيروس وانتقاله عن طريق الملامسة وغيرها من الأمور بشكل سريع، يساعد ويسهل من تعرض حياة الكثيرين للخطر عبر اصابتهم بالفيروس. ولعل انعدام الوعي العام والوعي الصحي بشكل خاص، أحد أسباب عدم الالتزام بشروط الحظر الجزئي.
مسألة أخرى هي أن خلية الأزمة شددت على منع التجمعات وإقامة المناسبات، حتى أن المرجعية الدينية ومنذ بداية الأزمة، دعمت قرارات خلية الأزمة، عبر إلغاء مراسيم صلاة الجمعة وأوصت الناس بالالتزام التام بما تقرره خلية الأزمة، ولكن من دون جدوى، بل إن البعض ذهب إلى إقامة طقوس اجتماعية بشكل مطلق من دون الاكتراث بحياة الآخرين، فهناك من يقيم حفلات أعياد الميلاد وحفلات الأعراس ومراسيم العزاء ويدعو العشرات لإقامة ولائم وتجمعات لأسباب ليست ضرورية، والنتيجة أنه بمجرد انتهاء تلك المناسبات والتجمعات، تصدر الجهات الصحية المختصة أرقاما مخيفة بأعداد المصابين جراء تلك التجمعات، أغلبها لملامسين لحالة مصابة كانت موجودة ضمن التجمع.
إن انعدام الوعي وقلة الثقافة وعدم الشعور بالمسؤولية، من ضمن أسباب بقاء الفيروس منتشرا في البلد، وضمن أسباب تصاعد حالات الإصابة بشكل يومي فيه، فلو التزم الناس بيوتهم ولم يخرجوا إلا للضرورة، مع اتباع تعليمات وإرشادات خلية الأزمة، لما وصلنا الى هذا الرقم الكبير من الإصابات، ويبدو أن اللجوء الى تطبيق القانون وتشديد الإجراءات بحق المخالفين للتعليمات هو السبيل الوحيد لتحجيم انتشار الفيروس.