موقع الخليج أونلاين
مع ارتفاع كبير في عدد متلقي جرعات اللقاحات الخاصة بفيروس "كورونا" المستجد، والعودة التدريجية إلى ممارسة سكان العالم حياتهم الطبيعية التي كانوا عليها قبل انتشار الوباء، أخذ الخوف ينتشر مرة أخرى من العودة إلى الإغلاق نتيجة ظهور متحورات جديدة للفيروس.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن جميع الفيروسات، ومن ضمنها فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19)، تتغير بمرور الوقت.
معظم التغييرات هذه لها تأثير طفيف في خصائص الفيروس أو ليس لها أي تأثير فيها على الإطلاق.
ومع ذلك، فقد يؤثر بعض هذه التغيرات على خصائص الفيروس، مثل مدى سهولة انتشاره، أو درجة وخامة المرض المرتبط به، أو أداء اللقاحات أو الأدوية العلاجية أو أدوات التشخيص أو غيرها من تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية.
تقول المنظمة إنها تعكف، بالتعاون مع الشركاء وشبكات الخبراء والسلطات الوطنية والمؤسسات والباحثين، على رصد وتقييم تطور الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19.
وفي نهاية عام 2020، أدى ظهور المتحورات التي تشكل خطراً متزايداً على الصحة العامة العالمية إلى تحديد خصائص مجموعة محددة من المتحورات المثيرة للاهتمام والمتحورات المثيرة للقلق من أجل إعطاء الأولوية للرصد والبحث العالميين، وفي نهاية المطاف الاسترشاد بها في الاستجابة الجارية لجائحة كوفيد-19.
آخر ما كشفته منظمة الصحة العالمية أن متحورة جديدة من فيروس "كورونا" أطلق عليها "مو" أصبحت تحت مراقبة المنظمة.
وبحسب ما أوردت وكالة "فرانس برس"، الأربعاء (1 سبتمبر 2021)، قالت المنظمة إنها تراقب نسخة متحورة جديدة من الفيروس اسمها "مو" رُصدت للمرة الأولى بكولومبيا، في يناير الماضي.
وأضافت المنظمة في نشرتها أن النسخة المتحورة "بي.1.621" -بحسب تسميتها العلمية- تم تصنيفها في الوقت الراهن "متحورة تجب مراقبتها".
وأوضحت أن لدى هذه المتحورة طفرات يمكن أن تنطوي على خطر "هروب مناعي" (مقاومة للقاحات)، وهو ما يجعل من الضروري إجراء مزيد من الدراسات عليها لفهم خصائصها بشكل أفضل.
مثيرة للقلق
في الوقت الراهن هناك -وفقاً لمنظمة الصحة العالمية- أربع نسخ متحورة مثيرة للقلق، بينها المتحورة "ألفا" التي انتشرت حتى اليوم في 193 دولة، والمتحورة "دلتا" التي انتشرت حتى اليوم في 170 دولة، في حين هناك خمس متحورات أخرى تجب مراقبتها (منها المتحورة "مو").
ورصدت المتحورة "مو" للمرة الأولى في كولومبيا، في يناير، ومنذ ذلك الحين تم الإبلاغ عن إصابات بها في عدد من دول أمريكا اللاتينية وأوروبا.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية أنه "على الرغم من أن الانتشار العالمي للمتحورة "مو" بين الحالات المتسلسلة قد انخفض ويقل حالياً عن 0.1%، فإن انتشارها في كولومبيا (39%) والإكوادور (13%) يزيد باطراد".
طفرات خاصة
في شأن ذي صلة يقول باحثو علم الوراثة الذين يراقبون متحورات فيروس كورونا الجديدة إنهم اكتشفوا سلالة جديدة مقلقة تحمل العديد من السمات المميزة مثل السلالات الأخرى، منها "ألفا" و"بيتا" و"غاما".
وبحسب ما أوردت شبكة "سي إن إن"، الثلاثاء (31 أغسطس 2021)، أفاد الباحثون بأن المتحور الذي يراقبونه، المسمى "C.1.2"، ظهر في جميع أنحاء جنوب أفريقيا، وكذلك في سبع دول أخرى في أفريقيا، وآسيا، والمحيط الهادئ.
ومن غير المؤكد ما إذا كانت كوكبة الطفرات الخاصة بالمتحور ستجعله أكثر خطورة، ولكنه يحمل تغييرات أعطت المتحورات الأخرى زيادة في قابلية الانتقال والقدرة على التهرب من استجابة الجهاز المناعي إلى حد ما.
ويقول فريق من الباحثين يضم عالمة الفيروسات، بيني مور، من المعهد الوطني للأمراض المعدية في جنوب أفريقيا، إنه يراقب المتحور.
وكتب الفريق، في تقرير نُشر على الإنترنت كمطبوعة أولية: "نقوم حالياً بتقييم تأثير هذا المتحور على تحييد الأجسام المضادة بعد الإصابة بفيروس سارس-كوف-2، أو التطعيم ضد سارس-كوف-2 في جنوب أفريقيا".
واكتُشف هذا المتحور خلال الموجة الثالثة من الإصابات في جنوب أفريقيا، اعتباراً من مايو 2021، واكتُشف أيضاً في 7 بلدان أخرى داخل أوروبا، وآسيا، وأفريقيا، وأوقيانوسيا.
بشرى من العلماء
بشرى أطلقها علماء أمريكيون حيث أعلنوا مؤخراً تحديد جسم مضاد يمكنه تحييد جميع الطفرات المعروفة.
فقد كشف باحثون في دراسة نشرت على موقع جامعة واشنطن أنهم درسوا 43 عينة وقاموا بتحليل كيفية منع العدوى بالمتغير الأصلي لكوفيد 19، ثم تم اختبار تسعة من أقوى الأجسام المضادة، واختير أكثرها فعالية.
اتضح أن الجسم المضاد SARS2-38 يمكنه محاربة السلالات الشائعة لفيروس كورونا وهي "ألفا"، و"بيتا"، و"غاما"، و"دلتا"، و"كابا"، و"أيوتا"، بالإضافة إلى الطفرات النادرة.
كذلك، خلص الباحثون إلى أنه نظراً لوجود خطر حدوث طفرات جديدة في المستقبل، فإن هناك حاجة إلى أجسام مضادة فعالة يمكن أن تدعم مناعة الجسم بشكل مستقل وبالاقتران مع العلاج.
من جانبه، قال المؤلف الرئيسي للدراسة، مايكل إس دايموند، إنه من المرجح أن يستمر الفيروس في التطور بمرور الوقت والمكان.
وأشار إلى أن وجود أجسام مضادة فعالة ومحيدة على نطاق واسع، وتعمل بشكل فردي يمكن إقرانها لتكوين تركيبات جديدة من المرجح أن تمنع المقاومة.
في موازاة ذلك، قال دياموند، وهو أيضاً أستاذ في علم الأحياء الدقيقة الجزيئي وعلم الأمراض والمناعة، إن الجسم المضاد الذي تم تحديده معادل للغاية (بمعنى أنه يعمل بشكل جيد جداً بتركيزات منخفضة) ومعادل على نطاق واسع (بمعنى أنه يعمل ضد جميع المتغيرات).
العودة إلى الإغلاق
على الرغم من أن العلماء يستمرون بإيجاد لقاحات تصد الفيروس، فإنهم في الوقت نفسه يحذرون من أن ظهور متحور لفيروس كورونا المستجد قادر على مقاومة اللقاحات المعتمدة بالفعل هو "احتمال واقعي".
ذلك ما صرحت به المجموعة الاستشارية العلمية لحالات الطوارئ التابعة للحكومة البريطانية "Sage"، في أغسطس الماضي، وفق ما ذكرت صحيفة "غارديان" البريطانية.
وقال العضو في المجموعة، البروفيسور غراهام ميدلي، إن ظهور متحور جديد قادر على التغلب على المناعة بشكل كبير، هو بمثابة "فيروس جديد".
واعتبر ميدلي أن "الميزة" هذه المرة مع ظهور المتحورات، هو أن لدى العلماء الخبرة والمعلومات التي تؤهلهم لإنتاج لقاحات ضد هذا الفيروس بسرعة نسبية.
أما العيب، على حد قوله، فهو "أننا سنعود إلى نفس الوضع الذي كنا عليه قبل عام، اعتماداً على مدى تأثير المناعة الحالية على المتحور الجديد".
من جانبه، قال الدكتور مارك باغولين، من فريق الاستجابة الخاص بـ"كوفيد-19" في إمبريال كوليدج: "من غير المرجح أن يتفادى مثل هذا الفيروس الجديد تماماً المناعة من العدوى التي تم الوصول إليها أو اللقاحات السابقة".
وأضاف: "سنكون قادرين على الأرجح على تحديث اللقاحات الحالية لتشمل السلالة المتحورة".
وتابع: "لكن القيام بذلك قد يستغرق شهوراً، مما يعني أننا قد نحتاج إلى إعادة فرض القيود إذا كان هناك خطر كبير على الصحة العامة. سيكون مقدار القيود قراراً سياسياً، ويجب أن يكون متناسباً مع مدى مقاومة متحور الفيروس للقاحات الحالية".