موقع العهد الإخباري
رغم مرور أكثر من عام ونصف على ظهور فيروس "كورونا" في العالم، بقي الكثير من جوانبه طي الكتمان. من يتعامل مع هذا الفيروس المتحوّر يُدرك جيدًا صعوبة الإحاطة بمختلف جوانبه وصفاته، الأمر الذي يجعل مسألة القضاء عليه نهائيًا صعبة وسط النسخ المعدّلة من فترة لأخرى. وللأسف، عاد عداد الإصابات والوفيات في لبنان الى الارتفاع مؤخرًا بعدما تمكّن من استيعاب التداعيات الواسعة للموجات السابقة قدر الإمكان. تسجيل 15 حالة وفاة أمس الأربعاء لم يكن مطمئنًا خاصةً وسط الظروف الصعبة التي تعيشها المستشفيات، فكيف يبدو الوضع الكوروني؟ وهل نحن مقبلون على موجة تفشٍّ جديدة؟.
خوري: لا حل سوى بأخذ اللقاح
مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية النائب السابق الدكتور وليد خوري يرى في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ أرقام الوفيات التي سجّلت أمس كانت منتظرة. يلفت الى أن الوضع الكوروني كان "مريحًا" في بداية فصل الصيف حيث كانت الإصابات تقارب المئة في اليوم، ولكن بعد مجيء المغتربين الى لبنان بدأت الأعداد ترتفع، خصوصًا وسط تفشي متحور "دلتا" بشكل قوي. لا ينكر خوري أنّ الإيجابية الجيدة جدًا حتى الساعة تكمن في تلقيح كافة الأشخاص الذين كان من المرجّح أن يصابوا وسط مخاوف من خطورة أن تؤدي إصابتهم الى الوفاة كالذين تفوق أعمارهم السبعين عامًا، وكل من لديهم أمراض مزمنة كالسرطان. هؤلاء جميعهم تلقوا اللقاح ما انعكس على نسبة الإصابات التي كانت مقبولة في شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس قبل أن يرتفع العداد اليومي ما أدى الى دخول من هم أقل عمرًا أي في الأربعينيات الى المستشفى.
لكن خوري يلفت الى أنّ أرقام الحالات التي تتطلب دخول المستشفى حتى الساعة قليلة مقارنة بما كانت عليه من قبل. 1500 مصاب كانوا يدخلون الى العناية الفائقة، أما اليوم فلدينا 400 مصاب فقط منهم 200 تتطلّب حالتهم عناية فائقة و40 من هؤلاء يحتاجون الى أجهزة تنفس. وهنا يشير خوري الى أنّ الوضع ليس خطيرًا جدًا لكن الخوف ـ برأيه ـ يكمن في انتشار الفيروس بين من لم يتلقوا اللقاح. نسبة التلقيح حتى الساعة ليست كبيرة. وفق خوري، لدينا مليونان ونصف المليون مسجلون على المنصة من أصل 6 ملايين نسمة، بينهم مليون ونصف المليون تلقوا جرعة واحدة من اللقاح، ومليون و200 ألف تلقوا الجرعتين، ما يعني فعليًا تلقيح 30 بالمئة من الشعب اللبناني بينهم 25 بالمئة فقط تلقوا الجرعتين.
أخذ اللقاح يقلّل فرص الدخول الى المستشفى 10 مرات
ويشير خوري الى أنّ الموجة القوية التي شهدها لبنان سابقًا أحدثت مناعة بنسبة 40 بالمئة لدى الشعب اللبناني يضاف اليها مناعة 25 بالمئة لمن تلقوا اللقاح. لكن خوري يحذّر هنا من أنّ المناعة قد تنخفض لدى من لم يتلقوا اللقاح، لذلك لا حل سوى بأخذ اللقاح. وفق خوري فإنّ أخذ اللقاح يقلّل فرص الدخول الى المستشفى 10 مرات، وهذا أمر مهم جدًا. لكن خوري يستطرد بالإشارة الى أنّ 300 شخص ممّن تلقحوا جرعتي اللقاح أصيبوا بكورونا ودخلوا الى المستشفى، ومنهم سجّلت 30 حالة وفاة بمتحور "دلتا". إلا أنّ هذه الأرقام تبدو ـ وفق قناعات خوري ـ قليلة مقارنةً بالأرقام التي كانت تنتظرنا في حال لم يكن هناك حملة تلقيح فالوفيات الـ 15 كانت ستتضاعف 10 مرات ليصبح لدينا 150 حالة وفاة يوميًا.
لدينا كميات كبيرة من اللقاحات ولا نقص لدينا
بناء على ما تقدّم، يشدّد خوري على ضرورة أنّ يسارع الجميع للتسجيل على المنصة، لافتًا الى أننا نقوم بحملة تشجيعية ونؤمّن وسائل النقل في المناطق النائية التي ليس لديها الوعي الكافي للمبادرة باتجاه تلقي اللقاح. ويؤكّد خوري أن لدينا كميات كبيرة من اللقاحات ولا نقص لدينا.
يتطرّق خوري الى الفئات العمرية الصغيرة التي فُتح لها باب التلقيح، معتبرًا أنه من المهم جدًا أن تتلقى هذه الفئة اللقاح خصوصًا على أبواب المدارس كي لا تنتشر العدوى بين التلامذة، مشددًا على ضرورة أن نتحصّن، لافتًا الى أنّ وزارتي الصحة والتربية واللجان ومنها لجنة كورونا والإدارات تعمل بجهد كبير لضبط الوضع. ولا يخفي خوري أنّ الأرقام بالوتيرة التي نسير عليها مقبولة جدًا رغم أن الوضع حذر.
وفي الختام، يشدّد خوري على ضرورة أن تصل نسبة التلقيح الى 80 بالمئة من الشعب اللبناني، مكررًا دعوته للجميع لضرورة التسجيل على المنصة بعدما فتح الباب أمام كافة الأعمار لحماية أنفسهم.
مخباط: الوضع الكوروني ثابت
بدوره، خبير الأمراض الجرثومية وعضو اللجنة العلمية في وزارة الصحة لمتابعة كورونا البروفيسور جاك مخباط يعتبر أنّه ليس باستطاعتنا أن نبني أحكًاما على أعداد الوفيات التي سجّلت بناء ليوم واحد. وفق مخباط، فإنّ الوضع الكورني في لبنان ثابت هذه الأيام لأنّ الأرقام لم تزدد بسرعة ووصلنا الى مرحلة مستطيلة في التصاعد الوبائي. وعليه، لا داعيَ ـ وفق مخباط ـ للخوف الزائد.
هل من خوف مع عودة التلامذة الى المدارس؟ يجيب مخباط بالقول: " تجربة العام الماضي تبيّن أنه ورغم فتح بعض المدارس أبوابها للتعلم الحضوري لم تسجّل لدينا زيادة في الحالات لدى الأطفال. بالعكس الزيادة في الحالات كانت أكثر خارج المدرسة وليس داخلها".
لكنّ مخباط يشدّد على ضرورة التوعية لجهة الالتزام بالكمامة والتباعد الاجتماعي وأخذ اللقاح. بهذه الطريقة نتحصّن بدلًا من أن نضع الملامة على فتح المدرسة والمطار، لافتًا الى أنّ اللقاح لا يحمي مئة بالمئة لكنه أقلها يقلّل من نسب الحالات التي تتطلّب دخول مستشفى وعناية فائقة.