يخشى كثير من الألمان أن تطلب منهم الدولة سداد الديون المتراكمة بسبب جائحة كورونا، بحسب دراسة جديدة رصدت أكثر مخاوف المواطنين الألمان، فيما يُنتظر "إخراج فاتورة الديون" بعد الانتخابات البرلمانية.
تتبع الحكومة الألمانية منذ سنوات طويلة سياسة ما يعرف بـ "الصفر الأسود"، وهو ما يرمز إلى موازنة عامة متوازنة دون اللجوء إلى أخذ ديون جديدة. وكانت هذه السياسة مصدر فخر للحكومة الاتحادية لمنحها بعض المواطنين الألمان الشعور بالعيش في بلد يتمتع بسياسة مالية متينة.
لكن، ومع قدوم جائحة كورونا، اضطرت الحكومة إلى التخلي عن هذه السياسة واللجوء إلى الاقتراض ، كما لم يحدث من قبل، حيث وافق البرلمان الألماني في منتصف أبريل/ نيسان الماضي على ميزانية تكميلية لهذا العام، والتي يمكن من خلالها الحصول على قروض بقيمة قياسية وصل مجموعها إلى 240 مليار يورو، ليرتفع بذلك إجمالي ديون ألمانيا في الوقت الحالي إلى 2200 مليار يورو، وهو أيضًا أعلى مستوى للديون على الإطلاق في البلاد، ولا تلوح أي نهاية في الأفق بخصوص أخذ مزيد من الديون.
الخوف من فرض مزيد من الضرائب أو رفع قيمتها
هذا المستوى من الديون أصبح يقض مضجع المواطنين الألمان ويعمق خشيتهم من فرض مزيد من الضرائب أو الرفع من قيمتها من طرف الحكومة، حسبما أظهرت دراسة طويلة الأمد بعنوان "مخاوف الألمان في عام 2021" لشركة التأمين الألمانية "فاو بلوس إر" (V+R)، وهي إحدى أكبر شركات التأمين في ألمانيا. وخلال هذه الدراسة استجوب الباحثون في الفترة بين 25 مايو/ أيار إلى الرابع من يوليو/ تموز لهذا العام 2400 شخص ابتداء من عمر الـ14 عاما.
في المقابل يأتي الخوف من الإصابة بالأمراض الخطيرة، بما في ذلك عدوى كورونا، فقط في المرتبة 14 على مقياس مخاوف الألمان بنسبة 35 في المائة. ولم يشكل ذلك مفاجأة بالنسبة لمديرة الدراسة رومشتيدت التي قالت في مقابلة مع DW "العام الماضي كان واحدًا فقط من كل ثلاثة ألمان يخاف من الإصابة بفيروس كورونا على الرغم من أن اللقاحات لم تكن متداولة في ذلك الوقت". وتابعت رومشتيدت "غالبا ما يتم تناسي المرض، لكن عندما يتعلق الأمر بالمال، فإن الخوف يكون كبيرا".
إخراج فاتورة الديون بعد الانتخابات البرلمانية!
ويتوقع أستاذ العلوم السياسية البروفيسور مانفريد شميدت أن فاتورة ديون كورونا لن تُعرض إلا بعد الانتخابات البرلمانية نهاية هذا الشهر. ويقول شميدت في مقابلة مع DW "إن الأحزاب السياسية نجحت في التكتم عن موضوع الديون". ويعتقد شميدت الذي يقدم استشارات لشركة "إر فاو" ويساعدها في تقييم نتائج الدراسة، أنه لن يكون للدين أي دور مؤثر في موضوع الديون في الانتخابات.
حالات الإغلاق في ألمانيا تتسبب في مشاكل اقتصادية
المركزان الثاني والثالث في الدراسة، وفق الدراسة، له علاقة أيضًا بالمال، حيث يعتقد كل ألماني من أصل اثنين أن تكلفة المعيشة سترتفع وأنه سيُطلب من دافعي الضرائب تحمل ثمن أزمة ديون الاتحاد الأوروبي. لكن ومع ذلك، تراجعت المخاوف بشأن حدوث انكماش اقتصادي. ليحتل هذا الهاجس المركز العاشر في الترتيب بنسبة 40 في المائة، فيما كانت هذه النسبة في العام الماضي – بسبب الإغلاق - 48 في المائة، إذ جاءت في المركز الرابع بين المخاوف.
هاجسا التغير المناخي والهجرة
منذ حدوث كارثة الفيضانات في ولايتي شمال الراين - ويستفاليا وراينلاند بفالتس، أصبح الألمان يرون في التغير المناخي خطرًا أكثر إلحاحًا. وبهذا الخصوص توضح رومشتيدت قائلة: "نظرًا لأن استطلاع المخاوف في ألمانيا كان قد انتهى في وقت حدوث تلك الكوارث، فقد سألنا 1000 مواطن آخر عن مخاوفهم البيئية في استطلاع إضافي عبر الإنترنت في نهاية شهر يوليو/ تموز الماضي". ويخشى 61 في المائة من الألمان الكوارث الطبيعية والتقلب المناخي، فيما أكد 61 في المائة من المستجوبين قلقهم من أن تغير المناخ سيكون له عواقب وخيمة على البشرية.
وكالعادة، جاءت المخاوف بشأن الهجرة من بين العشرة الأوائل مرة أخرى هذا العام، وذلك على الرغم من عدم وجود حركة كبيرة للاجئين تجاه ألمانيا. وارتفع الخوف من "إغراق" ألمانيا باللاجئين إلى 45 في المائة، (المركز الرابع) مقارنة بالعام الماضي بنسبة 43 في المائة (المركز الثامن). لكن في المقابل، انخفض الخوف نسبيا من التوتر الناجم عن تدفق الأجانب إلى حد أدنى بنسبة 42 في المائة (المركز السابع) مقابل 43 في المائة العام الماضي (المركز السابع أيضا).