تحقيق ناجي شربل - الوكالة الوطنية
صحيح ان الأمور تسير في عد تنازلي للتخفيف من الحجر المنزلي الذي فرضه فيروس "كورونا"، الا ان الصحيح أيضا ان عودة الحياة الطبيعية في الرياضة خارجيا ومحليا دونه عقبات.الثابت ان الموسم الرياضي الحالي لسنة 2020 بات يتأرجح بين التسليم بإلغائه، وبداية الغيث في البطولات الأوروبية الوطنية في كل من هولندا وبلجيكا وفرنسا، وبين قوة إرادة ألمانية لجهة التمسك بأمل العودة، في مقابل حيرة في إنكلترا وإيطاليا.الحديث عن بطولات وطنية أوروبية في كرة القدم، يرجح ان لا تستأنف، وان أقصى حدود التفاؤل في أن تجرى مبارياتها خلف أبواب موصدة في وجه الجمهور.
وبعيدا من كرة القدم، تشهد بقية الألعاب ترحيلا لاستحقاقاتها، كما حصل مع دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في العاصمة اليابانية طوكيو وبطولة الأمم الأوروبية لكرة القدم (رحلتا رسميا الى صيف 2021)، فضلاً عن تأجيل في بطولات كرة المضرب، وسباقات الدراجات الهوائية ورياضة المحركات من بطولة العالم للسيارات "الفورمولا 1" والراليات والدراجات النارية، الى تعليق مصير الدوري الأميركي الشمالي لكرة السلة للمحترفين "ان بي آي" حتى إشعار غير محدد.
تأجيل على طريقة التسليم "برفع العشرة"، يترافق مع حيرة وأسئلة لا أجوبة لها في شأن روزنامة رياضية سنوية كانت تسير كالماء في الجدول، وتشغل أرقاماً في الاقتصاد العالمي من البوابة الرياضية، نافذتها عقود النقل التلفزيوني ورعاية الشركات الكبرى، وأجور اللاعبين والموظفين في مختلف القطاعات.ليس سرا ان "كورونا" أدخل العالم مرحلة لا عهد له بها، وكرس طرح اسئلة، بعد حقبة كانت تشهدد تحديدا لكافة التفاصيل بدقة، بينها عقود تجارية رعائية طويلة الأمد لاستحقاقات رياضية واتحادات قارية.
عالم رياضي جديد بأرقام مالية اقل مما كانت عليه حتى الأمس القريب، يؤشر لملامح الاقتصاد العالمي، ويستعيد حقبة سمعنا عنها وعرفت بأزمة 1929 التي شهدت انهيار البورصة العالمية.محليا، فإن رفع الراية البيضاء في ألعاب رياضية عدة سبق "كورونا"، ويعود الى تداعيات احتجاجات 17 تشرين الأول 2019 غير المسبوقة في تاريخ البلاد، وما فرضته من تعليق أنشطة من خلفيتين: أمنية ومالية.فقد خسرت الرياضة اللبنانية رعاية كانت متوافرة في الفترة الأخيرة من قطاع الاتصالات (شركتا الهاتف الخليوي)، الى شركات معروفة (خارجية وتتمثل بوكلاء محليين) كانت تستثمر في الرياضة اللبنانية.
ويطول النقاش هنا بين رعاية واستثمار مع فارق كبير في الأمرين، فارق أرخى بتداعياته على الموسم الرياضي الماضي، بجعل عقود النقل التلفزيوني في بطولة إحدى الألعاب الجماعية المنتشرة، استثمارية وليس رعائية، ونقل بث مبارياتها من شاشات التلفزة، الى شاشات أخرى تتوزع بين أجهة الهاتف الخليوي واللوائح الذكية.في المحصلة، الموسم الرياضي اللبناني 2020 "في خبر كان". ولا ملامح في الأفق عن التحضير لموسم جديد، في ضوء أسئلة عدة عن "عودة الحياة الطبيعية" الى كافة القطاعات في البلاد، وباكورتها استئناف العام الدراسي وفتح المجمعات التجارية، وانتظار التداعيات الاقتصادية للوباء العالمي.لا أجوبة نهائية على اسئلة تتردد يوميا أكثر من مرة.
وتبقى الرياضة اللبنانية الحلقة الأضعف، وهي التي اعتمدت على رعاية من القطاع الخاص، في ظل تواضع الدعم المادي الرسمي، لأسباب ليست خافية على أحد، في طليعتها ان لبنان لا يشبه دول الخليج العربي ماليا حيث تتولى تلك الدول الإنفاق كاملا على النوادي الرياضية، في حين ان الهم المعيشي في لبنان يتقدم على ما عداه، وبات يقض مضجع المواطنين والقيمين على إدارة شؤونهم.