جريدة الأخبار اللبنانية
لم تكد أشهر قليلة تمرّ على عودة جماهير كرة القدم إلى الملاعب حتى عادت البروتوكولات الوقائية الصارمة لتطل برأسها من جديد. معدّلات الإصابات بفيروس كورونا ترتفع بكثرة، خاصةً في إنكلترا، الأمر الذي سيعقّد جدول المباريات في وقتٍ مزدحم من الموسم
تغيّرت كرة القدم كثيراً في العامين الماضيين مع ظهور فيروس كورونا، حيث فرض هذا الفيروس السريع الانتشار إجراءات وقائية صارمة خلّفت وراءها هيكلة جديدة على الصعيدين الإداري والفني. العديد من الأندية انتكست مالياً، الأمر الذي أثّر سلباً على سوق الانتقالات وأجور اللاعبين. إضافةً إلى ذلك، تم منع الجماهير من حضور المباريات لفترةٍ طويلة ما حال دون استمرار مداخيل الملاعب. وبعد انحسار الفيروس نسبياً بسبب اعتماد بروتوكولات وقائية، وما شملته من لقاحاتٍ وإجراءات مختلفة، عادت الجماهير تدريجياً إلى الملاعب، غير أن المتغيّرات الجديدة أثارت الفوضى في عالم المستديرة من جديد.
سبق وأن تم تخفيف الإجراءات «الصارمة» في أندية الدوري الإنكليزي الممتاز ذات معدلات التطعيم العالية ما سمح للاعبين بإزالة الأقنعة في الداخل واستخدام غرفة تبديل الملابس الأصلية الخاصة بهم، ولكن يتعيّن عليها الآن إعادة فرض القيود للمساعدة في الحد من انتشار متغير «Omicron».
توقّفت مباراة توتنهام في الدوري الأوروبي ضد رين يوم الخميس الفائت بعد أن ثبتت إصابة ثمانية لاعبين وخمسة موظفين بفيروس «Covid-19» في النادي اللندني، كما تم تأجيل مباراة الفريق في الدوري الإنكليزي الممتاز أمام برايتون واضطر توتنهام لإغلاق مركز التدريب الأول. في هذا الصدد، أعلن مدرب الفريق أنتونيو كونتي في المؤتمر الصحافي الذي أقيم عبر تقنية الاتصال بالفيديو أن «كل يوم يرتفع عدد المصابين بكوفيد، لم تكن نتائجهم إيجابية في اليوم السابق. الوضع ليس جيداً». وتابع: «الحديث عن كرة القدم اليوم يبدو مستحيلاً. الموقف الأخير جعلني أشعر بالاستياء الشديد. الوضع خطير، هناك عدوى كبيرة». وعن حالات التطعيم بين أفراد النادي، قال: «أعتقد أن كل شخص يتخذ قراره بنفسه».
تلقّى ثلث اللاعبين في إنكلترا جرعتين من اللقاح وهناك أندية لم تلقّح سوى 10% من أفرادها
وفي ظل المضاعفات المستجدّة، أعلن رئيس الوزراء بوريس جونسون أن الحكومة تقدم «الخطة ب» لمحاربة انتشار أوميكرون، على أن تشمل البروتوكولات ارتداء الأقنعة في المناطق الداخلية.
وبالنسبة إلى كرة القدم، سوف يتم إلزام المشجعين إظهار دليل على التطعيم المزدوج عبر تطبيق «NHS Covid» أو اختبار سلبي تم إجراؤه خلال الـ48 ساعة التي تسبق اللقاءات التي تضم أكثر من 10000 مشجع، على أن تلتزم جميع أندية الدوري الإنكليزي الممتاز بهذا الإجراء اعتباراً من 15 ديسمبر/كانون الأول، ما يعني أن مباريات البريميرليغ الأربع التي ستقام بعد غد (برايتون ضد وولفرهامبتون، بيرنلي ضد واتفورد، كريستال بالاس ضد ساوثهامبتون وآرسنال ضد وست هام) ستكون الأولى التي يتم تطبيق الإجراءات الجديدة فيها. وتهدف البروتوكولات إلى المساعدة في إبقاء الأحداث قائمة والأماكن مفتوحة بكامل طاقتها مع منح كل الحاضرين الثقة في أن من حولهم قد فعلوا الشيء اللازم والمسؤول لتقليل المخاطر على الآخرين. تجدر الإشارة إلى أنه تم تقديم النصيحة للأندية أيضاً بالحد من التفاعلات الاجتماعية، ما يرجّح إلغاء حفلات عيد الميلاد.
نظرية المؤامرة حاضرة
يرفض العديد من لاعبي الدوري الإنكليزي الممتاز التطعيم ضد «COVID-19»، وتم إعطاء الجرعتين فقط لثلث اللاعبين تقريباً بحسب «ماركا». تمكنت سبعة فرق فقط من تلقيح أكثر من نصف لاعبيها وهي وولفرهامبتون، ليدز يونايتد، ساوثهامبتون وبرينتفورد، التي قامت بتطعيم أكثر من 90% من أفرادها، مع عدم قيام ثلاثة أندية بتلقيح حتى 10% من لاعبيها. وفي وقتٍ سابق، أكدت رابطة الدوري الإنكليزي الممتاز أن اللاعبين غير الملقّحين سيُسمح لهم باللعب، حتى لو أصبحت جوازات سفر اللقاح إلزامية لحضور المباريات.
ونُسبت قلة الإقبال على اللقاح بين اللاعبين إلى نظريات المؤامرة التي كانت تجري على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قال أحد أطباء فريق نيوكاسل لصحيفة ديلي ميل: «إنه أمر محبط للغاية وتصعب معرفة ما يجب القيام به، لأن نظريات المؤامرة قد ترسّخت بالفعل في بعض غرف الملابس. لدينا لاعبون كبار، رجال أذكياء، يخرجون بكل أنواع الهراء ولن يتزحزحوا. أخبرني أحدهم أنه لا يحتاج إلى اللقاح لأنه يمكنه تعزيز مناعته عن طريق تناول الفيتامينات فيما يقول البعض إن اللقاح سيجعلهم عقيمين. المشكلة الحقيقية هي أنهم يلوّثون عقول اللاعبين الشباب أيضاً».
يبدو أن الوجهة المقبلة في الكرة الإنكليزية ستتمحور حول إعطاء الحريّة للاعبين باختيار التلقيح من عدمه مع التشديد على ضرورة إثبات سلامة الجماهير التي تودّ أن تحضر من أرض الملعب. ولا يحتمل الدوري الكثير من التأجيل بمبارياته في ظل الازدحام في جداول الأندية دون الإغفال بأنه محكوم ببطولة كأس العالم التي ستُلعب في الخريف المقبل.