موقع "العهد" الاخباري
حلّ فيروس "كورونا" ضيفًا ثقيلًا على اللبنانيين كما على غالبيّة دول العالم مع بداية العام الجديد، متسلّحًا بمتحوّر "أوميكرون" الذي ينتشر بين البشر كالنار في الهشيم، لترتفع بالتالي أعداد المصابين بالفيروس التاجي أضعافًا مضاعفة وبسرعة كبيرة.
وزاد الطين بلّة حلول فصل الشتاء، وانتشار الإنفلونزا بشكلٍ كبير، حتّى أنّها شكّلت مع فيروس كورونا ثنائيًّا يلعب على أوتار وجع اللبنانيين، في ظلّ ظروفٍ صعبة على كافّة المستويات، ليُطرح السؤال حول مدى خطورة الإصابة المزدوجة بكلا الفيروسين؟، وهل سيكون مصطلح "فلورونا" (أي العدوى المزدوجة بفيروسي انفلونزا وكورونا) كثير التداول في المقبل من الأيام؟، وهل من الممكن أن يتطوّر هذا النوع من الإصابات ليكون للبنان نسخته الخاصّة من المتحوّرات؟
رئيس اللجنة الوطنيّة لإدارة اللقاح، الدكتور عبد الرحمن البزري، يشير في حديث لموقع "العهد" الإخباري، إلى وجود موجة من الإصابات بفيروس كورونا، وهذه الموجة من المتوقّع أن تستمر فيها الأرقام بالارتفاع، وهذا انعكاس للتفلّت الحاصل في موسم الأعياد، مع التأكيد أنّه بالأساس كانت هذه الحالات ترتفع تدريجيًا حتى قبل موسم الأعياد، ثم جاء "أوميكرون" ليزيد من احتمالات ارتفاع أعداد المصابين.
وإذ توقّع البزري إستمرار موجة ارتفاع أعداد الإصابات، أوضح أنّ المهم هو نسبة الذين يحتاجون الدخول إلى المستشفيات، وطالما أنّ هذه النسبة مقبولة فإنّ النظام الصحي، ورغم أنّه يتعرض للضغط، يبقى نسبيًا يمكن التعامل معه.
وبخصوص العدوى المزدوجة، قال البزري إنّ "هذا هو موسمها، ففي الماضي كان الشخص يتعرّض للرشح والانفلونزا في ذات الوقت، والآن بات الإنسان يُصاب بالكورونا والانفلونزا في نفس الوقت".
وأضاف "رغم تسجيل بعض الحالات في لبنان، فالشيء الوحيد الذي ينبغي أخذه بعين الإعتبار، هو أنّ الذين يتعرّضون للكورونا الشديدة هم ذاتهم الذين يتعرّضون للانفلونزا الشديدة، وهم المسنون وأصحاب الأمراض المزمنة ومن يعانون من نقص المناعة، والأمراض التنفسيّة والرئويّة"، لذا ينصح البزري بأخذ اللقاح، سواء كان للانفلونزا أو للكورونا.
وحول خطورة هذه الإصابة، يقول البزري إنّه "لم يسبق أنْ أُجرِي هذا التقييم بعد، لكن عمليًا، فإنّ الإصابة بفيروسين، وكلّ واحد منهما قادر أن يتسبّب بالتهابٍ رئويّ قد يكون قاتلًا، فإنّه نظريًّا قد يزيد هذا الأمر احتمال الإصابة الشديدة، كما أنّه من الممكن أنْ يُصاب الشخص بالفيروسين وتكون إصابته خفيفة، لكن كل فيروس لوحده لديه القدرة أن يكون شديدًا وقاتلًا".
رسميًّا، لا يوجد إحصاء دقيق حول الإصابات المزدوجة في لبنان، وهناك محاولات لرصد هذه الحالات بشكلٍ أكبر، كما أنّه ينبغي أن يُتخذ لكلّ فيروس لقاحه الخاص، كما أنّ العوارض هي ذاتها لكل الفيروسات التنفسيّة وتحتاج لفحصٍ مخبريٍ لمعرفتها.
وكأحد الخبراء، أمل البزري من الناس أن يزيدوا من نسبة التلقيح، لأنّه لا يحب طرح خيار إغلاق البلد أو إقفال المدارس، وهو ينفي أيّ رغبة لديه بطلب الإقفال، وينبغي أن يعود الطلاب لمدارسهم، معتبرًا أنّ الإضراب الذي ينوي الأساتذة القيام به هو قرار إداري بحت وليس صحيًا.
ويختم البزري بالقول إنّ "الأرقام المرتفعة الحالية التي نشهدها هي نتيجة لعدّة أيام سابقة، ومن المتوقّع أن تستمر الأرقام بالارتفاع، لتصل إلى مستوى معيّن، تثبت عليه، ثم تعاود الانخفاض".
من جهته، الباحث في العلوم البيولوجية، الدكتور فادي عبد الساتر، يشير لموقع "العهد" الإخباري إلى أنّ هذه الإصابة المتزامنة بفيروسي الكورونا والانفلونزا ليست شيئًا جديدًا، حيث تم الحديث عن هذا النوع من الإصابات في بداية ظهور كورونا عام 2020.
حاليًا، ومع الانتشار الكبير لفيروس كورونا لا سيّما نسخة "أوميكرون"، وفي موسم الانفلونزا، من الطبيعي أن نسمع عن هذا النوع من الإصابات، يضيف عبد الساتر، لكن حتى الآن، لا معلومات تقول إنّ هذا النوع من الإصابات يسبب عوارض أكثر من غيره.
وينفي عبد الساتر أن يكون لديه معرفة بالأعداد المصابة في لبنان بهذا النوع، لأنّ الفحوصات التي تُجرى في المختبرات تكون فقط لمعرفة إنْ كان الشخص مصابًا بفيروس كورونا حصرًا، رغم وجود إمكانية لمعرفة ذلك عبر فحص PCR خاص لمعرفة الإصابة إن كانت كورونا أو إنفلونزا أو تحمل الفيروسين في آن واحد.
ويطمئن عبد الساتر إلى أنّه حاليًا وبحسب المعطيات، لا يعتبر هذا النوع من الإصابات خطيرًا، لافتًا إلى أنّ بعض الناس تتخوف من وجود خليط بين كورونا والانفلونزا، إلا أن هذا بعيد عن الواقع حاليًا.
وكشف عبد الساتر لموقعنا، أنّه في الأيام المقبلة سيكون هناك تجارب لإجراء فحوصات على عينات للكشف إن كان بعض الأشخاص مصابون بالفيروسين معًا، لافتًا إلى أن التكلفة المادية ستكون أكبر من الفحوصات التي تجري حاليًا.
الدكتور في العلوم البيولوجية ينصح بأخذ اللقاحين الخاصين بفيروس كورونا وبالإنفلونزا، وعلينا الانتظار والترقّب للحالات التي تحصل في العالم للبناء على الشيء مقتضاه، لا سيما أنّه لا وجود لحالات مصابة بالفيروسين وعوارضها خطيرة، مشيرًا إلى أنّ الحالة التي حصلت في فلسطين المحتلة كانت لامرأة حامل أصيبت بالفيروسين، وبالتالي في حالة الحمل تكون المناعة ضعيفة، لكنها لم تعانِ من عوارض خطيرة.