تمكّن علماء في فنلندا من اختراع بخاخ يحتوي على مادة تنتشر في أنف الإنسان وتستطيع أن تحمي من انتقال عدوى فيروس كورونا لمدة تصل إلى ثماني ساعات، ما يعني أن هذا المستحضر الجديد قد يؤدي إلى كبح جماح انتشار المرض في العالم.
وحسب تقرير مطول عن هذا الابتكار نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، فقد أظهر هذا العلاج وهو قيد التطوير من قبل العلماء في جامعة هلسنكي في فنلندا، قدرة على منع الإصابة بفيروس كورونا لمدة تصل إلى ثماني ساعات في الدراسات المعملية.
لكن الصحيفة أشارت إلى أنه «لم يتم اختبار هذا البخاخ بعد على البشر ولم تتم مراجعة الدراسات المعملية حتى الآن».
ورذاذ الأنف هذا مخصص للاستخدام من قبل المرضى الذين يعانون من نقص المناعة وغيرهم ممن لديهم نقاط ضعف شديدة تجاه فيروس «كوفيد19».
ويقول التقرير «إنه يعمل عن طريق منع الفيروس من التكاثر في الأنف، حيث في الدراسات المعملية كان أداؤه جيداً ضد جميع المتغيرات، على عكس علاجات الأجسام المضادة أحادية النسيلة الشائعة والأقل فعالية ضد المتحور الجديد أوميكرون».
ويقول العلماء إنه «في حين أن العلاج لا يمكن أن يحل محل اللقاحات، فإنه يمكن أن يوفر حماية إضافية لأولئك الذين يحتاجون إلى تعزيز جهاز المناعة وقد يكون أساساً لعلاجات أخرى في المستقبل» بحسب ما نقلت الصحيفة.
ويعاني الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة من ضعف جهاز المناعة بسبب علاج السرطان أو زرع الأعضاء وغيرها من الحالات.
وهؤلاء الأشخاص معرضون بشدة لأعراض «كوفيد19» الشديدة، وقد لا تمنح سلسلة اللقاحات النموذجية أجهزة المناعة لديهم دفعة كافية للحماية بشكل فعال من الفيروس. ونتيجة لذلك، توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بأن يتلقى جميع الأمريكيين الذين يعانون من نقص المناعة فوق سن الخامسة جرعة لقاح إضافية.
وبالإضافة إلى التطعيمات المستمرة، يتابع العديد من الباحثين الآن علاجات خاصة لضعف المناعة وغيرهم من الأشخاص المعرضين لمخاطر عالية والذين يمكنهم استكمال التطعيم.
وعلى سبيل المثال، في كانون الأول/ديسمبر الماضي سمحت إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة «FDA» بعلاج الأجسام المضادة أحادية النسيلة من إنتاج «أسترازينيكا» المصمم للوقاية من عدوى فيروس كورونا وذلك لدى المرضى المعرضين لمخاطر عالية.
وقد يصبح علاج بخاخ الأنف الجديد، قيد التطوير من قبل العلماء في جامعة هلسنكي، خياراً مفيداً لهؤلاء المرضى.
وقال كالي ساكسيلا، عالم الفيروسات بجامعة هلسنكي والمؤلف الرئيس للدراسة: «إن استخدامه الوقائي يهدف إلى الحماية من عدوى فيروس كورونا».
وأضاف ساكيلا: «مع ذلك، فهو ليس لقاحاً، ولا يُقصد به أن يكون بديلاً للقاحات، بل لاستكمال التطعيم لتوفير حماية إضافية للأفراد الذين تم تلقيحهم بنجاح في المواقف عالية الخطورة، وخاصة للأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة مثل أولئك الذين يتلقون العلاج المثبط للمناعة».
ويعتمد الدواء الجديد على الأبحاث السابقة التي أظهرت أن الأنسجة داخل الأنف هي مكان رئيسي لفيروس كورونا لتكرارها.
وحسب الأبحاث فبعد أن يتكاثر الفيروس في الأنف، ينتقل عادةً عبر الجهاز التنفسي إلى الرئتين، حيث يتسبب في أعراض أكثر حدة.
ونتيجة لذلك، يمكن أن يؤدي إرسال الأجسام المضادة لفيروس كورونا مباشرة إلى الأنف إلى منع الفيروس من التكاثر في أقرب مرحلة ممكنة من المرض.
ويستخدم علاج الباحثين في هلسنكي نوعاً من الأجسام المضادة المصنوعة في المختبر على غرار الأجسام المضادة وحيدة النسيلة.
وعلى عكس الأجسام المضادة وحيدة النسيلة فإن جزيئات الجهاز المناعي المستخدمة في هذا العلاج الجديد أصغر وأكثر تنوعاً.
وتم تصميم هذه الأجسام المضادة من قطعة من الفيروس لم تتغير كثيراً عبر المتغيرات والسلالات الفيروسية المختلفة.
ولزيادة قدرة رذاذ الأنف على تحييد الفيروس قام الباحثون بتعبئة ثلاثة من هذه الأجسام المضادة معاً في عقار واحد.
واختبر الباحثون العقار لأول مرة ضد الفيروسات الكاذبة، وهي فيروسات مخبرية تحاكي فيروس كورونا.
وفي هذا الاختبار كان الدواء قادراً على إيقاف تكاثر الفيروس في سلالة ووهان الأصلية، بالإضافة إلى متغيرات بيتا ودلتا وأوميكرون.
وبعد ذلك اختبر الباحثون العقار ضد الخلايا البشرية في زراعة الخلايا، ومرة أخرى، تمكن البخاخ من تحييد العديد من المتغيرات المختلفة لفيروس كورونا.
وفي المرحلة الأخيرة اختبر الباحثون العقار على الفئران بإعطاء رذاذ الأنف لفئران المختبر، ثم تابعوه بالتطعيمات الأنفية لفيروس كورونا. ومن بين الفئران التي لم تتلقَ العلاج، انتشر الفيروس عبر تجاويف الأنف والجهاز التنفسي والرئتين.
ومن بين الفئران التي تلقت رذاذ الأنف، لم ينتشر الفيروس على الإطلاق، حيث كانت هذه الحيوانات «خالية تماماً من المستضد الفيروسي» ولم تظهر عليها أعراض، بحسب ما أكد الباحثون.
ووجد الباحثون أن العلاج كان قادراً على حماية الفئران من الإصابة بفيروس كورونا لمدة تصل إلى ثماني ساعات.
ولم تتم مراجعة هذه الدراسة حتى الآن حيث هناك حاجة إلى العديد من الخطوات قبل اختبار رذاذ الأنف على البشر.
ويمكن اعتبار الرذاذ عقاراً من قبل الهيئات التنظيمية في بعض البلدان وجهازاً طبياً من قبل الآخرين، مما قد يعقد عملية الحصول على الموافقة عليه.
وقال الباحث الرئيس ساكسيلا: «هذه التكنولوجيا رخيصة وقابلة للتصنيع بشكل كبير، ويعمل المانع بشكل جيد على قدم المساواة مع جميع المتغيرات».
وأضاف: «إنه يعمل أيضاً ضد فيروس السارس المنقرض الآن، لذلك قد يكون أيضاً بمثابة إجراء طارئ ضد فيروسات كورونا الجديدة المحتملة».
وبالإضافة إلى علاجات فيروس كورونا فقد يسعى باحثو هلسنكي إلى استخدام بخاخات مماثلة لعلاج التهابات الجهاز التنفسي الأخرى.