(جريدة الأخبار اللبنانية)
العودة إلى الحجر المنزلي مجدداً هي ما قررته الحكومة أمس لمواجهة ارتفاع عدّاد كورونا في الأيام القليلة الماضية. وفق رئيسها حسان دياب، فإنّ التراخي في بعض المناطق يُهدّد «الإنجاز» الذي تحقق سابقاً في السيطرة على الوباء، فيما تبرز تحديات أخرى تُضاف إلى تحدي التزام الحجر، أبرزها عودة المُغتربين وتفاقم أزمة المُستلزمات الطبية
بدءاً من مساء اليوم، حتى فجر الإثنين المُقبل، ستدخل البلاد مجدداً في حجر عام قرّرته الحكومة، أمس، في مواجهة الواقع المُقلق الذي عكسه الارتفاع المتزايد في أعداد الإصابات بفيروس «كورونا»، في الأيام القليلة الماضية، بعد ثبات أدى الى تراخي تدابير الوقاية.
12 إصابة جديدة سجّلها عدّاد الوباء أمس. ظهراً، أعلنت وزارة الصحة تسجيل 11 إصابة (سبع منها كان مستشفى رفيق الحريري الحكومي أعلن عنها ليل اول من أمس)، توزعت بين عشر إصابات في صفوف المُقيمين (من أصل 1524 فحصاً)، وإصابة لوافد من بلاد الاغتراب (من أصل 14 فحصاً مخبرياً). وفي وقت لاحق، أعلن مُستشفى رفيق الحريري تسجيل إصابة إضافية من بين 271 فحصاً مخبرياً. وتوزعت الإصابات الـ11 على الشكل التالي: عكار (3)، زحلة (3)، بيروت (3)، بعبدا (1)، وعاليه (1). وعليه، أُقفل العداد على 871 إصابة.
إجراءات الإقفال ستشمل، كما المرحلة الأولى، حظر التجول من السابعة مساءً حتى الخامسة فجراً، وإقفال المؤسسات التجارية والصناعية باستثناء المؤسسات الغذائية و«توابعها»، فيما دعت وزارة الصحة خلال «هذه الفترة الحساسة» الى إلزامية ارتداء الكمامة خلال التجول أو الحركة خارج المنزل، والالتزام بالحجر المنزلي. ورأى رئيس الحكومة حسان دياب أن «الحكومة حققت إنجازاً في مواجهة كورونا، ولكن للأسف بسبب التراخي في بعض المناطق، فإن هذا الإنجاز مهدد اليوم بالانهيار»، لافتاً إلى إمكان «إعادة النظر في مراحل إعادة فتح القطاعات»، فيما لفت وزير الصحة حمد حسن إلى أن قرار الإغلاق اتخذ لـ«تدارك الانزلاق إلى مرحلة التفشي المجتمعي».
وفيما تتجه البلاد إلى الإقفال، يبدأ غداً وصول أولى رحلات المرحلة الثالثة من إجلاء المُغتربين التي تشمل 11 ألف و300 شخص، على أن يتم التشدد في إجراءات استقبالهم والتأكد من التزامهم بالحجر الصحي، تجنباً لتكرار سيناريو تفلّت بعض وافدي المرحلة الثانية من الحجر. وقد كان لافتاً إلغاء رحلة كانت مقررة غداً من جنيف وثانية في 18 أيار الجاري بسبب تراجع أعداد الراغبين في العودة.
وفي إطار رفع الجاهزية، يُسلّم وزير الصحة مستشفى جزين الحكومي اليوم أجهزة ومعدات طبية في سياق استكمال تجهيز المُستشفيات الحكومية. ومن المقرر أن تجري الفرق الطبية التابعة للوزارة فحوصات عشوائية في المنطقة لعينات من المواطنين الذين خالطوا حالات مصابة أو ممن يعانون من عوارض تنفسية وجيوب أنفية وأمراض تحسسية صدرية أو ممن يكونون في ميدان عملهم على تماس دائم مع غيرهم، «وذلك ضمن خطة وزارة الصحة لإجراء مسح ميداني في مختلف المناطق لتحديد الواقع الوبائي، خصوصاً بعد الارتفاع في عدد الإصابات الذي سُجّل في الأيام الأخيرة»، على ما أعلن بيان لـ «الصحة».
المصارف تتملص من تعميم مصرف لبنان وتسوّف في الموافقات على استيراد المعدات الطبية
الى ذلك، عاد الى الواجهة النقاش المرتبط بتجهيز المُستشفيات الحكومية وبقية المؤسسات المعنية بالقطاع بالصحي، مع احتمال استعار أزمة الوباء. وفي هذا السياق، تبرز مُشكلة استيراد المُستلزمات والمعدّات الطبية (من ضمنها تلك المتعلقة بمكافحة أزمة كورونا) التي تفاقمت خلال الأشهر الماضية، إذ إن 95% من معاملات استيراد المعدات والمستلزمات الطبية لا تزال غير منجزة وعالقة بين المصارف والمصرف المركزي، وفق نقابة تجار ومستوردي المعدات والمواد الطبية والمخبرية.
ولفت بيان للنقابة، أمس، الى أن «قرار وزارة الاقتصاد الصادر بتاريخ 20 آذار والمتعلق بتسريع تنفيذ ملفات استيراد المواد المتعلقة بمكافحة كورونا لم ينفذ حتى الآن. ولا تزال آلية قبول أو رفض الملفات والمستلزمات غير واضحة ومن دون أساس علمي أو حتى تجاري (...)، ويتم حالياً رفض ملفات كواشف المختبرات وأفلام الأشعة وعمليات جهاز القوقعة التي تزرع داخل الأذن وفي الرأس لتمكين الصم والبكم، خصوصاً الاطفال من السمع والكلام (...)». كما أشار البيان إلى أنه بسبب عدم تقيّد المصارف بتعميم مصرف لبنان المتعلق بدعم استيراد المُستلزمات، بات على شركات الاستيراد تأمين 100% من العملة الأجنبية من السوق، أي بكلفة تقارب ثلاثة أضعاف، «ما يجعل الأسعار ترتفع بشكل خيالي لا قدرة لأي جهة على تحمله». وختم بأنّ «القدرة الإلهية وجهود المعنيين منعت كارثة وباء كورونا، إلا أننا نحذر من كوارث أكبر وأضخم في القطاع الصحي ما لم يتم تنفيذ ما تم التوافق عليه».