أظهر تقرير علمي أن رقم الوفيات الرسمية التي حصدها وباء "كورونا" حتى الآن "أقل بكثير من الواقع" وأن عدد الأشخاص الذين قضوا في الوباء أكبر بكثير من الأرقام المسجلة عالميا.
وفيما توضح الإحصاءات الرسمية أن تعداد وفيات وباء "كوفيد-19" وصل إلى 5.5 مليون شخص حول العالم، أفاد تقرير لموقع "نيتشر" العلمي بأن هذا الرقم "أقل بكثير من الواقع" حيث تظهر سجلات "الوفيات الإضافية" -وهو مقياس يقارن بين الوفيات المسجلة والوفيات المتوقعة- أن عدد الأشخاص الذين قضوا في الوباء أكبر بكثير من الأرقام المسجلة.
ويقول الموقع إن العلماء وجدوا أن "بعض البيانات الرسمية في هذا الصدد معيبة"، حيث لا يجمع أكثر من 100 بلد إحصاءات موثوقة عن الوفيات الفعلية، أو لا ينشرها في الوقت المناسب.
ويضيف الموقع أن تقنيات مثل صور الأقمار الصناعية للمقابر، ودراسات استقصائية، أو نماذج محوسبة تستخدم من قبل العلماء لاستقراء تقديرات دقيقة للوفيات العالمية بالوباء.
وتسعى منظمة الصحة العالمية، بحسب الموقع، لإعداد أول تقرير تقديري عالمي لها، في حين يقوم معهد القياسات الصحية والتقييم في سياتل بولاية واشنطن، بتقديم تحديثات يومية لنتائجه وتوقعات بالسرعة التي قد ترفع الحصيلة العالمية.
من جهتها، استخدمت مجلة "إيكونوميست" البريطانية نماذج قدرت وجود 12 مليونا إلى 22 مليون حالة وفاة زائدة، أي نحو ضعفي إلى أربعة أضعاف الحصيلة الرسمية.
ويعرف جميع المعنيين أن أي إجابة يقدمونها ستكون مؤقتة وغير دقيقة، بحسب الموقع، لكنهم "يشعرون أنه من المهم أن نحاول فهم الحجم والتكلفة الحقيقيين للوباء، كما يأملون بمواجهة الادعاءات المضللة التي أثارتها الأرقام الرسمية".
وأحصت دول مثل هولندا، في بداية الوباء، الأشخاص الذين يتوفون في المستشفيات فقط نتيجة إصابتهم على أنها وفيات نتيجة "كوفيد-19"، فيما شملت بلجيكا كل من توفي بعد أن ظهرت عليه أعراض المرض، حتى وإن لم يكن المرض هو سبب الوفاة المباشر.
الأرقام الحقيقية للوفيات أعلى بكثير
ولهذه الأسباب، بدأ الباحثون في حساب الزيادة في الوفيات عن المعدلات الطبيعية كمقياس لحصيلة الجائحة، إذا قارنوا الوفيات أثناء الجائحة بالمتوسط العالمي للوفيات خلال السنوات الخمس التي سبقتها.
وتشمل الوفيات الزائدة الوفيات التي لا تتصل بـ"كوفيد-19"، مثل الأمراض المعدية الأخرى، فضلا عن الوفيات ذات الصلة بشكل غير مباشر، مثل الشخص المصاب بالسرطان الذي توفي بسبب إلغاء علاجه بسبب تأثير الوباء على نظم الرعاية الصحية.
وبالنسبة للصين، يقدر النموذج ما يقرب من 750 ألف حالة وفاة (أعلى من 150 ضعف من الوفيات المبلغ عنها في البلاد).
ويقوم معهد القياسات الصحية والتقييم، وهو مركز أبحاث صحية عالمي مستقل في "جامعة واشنطن"، بإعداد تقديرات منفصلة للوفيات العالمية الناجمة عن الوباء.
ويظهر نموذج المعهد أن ما بين 9 ملايين و18 مليون شخص لقوا حتفهم حتى الآن، نتيجة المرض كما يحاول التنبؤ بكيفية نمو هذا العدد، ومدى سرعته.
ومن خلال مشروع منظمة الصحة العالمية، يبحث الديموغرافيون وغيرهم عن سبل لتحسين تقديرات عدد الوفيات في البلدان التي لا تملك بيانات وطنية موثوقة عن الوفيات.
وأظهر الباحثون أن هذا يمكن تقديره، على سبيل المثال، من خلال استقراء من مناطق أصغر في بلد ما، حيث قد تكون البيانات محدودة.
وثمة طريقة أخرى هي أخذ عينة تمثيلية من الأسر لتقدير العدد السنوي للوفيات في البلدان التي لا تسجل أرقاما دقيقة، مثل بنجلاديش.
وأظهرت هذه النماذج بالفعل، في بعض الحالات، أن معدل الوفيات "الحقيقي" قد يزيد عدة مرات عن أرقام الوفيات الرسمية بـ"كوفيد-19".
متحورات جديدة
جاء ذلك فيما توقعت منظمة الصحة العالمية ظهور متحورات جديدة من "كوفيد-19".
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، "تيدروس أدهانوم جيبريسوس"، مساء الثلاثاء في مؤتمر صحفي في جنيف: "يواصل أوميكرون اكتساح العالم.. لا تخطئوا، يتسبب أوميكرون في دخول المستشفيات ويوقع وفيات، وحتى الحالات الأقل خطورة تُثقل كاهل مؤسسات الرعاية الصحية".
وأضاف: "هذا الوباء لم ينته بعد ونظرا إلى التفشي الكبير لأوميكرون حول العالم فمن المحتمل ظهور متحورات جديدة".
وبدا رئيس منظمة الصحة العالمية حذرا، وأكد مرة أخرى أن المتحور "أوميكرون" يبقى خطيرا.
وقال للصحفيين: "في بعض البلدان يبدو أن حالات كوفيد بلغت ذروتها ما يعطي الأمل في أن الأسوأ جراء الموجة الأخيرة قد أصبح خلفنا لكن لا توجد دولة تخلصت من الوباء".
لكن "جيبرييسوس" حذر من أن "المزيد من العدوى يعني مزيدا من المرضى في المستشفيات ومزيدا من الوفيات ومزيدا من الناس الذين لن يتمكنوا من العمل بما يشمل الأساتذة والطواقم الطبية، ومزيدا من أخطار ظهور متحور آخر يكون أكثر عدوى ويتسبب بوفيات أكثر من أوميكرون".
وأوضح بالقول: "قد يكون أوميكرون أقل خطورة لكن المزاعم القائلة بأنه مرض بسيط مضللة (و) تضر بالاستجابة العامة وتتسبب بخسارة مزيد من الأرواح".