موقع العهد الإخباري
هل يتّجه فيروس "كورونا" نحو الاختفاء؟ سؤال ربما يكون من المبكر طرحه اذا ما قاربنا القضية من زاوية "المفاجآت" التي يحملها الفيروس المتحوّر على الدوام. لكن طرح السؤال قد يكون مشروعًا وسط المناعة المجتمعية المكتسبة بعد أكثر من عامين على تفشي الفيروس في العالم. مشروعية السؤال تُستمد أيضًا من الأرقام والإحصائيات التي نشرتها منظمة الصحة العالمية مؤخرًا والتي تُبيّن انخفاضا ملحوظا في عدد الوفيات حول العالم والذي تراجع بنسبة 43٪ عن الأسبوع الفائت. تمامًا كما تُبيّن الأرقام انخفاضا بنسبة 16٪ في عداد الإصابات.
هذا الواقع في العالم لم يكن لبنان بعيدًا عنه. الأرقام الصادرة عن مركز الترصد الوبائي في وزارة الصحة تكشف عن انخفاض ملحوظ في حالات الإصابة بـ"كوفيد-19"، الأمر الذي دفع بوزير الصحة الدكتور فراس الأبيض الى الإعلان قبل أيام عن تخفيف القيود المتعلّقة بفيروس كورونا، مع الحفاظ على الإجراءات الوقائية حفاظًا على السلامة العامة. يأتي هذا الإعلان بموازاة قرار للجنة متابعة التدابير والاجراءات الوقائية لفيروس "كورونا" ألغيت بموجبه جميع الإجراءات المفروضة على المطاعم والمقاهي، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بقيود الصحة العامة. فهل سنشهد نهاية قريبة لفيروس "كورونا"؟ أم أنّ حظوظ فرضية عودة الفيروس بمتحوّر أشد فتكًا عالية؟.
حيدر: إيجابية الفحوص بلغت حاليًا 4.1 بالمئة
مستشار وزير الصحة الدكتور محمد حيدر يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن الأسس والوقائع التي دفعت بلبنان الى تخفيف القيود. أرقام الإصابات انخفضت، والأهم من ذلك انخفاض إيجابية الفحوص التي بلغت حاليًا 4.1 بالمئة، بعد أن وصلت الى 25 بالمئة قبل أشهر رغم إجراء 30 ألف فحص. كما نلاحظ في المقابل -وفق حيدر- أنّ أعداد المصابين في المستشفيات قليلة. ثمّة إشغال لـ91 سريرًا فقط في كل لبنان، وهو عدد ضئيل جدًا، 40 بالمئة منها في العناية الفائقة.
أكثر من ذلك، يضيف حيدر، فإنّ ما نراه في الحياة اليومية من تراجع لعوارض كورونا يُطمئن. ثمّة إصابات تعادل بعوارضها إصابات الرشح كألم في الحنجرة، وسعال بسيط والقليل من الحرارة. هذه العوارض تستمر ليوم أو يومين خاصة لمن أخذ اللقاح أما من لم يتلق اللقاح فقد تتطور حالته الجسدية ووضعه الصحي ويحتاج الى عناية. وهنا يلفت حيدر الى أننا حاليًا في المرحلة الثانية من الانتشار -وهي مرحلة الثبات- بعدما كنّا في المرحلة الرابعة، آملًا أن تنخفض الأعداد أكثر فأكثر في الأيام المقبلة.
مع هذا الواقع الجديد -يقول حيدر- اتُّخذ القرار بضرورة إعادة فتح البلد لعودة الحياة بطريقة أفضل ولتنشيط الحركة السياحية في البلد. وهنا يلفت حيدر الى أنه بالتوازي مع تخفيف القيود ثمة مسؤولية على صاحب العمل لمراقبة المصابين والمخالطين، والتزام الموظفين بالكمامة. ثمّة مسؤولية كبرى على كل فرد. كل إنسان يجب أن يكون مسؤولًا بالدرجة الأولى لمصلحته الخاصة ومصلحة الآخرين.
المناعة المجتمعية باتت 80 بالمئة وهو رقم مهم جدًا
وعلى صعيد المناعة المجتمعية فقد سجّل لبنان رقمًا مهمًا يقول حيدر الذي يوضح أن نسبة التلقيح باتت 45 بالمئة. كما يلفت الى أنّ منظمة الصحة العالمية أجرت فحصًا في كل لبنان وأخذت عينات من كافة المناطق ليتبين أن نسبة المناعة المجتمعية باتت 80 بالمئة وهو رقم كبير جدًا. كما وجدت المنظمة -وفق حيدر- أجسامًا مضادة للفيروس وهذا أمر مهم، مع الإشارة الى أن الاجسام المضادة للفيروس تنخفض مع الوقت، كحال فعالية اللقاح التي تنخفض أيضًا. وعليه، يرى حيدر أن هذه الخاصية لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كبير جدًا، رغم أنّ هذا الأمر يُطمئننا ويبين لنا لماذا بقي لبنان بعيدًا عن موجة الانتشار الكبيرة التي حصلت في البلدان الثانية حيث انتشر "أوميكرون" كثيرًا وسُجّلت مئات الآلاف من الإصابات في العالم، فيما علت الأعداد لدينا لكنها بقيت معقولة نظرًا للمناعة السابقة التي سُجّلت نتيجة الإصابات خصوصًا في المناطق خارج المدينة.
الفيروس يضعف عندما ينتشر أكثر
هل من الممكن أن يتجه فيروس كورونا نحو الاختفاء؟ يجيب حيدر عن هذا السؤال بالإشارة الى أنّ الفيروس يُغير من شكله على الدوام ليجد طريقة تفتك أكثر وتصيب أكثر، لكن وفق حساباته فإنّ طبيعة وقوة الفيروس عندما يُغير في تكوينه وينتشر أسرع تضعف. وهنا يرجّح حيدر أن ينتشر الفيروس أكثر ويضعف في المقابل.
وفيما يأمل حيدر أن يختفي الفيروس أو يصبح ضئيلًا، يرجّح أن نذهب الى مرحلة يبقى فيها الفيروس متواجدًا بيننا ككل الفيروسات وينتشر لكن بعوارض بسيطة، وهذا ما جعل الدول تتجه نحو تخفيف القيود لتعود الحياة الاجتماعية والاقتصادية الى العالم، خاصة أنّنا منذ اليوم الأول للانتشار كان الكلام كله ينصب نحو العثور على طريقة للتخفيف من انتشار الفيروس وليس على طريقة لمنع انتشاره لأن هذا الأمر صعب. وقد تبين -وفق حيدر- أنّ اللقاح لا يمنع انتشار الفيروس لكن وصلنا الى مرحلة جرى فيها تخفيف الضغط على القطاع الاستشفائي وانخفضت الحالات التي تتطلب دخول مستشفى.
الفيروس إما أن يختفي أو يضعف
وعن فرضية عودة الفيروس بمتحور أشد فتكًا، يقول حيدر: " الفرضية موجودة، ولكن وفق تاريخ الفيروسات فإنّ الفيروس بعد مرور عامين على ظهوره ينتشر أكثر ويصبح أمام فرضيتين؛ إما أن يختفي أو يضعف"، وتجربتنا مع كورونا تقول -وفق حيدر- اذا تمكن الفيروس من الاتحاد مع فيروس آخر يختلف الوضع، ولكن اذا بقي "أوميكرون" فإنّ احتمال تحوله الى فيروس عدواني يؤدي الى الوفاة أو دخول المستشفيات والعناية الفائقة ضئيل.
إجراءات المعابر
وحول الإجراءات الجديدة للمسافرين بعد أن أعلن وزير الصحة أن المسافرين القادمين إلى لبنان ليسوا مضطرين لإجراء فحص (pcr) اذا تلقوا بالكامل ثلاث جرعات، يلفت حيدر الى أنّ هذا القرار يسري على المعابر الجوية، أما المعابر البحرية والبرية فتخضع لبروتوكول لم يُعدل بعد. على سبيل المثال، من يريد الذهاب الى سوريا ليمكث فيها أكثر من 3 أيام فإنه يحتاج الى فحص pcr لدى عودته. هذا الأمر لغير الملقحين أما الملقّح بثلاث جرعات فلا يحتاج الى pcr، وفي حال كان قد تلقى جرعتين قبل أكثر من 6 أشهر فإنه يحتاج الى pcr اذا مكث أكثر من ثلاثة أيام، أما اذا بقي لفترة أقل فلا يحتاج لفحص.
البزري: ندرس احتمال إعطاء الجرعة الرابعة
بدوره، رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح "كورونا" الدكتور عبد الرحمن البزري وردًا على سؤال حول ما اذا كان فيروس كورونا يتّجه نحو الاختفاء، يقول: " لا أحد يعرف علميًا ماذا سيحصل لاحقًا للفيروس، لكن ما يعنينا أن نسبة الإصابات انخفضت كثيرًا في لبنان، ما دفعنا لتحرير بعض القيود"، لكن البزري يشدّد على ضرورة أخذ اللقاح والالتزام بالكمامة.
وفيما يشير البزري الى أنّ العالم لا يعتبر أن فيروس كورونا انتهى، يشدّد على ضرورة مراقبة الفيروس، خاصة أننا أمام شهر مريح يقل فيه احتمال الانتقال، ما يحتّم علينا الاستعداد للشتاء القادم، موضحًا أننا ندرس احتمال إعطاء الجرعة الرابعة.