اكتسب الكثير من سكان العالم قدراً من المناعة من فيروس كورونا المستجد، بفعل اللقاحات والإصابات السابقة، ما أتاح المجال لعودتهم إلى حياتهم الطبيعية، لكن متحورات جديدة من الفيروس تثير مخاوف العلماء، على رأسها سلالة "XBB".
ويرى خبراء أن الحماية التي وفرتها اللقاحات قد تزول في المستقبل لسببين رئيسيين: تضاؤل المناعة وتحول الفيروس.
تحول الفيروس يعني تقنيا، تطوره لمتغيرات تلتف حول أجهزة المناعة سواء المكتسبة عن طريق الإصابة أو باللقاحات.
وأبرز المتغيرات التي أضحت مقلقة للخبراء هي XBB وBQ.1.1 وبقدر أقل BA.4 وBA.5.
"سرب المتغيرات"
ووصف جيسي بلوم، الخبير في التطور الفيروسي في مركز فريد هتشنسون للسرطان في سياتل، لصحيفة واشنطن بوست التطورات الأخيرة في متغيرات فيروس كورونا بـ "السريعة للغاية".
ويقول العلماء للصحيفة إن ردة فعل فيروس كورونا هذه، طبيعية، تحدث حتى مع الفيروس المسبب للإنفلونزا ولكن التحول مع كورونا يكون أقوى إلى حد ما، بل أخطر بكثير.
وفيما يخص فيروس كورونا، كلما زادت الطفرات، كانت الميزة الأكبر التي يتمتع بها البديل الجديد هي "القوة والغموض".
ووصف علماء لصحيفة واشنطن بوست الطفرات الجديدة لكورونا والتي انبثقت بالأساس على متغير أوميكرون بـ"سرب المتغيرات" الآتي مع اقتراب فصل الشتاء.
هذا "السرب" يتراوح في قوته، لكنه يهدف لمحصلة واحدة وهي الالتفاف على قدرة جسم الإنسان على مواجهة الفيروس الرئيسي، أي كورونا الجديد أو المعروف بـ"كوفيد- 19"، ووفقا لخبراء تحدثوا لموقع الإذاعة الأميركية العامة "أن بي آر"، فإن هذه المتحورات تنبثق أساسا من أوميكرون.
وقالت مانون راغونيت كرونين، الباحثة في علم الوراثة الفيروسية في جامعة شيكاغو لـ "واشنطن تايمز": "يبدو أننا نشهد لأول مرة دليلاً على تطور تقاربي واسع النطاق".
ثم تابعت "لدينا ما يسميه الناس سربا من فيروسات أوميكرون والتي لها أصول مختلفة داخل المتغير نفسه، لكن لها مجموعة من الطفرات المتغيرة المتقاربة".
"متغير XBB"
قام كورنيليوس روم، عالم الأحياء في جامعة بازل في سويسرا، بتصنيف السلالات الفرعية الجديدة من أوميكرون من خلال عدد الطفرات الموجودة في مجال ربط المستقبلات، وفقا لـ "واشنطن بوست".
ويبدو أن متغير "XBB" هو "الأفضل" من ناحية التهرب من المناعة.
يذكر أن الباحثين من الصين أكدوا أن "XBB" يمكن أن يراوغ الأجسام المضادة الواقية، ما يثير القلق من أن المعززات المصممة لاستهداف متغيرات أوميكرون قد يتم التفوق عليها بسرعة.
ومع ذلك، تظل اللقاحات المعززة أفضل أداة لتلافي الإصابة المؤدية للموت من كورونا.
بالخصوص، قال يون لونغ كاو، العالم في مركز الابتكار الطبي الرائد في جامعة بكين، في رسالة بالبريد الإلكتروني بعث بها للصحيفة الأميركية: "ليس لدينا خيار أفضل في المرحلة الحالية".
والجمعة، أظهرت بيانات من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن المتحورين BQ.1 و BQ.1.1، شكلا حوالي 11 في المئة من الفيروسات التي تم أخذ عينات منها في الولايات المتحدة.
وسواء كان XBB أو BQ.1.1 أو بعض المتغيرات غير المعروفة حتى الآن ناجمة عن تطور متغير أوميكرون من عدمه، يتفق معظم الخبراء على أنها ستساعد في تأجيج الوضع هذا الخريف والشتاء المقبل.
من جانبه، قال توم بيكوك، عالم الفيروسات في إمبريال كوليدج في لندن، لواشنطن بوست: "ستتمتع هذه السلالات بقدرة أكبر على إعادة إصابة الناس.. والتي من المحتمل جدا أن تقود أو تساهم في موجات العدوى خلال فصل الشتاء".
وفي حين أن لقاحات كوفيد الأصلية، التي ظهرت منذ نحو عامين، توفر بعض الحماية ضد المتحورات الأحدث، إلا أن السباق استمر لإنتاج جرعات تستهدف على وجه التحديد سلالات أوميكرون الأكثر اعتدالا والأكثر عدوى.
وتلاشت "المتحورات المثيرة للقلق" السابقة مثل ألفا ودلتا، لكن أوميكرون والسلالات المتفرعة منه هيمنت طوال عام 2022.
وساعد النوعان BA.4 وBA.5 بشكل خاص في ظهور إصابات جديدة من المرض في أوروبا والولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة.
وحذرت وكالة الدواء الأوروبية، الشهر الماضي، من أنه في الوقت الذي انخفضت فيه معدلات الوفيات، فإن الوباء "لا يزال مستمرا"، وحضت الدول على إطلاق برامج تلقيح معززة قبل الشتاء، حيث يتوقع أن ترتفع الإصابات.
وقالت خبيرة الأمراض المعدية نادية روان، في حديث لقناة "آي بي سي نيوز" الأميركية، "لقد انتشر XBB بسرعة كبيرة في سنغافورة حيث تجاوز متغير BA5، وكلاهما مصدر قلق كبير، لأنهما قابلان للانتقال بدرجة كبيرة".