تشهد تنزانيا وغينيا الاستوائية تفشياً خطيراً لفيروس ماربورغ القاتل، ويحذر خبراء من أن يتطور الوضع إلى جائحة وبائية قد تضرب الدول الإفريقية المجاورة، مشابهة لتلك التي سببها فيروس إيبولا بين 2014 و2016.
عادت منظمة الصحة العالمية لتدق ناقوس الخطر بشأن تفشي فيروس ماربورغ الفتاك في دول إفريقيا الاستوائية، ذلك بعد أن سجَّلت تنزانيا إصابات بالفيروس، كما تزايد ضحاياه في غينيا الاستوائية بعد شهر من إعلان العثور على أول إصابة فيها.
وكانت المنظمة الدولية حذرت من هذا الانتشار في يوليو/تموز الماضي عندما سُجلت بؤرة وبائية بغانا. فيما تزيد المخاوف اليوم من أن يسبب الفيروس جائحة وبائية بالمنطقة، مشابهة لإيبولا التي سببت وفاة أكثر من 11 ألف شخص بين 2014 و2016.
تفشي الفيروس القاتل
أعلنت وزارة الصحة في غينيا الاستوائية الاثنين وفاة 10 أشخاص إثر إصابتهم بفيروس ماربورغ، إضافة إلى 14 مصاباً آخرين يتلقون العلاج وثماني حالات إصابة غير مثبتة. وقالت الوزارة إنها وضعت 825 شخصاً تحت المراقبة، إلى حين تبيُّن إصابتهم من عدمها.
وأعلنت غينيا الاستوائية ظهور أول حالة لفيروس ماربورغ في فبراير/شباط الماضي. وفي 29 مارس/آذار المنصرم، قالت منظمة الصحة العالمية، إنها على دراية بوجود إصابات إضافية بهذا الفيروس في البلاد، وحثت الحكومة على الإبلاغ عنها بشكل رسمي.
وشكك المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في ثبات عدد الإصابات في المناطق الغينية الاستوائية التي سجلت فيها. وقال مدير المنظمة: "يفصل بين هذه المقاطعات الثلاث 150 كيلومتراً، ما يشير إلى انتشار أوسع للفيروس. يوجد تفشٍّ للفيروس في تنزانيا أيضاً، حيث أبلغت السلطات عن ثماني إصابات في منطقة واحدة، من بينها خمس وفيات".
هذا وكشف بيان لمنظمة الصحة العالمية، في 22 مارس/آذار، أن خمسة من أصل ثماني مصابين بفيروس ماربورغ لقوا مصرعهم في تانزانيا، بالضبط في منطقة كاجيرا الحدودية شمال غرب البلاد. كما أوضح البيان أن السلطات التنزانية نجحت في عزل 160 مخالطاً، ووضعتهم تحت المراقبة الطبية.
وقبلها في شهر يوليو/تموز الماضي، كانت منظَّمة الصحة العالمية أعلنت تسجيل إصابتين بماربورغ في غانا، وإخضاع نحو 98 شخصاً من المخالطين لفترة حجر صحي. وأردف بلاغ المنظمة بأنها المرة الثانية التي ترصد فيها حالات إصابة به خلال أقل من سنة، بعد حالة أعلنت غينيا عنها في 17 سبتمبر/أيلول الماضي.
أشد فتكاً من كورونا!
ينتمي فيروس ماربورغ إلى عائلة الفيروسات الخيطية، التي ينتمي إليها كذلك فيروس إيبولا، وتسبب هذه الفيروسات حمى نزافية فيروسية فتاكة. وتنتقل إلى البشر عبر ملامسة أحد السوائل الحيوية لخفافيش الفاكهة أو أحد السوائل الحيوية لشخص مصاب ظهرت عليه أعراض المرض، إذ لا ينتقل الفيروس من شخص إلى شخص في فترة حضانته.
وعند بداية ظهور أعراض المرض يحس الشخص المصاب بصداع حاد وحمى شديدة، ويتبع هذه الأعراض وهن تدريجي وسريع. كما يصاب بعدها المريض بإسهال مائي حاد وألم ومغص في البطن وغثيان وتقيُّؤ.
ويُظهر كثير من المرضى، بخاصة في الحالات المميتة، أعراضاً نزفية وخيمة تتمثل في النزف من مواضع عدة، كذلك وجود الدم الطازج في القيء والبراز، وفي كثير من الأحيان نزف من الأنف واللثّة والمهبل.
واكتشف فيروس "ماربورغ" لأول مرة في إفريقيا سنة 1967، لكن أول حالة وفاة منه كانت سنة 2021 في غينيا. وحسب منظمة الصحة العالمية، تتراوح نسبة فتك هذا الفيروس بين 30% و88%، وهو قادر على قتل المصاب في غضون ثلاثة أيام من ظهور الإصابة.
هل يتحول ماربورغ إلى جائحة وبائية؟
في ظل هذه التطورات، حذرت مراكز السيطرة على الأمراض الأمريكية "CDC" المسافرين إلى غينيا الاستوائية وتنزانيا من الإصابة بفيروس ماربورغ القاتل. وقالت الوكالة إنه يتعين على المسافرين اتخاذ احتياطات وتجنب السفر غير الضروري إلى المقاطعات التي يتفشى فيها المرض.
كما أوصت دول عربية، منها الإمارات والكويت والسعودية، مواطنيها بتأجيل السفر في الوقت الحالي إلى كل من تنزانيا وغينيا الاستوائية بسبب انتشار فيروس ماربورغ. وقالت وزارة الخارجية الإماراتية على حسابها بتويتر: "نظراً إلى إعلان السلطات الصحية بجمهورية تنزانيا الاتحادية وجمهورية غينيا الاستوائية عن رصد تفشيات لمرض فيروس "ماربورغ" (...) تنصح الوزارة بتأجيل السفر في الوقت الحالي إلى البلدين".
وتسود مخاوف من تحول تفشي ماربورغ إلى جائحة وبائية في منطقة إفريقيا الاستوائية، شبيهة بما عاشته بين 2014 و2016 من تفشي إيبولا الذي أدى إلى الفتك بأزيد من 11 ألف شخصاً.
وفي ورقة بحثية نشرها موقع "المكتبة الوطنية الطبية" الأمريكي بعنوان "تفشي فيروس ماربورغ مؤخراً: هل يمكن أن يشكل تهديداً للصحة العامة العالمية؟"، فإنه "وفق السيناريو الحالي، ولتفشي ماربورغ مؤخراً بعدد قليل من البلدان يحتمل تحوله إلى أزمة وبائية لأن العدوى لا تتبع الحدود الإقليمية".
من ناحية أخرى نفى مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط أحمد بن سالم المنظري أن يتحول تفشي ماربورغ إلى جائحة عالمية. وقال المنظري في تصريحات لوكالة الأنباء العمانية، مخاطر انتشار مرض ماربورغ على المستوى العالمي تعتبر منخفضة في الوقت الحالي.