عُقِدَ الاجتماع الإقليمي الرباعي الأول الرفيع المستوى لتسريع وتيرة تنفيذ نَهج الصحة الواحدة في إقليم شرق المتوسط في الفترة من 8 إلى 11 مايو 2023 في مسقط، عُمان، وقد عُقد الاجتماع الرباعي الذي استمر 4 أيام، ويضم منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة الصحة العالمية، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، لمناقشة التقدم المُحرز في مجال نَهج الصحة الواحدة وسُبُل المُضي قُدُمًا في الإقليم.
افتتح الاجتماع الدكتور سعيد اللمكي، وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية بسلطنة عُمان، بحضور ممثل وزير الزراعة وممثل هيئة البيئة في سلطنة عُمان كدليلٍ على التزام البلاد الراسخ بالتنسيق المتعدد القطاعات في مجال الصحة الواحدة. وأعقب ذلك بيانات افتتاحية من المنظمات الأربع المكوّنة للشراكة الرباعية.
وبدأت الوقائع التقنية للاجتماع بإعادة تقديم مفهوم الصحة الواحدة و"خطة العمل العالمية المشتركة بشأن الصحة الواحدة (2022-2026)" ودليل تنفيذها إلى الحاضرين الذين يضمون مهنيين من خلفيات متعددة التخصصات. وثمة عروض تقديمية إضافية ركزت على 5 مجالات:
الحوكمة والقيادة والتمويل.
التنسيق المتعدد القطاعات.
بناء قوى عاملة ماهرة متعددة التخصصات.
تعزيز الإنذار المبكر وتبادل المعلومات.
تعزيز التأهُّب والاستجابة من خلال الاستثمار في خطط الصحة الواحدة المتعددة القطاعات على المستوى الوطني.
وركزت العروض التقديمية الافتتاحية على "إطار العمل التنفيذي بشأن الصحة الواحدة لإقليم شرق المتوسط" الممتد على مدى 5 سنوات ومواءمته مع خطة العمل المشتركة. ويهدف هذا الإطار إلى توجيه البلدان في بناء القدرات اللازمة لتنفيذ الروابط والتدخلات والأنشطة المتعددة القطاعات المعنية بنهج الصحة الواحدة، وتعزيزها تلك الروابط والتدخلات والأنشطة.
ما المقصود بنَهج الصحة الواحدة؟
يُعدُّ نَهجُ "الصحة الواحدة" نهجًا موحدًا يهدف إلى تحقيق التوازن بين صحة الإنسان والحيوان والبيئة وتحقيق المستوى الأمثل للصحة من خلال تنفيذ حلول عادلة وشاملة على صعيد 3 قطاعات. إنه مفهومٌ متطورٌ يأخذ في الحسبان متغيرات متعددة يمكن أن تؤثر على مخاطر الصحة العامة وتؤدي إلى تفاقهما، بما في ذلك العولمة، والتوسع الحضري، والسفر، والهجرة، وتغير المناخ، والأهم من ذلك عدم كفاية البنية التحتية للصحة العامة في العديد من بلدان الإقليم.
وقالت منظمة الصحة العالنية فى بيان لها ، تُعدّ جائحة كورونا مثالًا حديثًا على العواقب على المستوى العالمي إذ صَوَّرت أوجه الترابط بين صحة الحيوان وصحة الإنسان، وقد زاد من حدة ذلك الترابط النشاط البشري والحركة البشرية. وقد أدى فيروس كورونا إلى توقف العالم في عام 2020، ويُعتَقَد أنه نشأ من مصدر حيوان بري لم يُحدد بعد، وربما انتقل عن طريق عائل وسيط. ولم يتعافَ العالمُ بَعدُ تعافيًا كاملًا من أثر الجائحة الواسع النطاق على المجتمع والاقتصادات والصحة.
واعترافًا بأوجه الصلة القائمة بين البشر والحيوانات والنباتات والبيئة من خلال اعتماد نَهج الصحة الواحدة وإدماجه، يمكن لهذا النَهج أن يدعم البلدان في الوقاية بفعالية من تهديدات الصحة العامة والتأهب لها على مستوى التفاعل بين الإنسان والحيوان والبيئة.
توصيات الاجتماع
يحشد نهج الصحة الواحدة قطاعات وتخصصات وأوساط متعددة على جميع المستويات لإيجاد حلول مستدامة طويلة الأجل من أجل تعزيز قدرة النُظُم الصحية على الصمود وتعزيز قدراتها، وذلك في 4 مجالات عمل رئيسية هي: مكافحة الأمراض الحيوانية المصدر وأمراض المناطق المدارية المُهمَلة والأمراض المنقولة عن طريق النواقل؛ والحد من مقاومة مضادات الميكروبات؛ وتعزيز سلامة الأغذية والمياه؛ وإدماج البيئة في برنامج الصحة.
وكان الاجتماع فرصة للبلدان لتبادل خبراتها والتحديات التي واجهتها وقصص نجاحها في تنفيذ نهج الصحة الواحدة، ومناقشة أفضل الممارسات للمُضي قُدُمًا في عملية مشتركة ومحددة بوضوح، وقد أسفر ذلك عن قائمة توصيات أصدرتها الشراكة الرباعية.
1. الانتهاء من إنشاء المنصة الإقليمية الرباعية لنَهج الصحة الواحدة. إنشاء آلية إقليمية، بعد الشراكة الرباعة، للجمع بين جميع شبكات الأطراف المعنية ذات الصلة والمعاهد، ومنظمات المجتمع المدني الرئيسية، وما إلى ذلك.
2. توفير الموارد والدعم التقني للبلدان لتكييف خطط نَهج الصحة الواحدة وتنفيذها.
3. إعداد حزمة تدريبية موحدة بشأن الصحة الواحدة لنشرها في البلدان، وذلك بالتعاون مع الجامعات والمؤسسات التقنية.
4. عقد اجتماع سنوي بشأن الصحة الواحدة لاستعراض التقدم المحرز ودعم تسريع وتيرة تنفيذ خطط الصحة الواحدة وقدراتها على المستوى القُطري.
من جانبه قال الدكتور أحمد المنظرى المدير الاقليمي لشرق المتوسط ، "يتمثل الدور الحيوي لمفهوم الصحة الواحدة في التصدي لتهديدات الأمراض الحيوانية العابرة للحدود والأمراض الحيوانية المصدر والآفات النباتية من خلال التعاون المكثف بين القطاعات المعنية بالحيوان والإنسان والبيئية. وتدعم منظمة الأغذية والزراعة البلدان بالمساعدة التقنية، وتحسين التنسيق الفعال لأنشطة الصحة الحيوانية والبشرية والنباتية والبيئية لمكافحة الأمراض والآفات، ومكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، وتحسين سلامة الأغذية وحماية البيئة".
وقال سيرج نقوزي، نائب الممثل الإقليمي، منظمة الأغذية والزراعة للشرق الأدنى وشمال أفريقيا، "أثبتت التقييمات العالمية أن العوامل البيئية تلعب دورًا مهمًا في ظهور الأمراض الجديدة وانتشارها. وتشكل منطقة غرب آسيا مسارًا رئيسيًا للاتجار بالأحياء البرية بين أوروبا وأفريقيا وآسيا، مما يجعل المنطقة مُعرَّضة بشدة لانتقال الأمراض الحيوانية المصدر. وقد أخذت حصيلة "الآثار الممتدة" للميكروبات الناجمة عن الاستغلال غير المستدام للبيئة والنظم الإيكولوجية في التزايد، مما تسبب في حدوث جوائح عالمية.
ويعمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بوصفه عضوًا في التحالف الرباعي ورئيسًا له، على نحوٍ متضافرٍ من أجل تعزيز البُعد البيئي لنَهج الصحة الواحدة. ومازلنا نعمل على تعزيز المعرفة بتأثير كورونا على البيئة، كما دعمنا إعداد الاستراتيجية الإقليمية للصحة والبيئة وإطار العمل (2017-2030) بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية
من جانبه قال الدكتورسامي ديماسي، ممثل ومدير إقليمي، بمكتب برنامج الأمم المتحدة للبيئة لغرب آسيا، "إننا نواجه وضعًا معقدًا يمثِّل تحديًا في إقليم شرق المتوسط بسبب عدم الاستقرار السياسي والصراعات والاضطرابات الاجتماعية والقيود الاقتصادية. وتسهم هذه العوامل في هجرة البشر والنزوح القسري وحركة الحيوانات العابرة للحدود، مع ما يترتب على ذلك من آثار كبيرة على النظم الصحية والتعامل مع التهديدات الصحية.. وإنه ليؤسفني أن أرسم هذه الصورة القاتمة للواقع الحالي، لكن يسعدني أن ندرك أن اتباع نهج الصحة الواحدة المتكامل يمكن أن يساعد على إعطاء دفعة لبناء القدرات اللازمة لمساعدتنا على الوقاية من أحداث الصحة العامة والاستعداد لها في مجال التفاعل بين الإنسان والحيوان والبيئة. وتحرص منظمة الصحة العالمية على الوفاء بوعدها ودورها لدعم دولنا الأعضاء في مجال الصحة الواحدة من خلال النهوض باعتماد الاتفاق الرباعي الرائد وتنفيذه".