أجري العديد من الدراسات منذ بداية جائحة "كوفيد-19" لفهم مدى قدرة SARS-CoV-2 على التكاثر في المشيمة البشرية.
وحتى الآن، كانت الأدلة العلمية غير حاسمة، وبالتالي فإن الإجابة على هذا السؤال، بالإضافة إلى فهم استجابة المشيمة لعدوى فيروسية أخرى في أثناء الحمل، تعد أمرا بالغ الأهمية لتطوير استراتيجيات وقائية وعلاجية فعالة لكل من الأم والطفل.
ولإلقاء الضوء على التفاعل بين الفيروسات والمشيمة البشرية، استخدم العلماء في كلية بايلور للطب ومستشفى تكساس للأطفال، نهجا جديدا، وطوروا خريطة عالية الدقة تصور مجموعة من البيئات الدقيقة المناعية المختلفة في المشيمة الصحية من حالات الحمل التي لم تتعرض للعدوى، وتلك من حالات الحمل المتأثرة بعدوى "كوفيد-19".
وباستخدام هذه الخريطة، اكتشفوا أنه تم في العديد من حالات الإصابة المؤكدة بفيروس "كوفيد-19" الأمومي اكتشاف الفيروس في المشيمة على مستويات مختلفة.
وفي حالات مؤكدة أخرى، لم يتم العثور على دليل على تكاثر الفيروس في المشيمة. واكتشفوا أيضا مجموعة متنوعة من الاستجابات المناعية المتزامنة في منافذ في المشيمة، بما في ذلك كل من المنافذ المضادة للالتهابات حيث كان من الواضح أن تكاثر الفيروس يتم التحكم فيه جيدا، بالإضافة إلى المواقع المسببة للالتهابات مع استمرار الفيروس المصاحب، بما في ذلك عدة حالات مع تلف كبير في الأنسجة إلى المشيمة.
وقال المؤلف الأول الدكتور إنريكو باروزو، زميل ما بعد الدكتوراه في أمراض النساء والتوليد في مختبر كياستي أغارد (Kjersti Aagaard Lab). "كان الهدف الرئيسي من دراستنا هو التحقيق في كيفية تنظيم هذه الخلايا المناعية نفسها في المواقع الصغيرة من المشيمة، وهي خطوة أولى مهمة لفهم التفاعلات التي تحدث بين الفيروس وخلايا المشيمة".
ويسمح أسلوب استخدام التقنيات الرائدة مثل "النسخ المكانية" للعلماء المشرفين على هذه الدراسة وللباحثين الآخرين في مجال الحمل، بالبدء في فهم كيف تنجح أحيانا (ولكن ليس دائما) الخلايا المناعية للمشيمة في التحكم في نمو الفيروس، وفي حالات نادرة أخرى يحصل الفيروس على السلطة.
وبدأ العلماء بإنشاء كتالوج مفصل لأنواع الخلايا في المشيمة (تسمى خريطة النسخ المكانية)، والتي تُظهر مواقع التعبير الجيني النشط في المنافذ في "الهندسة المعمارية" الدقيقة للمشيمة.
وقام فريق بقيادة أغارد، أستاذ علم الوراثة الجزيئية والبشرية والبيولوجيا الجزيئية وعلم وظائف الأعضاء الجزيئي و الفيزياء الحيوية في بايلور، بإنشاء خريطة مشيمة عالية الدقة باستخدام نسخة أحادية الخلية وحيدة النواة ونسخ مكانية في تحليلات منسقة كشفت عن بيئات مناعية ديناميكية في المشيمة السليمة.
وحلل الفريق بعد ذلك مشيمة الأمهات المصابات بـ"كوفيد-19"، ووجدوا أدلة تدعم ثلاث نتائج محتملة للعدوى.
أولا، حددوا الحالات التي لم يتم فيها العثور على فيروس "كوفيد-19" في المشيمة، ما يشير إلى أنه تم القضاء على الفيروس قبل التسلل إليها. ثانيا، في حالات أخرى، كانت هناك مستويات قليلة من الفيروس موجودة في المشيمة ومرتبطة بتكاثر فيروسي ضئيل واستجابة مضادة للالتهابات ونتائج التهابية محدودة. وثالثا، في حالات نادرة، انتشر الفيروس على نطاق واسع داخل منافذ قدمت أيضا بصمات مميزة لاستجابة مناعية مؤيدة للالتهابات وتلف الأنسجة.
وأوضح أغارد: "بناء على هذا العمل المثير الذي قاده باروزو، نقترح أن من المحتمل، في معظم الحالات، أن تستجيب المشيمة لكوفيد-19 والفيروسات الأخرى عن طريق الحد من التكاثر في هذه المنافذ الصغيرة من البيئات الدقيقة المناعية، وعن طريق الحد من الاستجابات المناعية إلى مثل هذا المستوى المحلي الصغير".