(جريدة الأخبار اللبنانية)
24 حالة جديدة سجّلها عدّاد كورونا أمس، ليرفع عدد الحالات الإيجابية إلى 954 حالة. هذا الارتفاع في الأعداد دفع الحكومة، أمس، الى تمديد التعبئة العامة أسبوعين إضافيين، بعدما انتقل لبنان رسمياً إلى المرحلة الانتقالية. مع التمديد، بات خيار عزل المناطق هو الأقوى المطروح لتجنب انتشار الفيروس
انتهت مرحلة احتواء فيروس «كورونا». رسمياً، هذا ما أكده وزير الصحة العامة حمد حسن، أمس، في معرض تعليقه على تحليق العدّاد الذي سجّل 24 إصابة جديدة. فبعد خروجه من جلسة مجلس الوزراء، أعلن حسن أن لبنان اليوم بات في «المنطقة الانتقالية»، وهي المرحلة الآيلة حتماً نحو الانتشار، فيما لو استمر الوضع على الأرض على ما هو عليه. مجدداً، هي الأرقام التي انطلق منها حسن ليعترف بأن الخيارات التي اتخذت باتت غير قادرة على ضبط حركة الفيروس، وأن الحل الأنسب هو العزل التام لبعض المناطق التي سجلت أعداد إصابات مرتفعة في الأيام الأخيرة، وليس آخرها منطقتا رأس النبع ومجدل عنجر، وقبلهما عكار. وقد طرح الوزير هذا الخيار على طاولة مجلس الوزراء أمس، وجرى نقاشه بقوة، من دون أن يتخذ القرار بالمناطق التي يفترض إقفالها، وذلك بعد توسيع مروحة الفحوص فيها وإعادة بعض الفحوص للمخالطين المشتبه فيهم.
لم يأت كلام الوزير خارج سياق ما ناقشه مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للدفاع. فبعد اجتياح كورونا لمناطق كانت حتى وقتٍ قريب آمنة وعودة العداد إلى زخمه، رفع المجلس الأعلى للدفاع توصية إلى مجلس الوزراء طلب بموجبها تمديد التعبئة العامة أسبوعين إضافيين، وهو ما وافقت عليه الحكومة. لا مجال لغير تلك القرارات. هذا ما أكده الأعلى للدفاع، انطلاقاً من أن «الوباء ما زال منتشراً بحسب المعطيات». وشدّد على أنه «سيتم حصره وفقاً لخطة خاصة في المناطق والأحياء التي ينتشر فيها الفيروس». إلى ذلك الخيار، طلب المجلس من الأجهزة الأمنية التشدد في قمع المخالفات، والتعاون في ذلك مع المجتمع الأهلي، مع التشديد على دور البلديات والجمعيات المدنية. ما يدفع إلى تلك الإجراءات هو العداد الذي لا يهدأ؛ فبالأرقام، سٌجّلت أمس 24 إصابة جديدة (ما بين تقرير وزارة الصحة العامة وتقرير مستشفى بيروت الحكومي)، ليرتفع عدد الحالات الإيجابية إلى 954. وقد توزعت الإصابات الجديدة بين 9 تعود لمقيمين، و15 تعود لوافدين من الخارج (لاغوس، الكونغو، باريس...).
لم يعد ثمة قرار بديل من العزل إذاً. ولكن، ذلك لا يعني التملص من الإجراءات الروتينية التي كان إهمالها «سبباً في الوصول إلى هنا»، على ما قال، أمس، رئيس اللجنة النيابية عاصم عراجي. وهي إجراءات بالغة السهولة، لا تتعدى ارتداء الكمامة والالتزام بالتباعد الاجتماعي. وهي الأسباب نفسها التي اتكلت فيها الدولة على وعي الناس وفشلت. ليس لأن الناس لم يلتزموا فقط، بل أيضاً لأن الدولة استهترت أيضاً في متابعتها لتطبيق الإجراءات في الكثير من المناطق، بحيث اقتصرت في بعض الأحيان على المدن الرئيسية. هكذا، كان الكيل بمكيالين، وإن كان ذلك لا يعفي المواطنين بطبيعة الحال، فـ«الوضوح والصراحة»، يحتّمان القول إن «الكثيرين لم يلتزموا بإجراءات رفع التعبئة»، وهو ما رفع العداد ولا يزال، إضافة إلى «المغتربين الذين لم يلتزم البعض منهم بإجراءات السلامة العامة، ما أدى إلى تفشي الفيروس». ولمن استهتروا «لا أحد ينتظر اللقاح قبل حزيران من العام المقبل، خصوصاً أن التباشير بإمكانية الوصول إلى اللقاح ضعيفة وتحتاج إلى ثلاث مراحل».
لماذا التسرّع في فتح البلاد ما دام هدف صفر إصابات لم يتحقق؟
هبّت الدولة دفعة واحدة، أمس. كأنها لم تتخذ قبل أيامٍ قرارات بعودة الحياة إلى طبيعتها، ولو تدريجياً، وهو ما يدعو إلى التساؤل عن المعايير التي تتبعها هذه الأخيرة في فتح البلاد وإغلاقها، وهل لتلك المعايير أيّ علاقة بالأسرّة «المحجوزة» حصراً لمرضى الكورونا؟ وهل كانت تتخذ قراراتها أيضاً سنداً لخطط الفحص والتتبّع والحجر؟ أم أن الرقم هو الذي كان يحكم هذه القرارات؟ وأخيراً، لماذا التسرّع في فتح البلاد، ما دام هدف صفر إصابات لم يتحقق؟ إلى الآن، الجواب الوحيد الجاهز هو أن الفتح والإغلاق رهن بالرقم الذي يسجله العداد.
بعيداً عن تلك الهواجس، يبدو أن هناك فئة «ضالّة» تصرّ على العيش خارج الكوكب، وكأن لا شيء يحصل. والحديث هنا عن القرار الذي اتخذته المديرية العامة للأوقاف الإسلامية. ففي وقت تزداد فيه أعداد الإصابات، خرجت مديرية الأوقاف لتعلن إعادة فتح المساجد بدءاً من الجمعة المقبل «لأداء صلاة الجمعة فقط»، داعية أئمة المساجد وخطباءها «ألا تتجاوز خطبهم الدقائق العشر»!
من جهة أخرى، لا يزال لبنان ضمن دائرة الخطر مع وصول دفعات جديدة من المغتربين، إذ وصلت أمس 6 رحلات تابعة لطيران الشرق الأوسط آتية من الكويت والدوحة وجورجيا وباريس وأبيدجان وكوتونو.