أكدت الأمم المتحدة ومنظمات دولية معنية بحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، أنّ أعداد الشهداء التي كشفت عنها وزارة الصحة الفلسطينية في غزة "ذات مصداقية وموثوقة تاريخيا"، إذ سبق أنّ ثبت الأمر خلال نزاعات سابقة. ويأتي ذلك بعدما شكّكت واشنطن في حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي الأخير الصادرة عن سلطات قطاع غزة.
وأوضح المفوض العام لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، أمام الصحافيين في القدس، أنّه "في الماضي، وعلى مدى جولات النزاع الخمس أو الستّ في قطاع غزة، عُدَّت هذه الأرقام ذات مصداقية، ولم يسبق لأحد أن شكّك فيها".
وبحسب آخر البيانات الصادرة عن وزارة الصحة في غزة اليوم الجمعة، فقد ارتفع عدد شهداء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة إلى 7326 شهيداً، من بينهم 3038 طفلاً، في حين بلغ عدد المصابين 18,967 جريحاً، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة المحاصر.
وفي سياق شرحه أنّ أرقام الشهداء واقعية، قال لازاريني إنّ 57 من موظفي وكالة أونروا تأكّد مقتلهم منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ حجم الحصيلة التي سجّلتها الوكالة الأممية يعكس معدّل الحصيلة الإجمالية المعلنة في غزة.
وأوضح أنّ نسبة موظفي وكالة أونروا الذين قُتلوا مقارنة بالعدد الإجمالي للعاملين لدى الوكالة تتوافق مع نسبة سكان غزة الذين قُتلوا مقارنة بالعدد الإجمالي لسكان القطاع، وهو الأمر الذي يثبت صحّة بيانات وزارة الصحة في غزة. وأكّد: "لدينا النسبة ذاتها تقريباً".
من جانبه، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بيان: "نواصل إدراج بياناتهم في تقاريرنا، ومن الواضح أنها تستند إلى مصادر". وأضاف: "من المستحيل تقريبا في الوقت الحالي تقديم أي تحقق من جانب الأمم المتحدة على أساس يومي".
وقال مايكل رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية الذي يتخذ من جنيف مقرا، الأسبوع الماضي، إن الأرقام التي نشرها الجانبان "قد لا تكون دقيقة تماما عند صدورها لحظة بلحظة، لكنها تعكس بشكل عام مستوى الوفيات والإصابات في جانبي هذا الصراع".
وتقول منظمة "هيومن رايتس ووتش"، التي تتخذ من نيويورك مقرا، إن أعداد القتلى موثوقة بشكل عام، وإنها لم تجد تناقضات كبيرة عند التحقق بشأن الضربات السابقة على غزة.
وقال عمر شاكر، مدير المنظمة في إسرائيل وفلسطين: "هذه الأرقام تتماشى مع ما يمكن توقعه في ضوء ما نراه على الأرض من خلال ما يقوله الشهود وصور الأقمار الاصطناعية وغيرها".
من جهته، أفاد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، اليوم الجمعة، بأنّ لا مانع لدى السلطات في قطاع غزة بأن يدخل أيّ طرف محايد ويتحقّق من أعداد الشهداء. وفي هذا الإطار، دعا القدرة الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي إلى "سؤال إسرائيل لماذا مُنعت المؤسسات الدولية من أن تكون موجودة في شمال القطاع وأمرها بالتوجّه جنوباً". كذلك طالب القدرة "الأشقاء في مصر بفتح معبر رفح والسماح بوصول المساعدات والمواد الصحية والوفود الطبية".
تجدر الإشارة إلى أنّ تصريحات المفوّض العام لوكالة أونروا تأتي بعد يومَين من إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنّه لا يثق بالأرقام التي تعلن عنها وزارة الصحة في غزة. وكان بايدن قد قال، في مؤتمر صحافي عقده أوّل من أمس الأربعاء، إنّه "ليست لدي أدنى فكرة عن أنّ الفلسطينيين يقولون الحقيقة بشأن عدد الأشخاص الذين يُقتَلون". أضاف: "أنا متأكد من أنّ أبرياء خسروا أرواحهم، لكنّ هذا هو ثمن خوض الحرب"، مشيراً "لكنّني لا أثق بالعدد الذي يستخدمه الفلسطينيون".
وفي اليوم التالي، أي أمس الخميس، ردّت وزارة الصحة في غزة بنشر قائمة مفصّلة بأسماء وأرقام بطاقات الهوية وجنس وعمر نحو 7000 شخص استشهدوا في غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. وأفادت الوزارة بأنّه "قرّرنا أن نخرج ونعلن بالتفاصيل والأسماء وأمام العالم بأسره حقيقة حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحقّ شعبنا أمام أنظار العالم وعلى مسمعه". وبالتفصيل، تضمّ قائمة الشهداء أسماء 6747 شخصاً، من بينهم 2665 طفلاً، علماً أنّ ثمّة 529 شخصاً مجهولي الهوية استشهدوا كذلك ولم يكن من الممكن إدراج أسمائهم في القائمة.
"الصحة العالمية": 1000 جثة تحت الأنقاض
من جهة أخرى، أفاد ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ريتشارد بيبركورن بأنّ تقديرات لديهم تشير إلى أنّ ثمّة 1000 جثّة لم تُنتشَل بعد من تحت الأنقاض في قطاع غزة، وذلك بحسب معطيات تلقّتها الوكالة التابعة للأمم المتحدة. وأشار إلى أنّ هذا العدد لم يُضمَّن في حصيلة الضحايا التي تصدرها السلطات، من دون أن يذكر اسم المصدر الذي زوّد المنظمة بالمعطيات.
وبحسب البيانات الأخيرة التي أصدرتها السلطات في غزة حول هذا الموضوع، أفاد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة بأنّ الوزارة تلقّت 1700 بلاغ عن مفقودين، من بينهم 940 طفلاً ما زالوا تحت الأنقاض.
وكان المبعوث الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور قد أفاد، أمس الخميس، بأنّ "نحو 1600 فلسطيني ما زالوا تحت الأنقاض ما بين قتيل وجريح، ولا يستطيع أحد الوصول إليهم لإنقاذهم أو دفنهم". وقد أتى كلام منصور، في كلمته التي ألقاها أمام جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.