توشك المنظومة الصحية في قطاع غزة على الانهيار الكامل، إذ خرج حتى الثلاثاء 28 مستشفى عن الخدمة من إجمالي 35 مستشفى، وفق أرقام رسمية، إما بسبب القصف الجوي الإسرائيلي أو اقتحامها وإخلائها أو جراء نفاد الوقود والمستلزمات الطبية.
لكن الضرر الأكبر على المستشفيات يتركز بمحافظتي غزة وشمال غزة، المحاصرتين بعملية عسكرية برية أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي خرجت أغلبها من الخدمة أو أنها على وشك إغلاق أبوابها في وجه المرضى والمصابين.
أما المحافظات الثلاث الجنوبية فليست أفضل بكثير، حيث تعرضت الكثير من مستشفياتها لقصف جوي، وعانت من نفاد الوقود والمستلزمات الطبية والاكتظاظ الشديد بفعل النزوح من الشمال، والحصار الإسرائيلي المطبق منذ 7 أكتوبر، ما أدى إلى خروج الكثير منها عن الخدمة.
محافظة شمال غزة
يوجد فيها 6 مستشفيات رئيسية، وكانت من أولى النقاط الطبية التي واجهت تهديدات بالإخلاء، خاصة مع بداية العملية البرية التي تعرضت فيها المحافظة لهجوم من محورين من أصل ثلاثة محاور.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، خروج مستشفيات شمال غزة عن الخدمة، قائلة "ننسق مع الأمم المتحدة لإخلاء المستشفى الإندونيسي المحاصر".
لكن المحور الشمال الشرقي كان الأعنف، نظرا لانتشار المستشفيات ووجود كثافة سكانية أكبر مقارنة بمحور الشمال الغربي (الساحلي)، والذي تغلب عليه مساحات زراعية وفارغة.
وتتركز أغلب المستشفيات في محافظة شمال غزة ببلدتي بيت حانون وبيت لاهيا، وأيضا بمخيم جباليا، وأبرز هذه المستشفيات:
المستشفى الإندونيسي (شرق):
يقع في مخيم جباليا، وافتتح في 2015 بتبرّع مواطنين إندونيسيين، ويتسع لـ140 سريرا، لذلك يعد الأكبر في المحافظة.
بات المستشفى الأهم في مناطق مدينة غزة وشمال القطاع بعد توقف مجمع الشفاء الطبي عن العمل إثر اجتياحه من القوات الإسرائيلية بعد 9 أيام من الحصار وإخلائه من الجرحى والمرضى والأطقم الطبية بشكل شبه كامل.
وفي أحدث التطورات، قال مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية في غزة منير البرش إن القوات الإسرائيلية تفرض حصارا على "الإندونيسي" منذ صباح الاثنين، أضاف متحدثا لـ"الأناضول": "الاحتلال دمر بعض مباني المستشفى الإندونيسي والمباني الأخرى خاضعة لنيران القناصة".
وذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفت طابق العيادات والجراحات بالمستشفى ودمرت الأجهزة، والجثث مكدسة في المستشفى وساحتها، معتبرا أن استهداف "الإندونيسي" يعني توقف كل الخدمات الصحية في مناطق الشمال"، مضيفا أن القناصة الإسرائيليين يعتلون كل المباني المحيطة بالمستشفى ويطلقون النار على كل من يتحرك حوله.
وبحسب "فرانس برس"، أعلنت وزارة الصحة في غزة أنّ 200 مريض تمّ إجلاؤهم، أمس الاثنين، بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من المستشفى إلى جنوب القطاع بعد ساعات من تعرّض المستشفى لقصف إسرائيلي دام.
وقال المتحدث باسم الوزارة الطبيب أشرف القدرة: "لا يزال هناك 400 مريض في المستشفى، ونعمل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر على اجلائهم"، مشيراً إلى وجود نحو ألفي نازح بداخل المستشفى وفي محيطه.
مستشفى بيت حانون
ويقع في بلدة بيت حانون في الشمال الشرقي للمحافظة، ويتسع لنحو 65 سريرا، افتتح في العام 2006. ولكن وزارة الصحة في غزة أعلنت في 9 أكتوبر الماضي توقف الخدمات الطبية والصحية فيه نتيجة استهداف الاحتلال الإسرائيلي المتكرر والمباشر له، ما أثر سلبًا على قدرة الطواقم العاملة من الوصول إلى المستشفى وخروجها منه.
مستشفى الكرامة:
خرج عن الخدمة في 17 أكتوبر نتيجة القصف الإسرائيلي، وبحسب بيان سابق لوزارة الصحة بغزة، فقد تعرض المستشفى لـ"أضرار بالغة أدت لخروجه عن الخدمة"، جراء استهداف القوات الإسرائيلية "للمباني المجاورة وسقوطها باتجاهه".
مستشفى كمال عدوان:
خرج المستشفى عن الخدمة قبل نحو أسبوع بعدما نفدت كميات الوقود فيه وتوقف تماما عن العمل، وفق تصريحات المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة لـ"الأناضول".
مستشفى العودة في بلدة جباليا:
وهو متوقف عن استقبال أي جرحى أو مرضى جدد حاليا، حيث وصلت القوات الإسرائيلية لمنطقة قريبة من محيطه.
محافظة غزة
تضم ما لا يقل عن 13 مستشفى رئيسيا، وفيها أكبر تجمع للمستشفيات نظرا لكثافتها السكانية التي تبلغ نحو نصف سكان القطاع، وخرجت جميعها عن الخدمة باستثناء المستشفى المعمداني، الذي يقدم الحد الأدنى من الخدمات الطبية وهو مهدد بأي لحظة.
مجمع الشفاء الطبي (غرب):
يقع في حي الرمال على الساحل الغربي لمدينة غزة، يتسع لـ700 سرير، بحسب منظمة الصحة العالمية، لذلك يعتبر أكبر مستشفى بالقطاع، وربما الأقدم حيث يعتقد أنه تم بناؤه عام 1946 إبان الانتداب البريطاني لفلسطين.
خرج عن الخدمة بعد اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي له في الساعات الأولى من 15 نوفمبر، حيث كان يحتمي به نحو 7 آلاف نازح بالإضافة إلى مئات الأطقم الطبية والمرضى والجرحى بينهم أطفال خدج.
مجمع الشفاء الطبي في غزة.. الجرحى يتكدسون جراء العدوان الإسرائيلي
مدير عام مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية قال لـ"الأناضول"، إن الجيش الإسرائيلي أخلى المستشفى بشكل شبه كامل، السبت الماضي، من المرضى والجرحى والنازحين بعد نحو 9 أيام من محاصرته، مشيرا إلى أنه بقي في المستشفى نحو 250 من المرضى والجرحى، بينهم 25 من الأطقم الطبية، ويتم التنسيق مع منظمة الصحة العالمية لإخراجهم.
مستشفى القدس (جنوب):
ويقع بحي تل الهوى، ويتسع لنحو 100 سرير، لذلك يعد ثاني أكبر مستشفى في محافظة غزة، خرج عن الخدمة في 12 نوفمبر، بعدما نفد احتياطي الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية، وفق جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني التي تديره، والتي أعلنت إجلاء 6 آلاف من الكوادر الطبية والمرضى والنازحين الذين كانوا يحتمون به اعتقادا منهم أنه مكان آمن، لكن محيطه تعرض لقصف جوي إسرائيلي في 18 أكتوبر.
وكان المستشفى يضم قبل الإجلاء 400 مريض وجريح، ولجأ إليه منذ بداية الحرب نحو 14 ألف شخص.
الأهلي العربي (المعمداني):
المستشفى الوحيد في مدينة غزة الذي يقدم خدمات طبية محدودة، لكنه محاصر بالدبابات الإسرائيلية، ووفق تصريح صحافي لطبيب جراح بالمستشفى الأهلي المعمداني فإنه "آخر مستشفى موجود في مدينة غزة، والقدرات والإمكانيات الصحية فيه قليلة جدا".
وسبق أن تعرض المستشفى المعمداني في 17 أكتوبر لقصف جوي إسرائيلي أدى لاستشهاد 471 فلسطينيا، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، غالبيتهم نساء وأطفال لجأوا إلى المستشفى للاحتماء به.
كما تعرضت مستشفيات أخرى في المدينة للإخلاء مثل مستشفى الرنتيسي للأطفال، ومستشفى النصر للأطفال، ومستشفى محمد الدرة، بينما دمرت عيادة السويدي في غارة جوية.
محافظة دير البلح (الوسطى)
تضم المحافظة الوسطى مستشفيين رئيسيين فقط، هما "شهداء الأقصى"، ويافا، وباتت المحافظة مهددة باجتياح بري جديد في حال توسيع العملية البرية الإسرائيلية جنوبا.
مستشفى شهداء الأقصى:
مستشفى حكومي بمدينة دير البلح، مهدد بالتوقف عن الخدمة بأي لحظة إذا لم يصله وقود لتشغيل الكهرباء، مقابل اكتظاظ شديد من الجرحى والمرضى.
ونفد المخزون الإستراتيجي من الأدوية واللوازم الطبية من المستشفى في 19 أكتوبر، وفق مدير المستشفى إياد الجعبري، وسبق أن تعرض محيطه لغارة جوية في الشهر ذاته، لكن طاقمه الطبي رفض إخلاءه.
مستشفى يافا:
كان يسمى "مركز يافا الطبي"، وهو مستشفى خاص ويتبع لـ"جمعية الصلاح الإسلامية الخيرية"، وتوجد فيه عدة تخصصات وأقسام لجراحة العيون والأنف والأذن والحنجرة، وقسم أمراض النساء والولادة، لكنه لا يعمل في ظل الحرب والنقص الحاد بالموارد الطبية والوقود.
محافظة خانيونس
تقع المحافظة جنوب قطاع غزة، ويوجد فيها ستة مستشفيات رئيسية، لكنها مهددة بالتوقف بسبب نقص الوقود، وطلب الجيش الإسرائيلي من سكان شرق المحافظة إخلاء مناطقهم:
المستشفى الجزائري العسكري:
يقع بمنطقة عبسان بمدينة خانيونس، وكانت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ترسل قوافل الإغاثة المحملة بالأدوية والمستلزمات الطبية، وأحيانا وفود من الأطباء الجزائريين للقيام بعمليات جراحية ومعاينات طبية، لكن المستشفى خرج عن الخدمة، وفق وزارة الصحة بغزة.
مجمع ناصر الطبي:
ثاني أكبر مستشفى بالقطاع بعد مستشفى الشفاء، تعرض لأضرار جانبية بعد قصف الجيش الإسرائيلي لمسجد قريب منه، ما أدى إلى انهيار سقف بقسم الأشعة في أكتوبر الماضي، لكنه يواصل عمله.
مستشفى غزة الأوروبي:
حكومي، شيّد بفضل منحة من الاتحاد الأوروبي عام 1989 بواسطة وكالة "الأونروا"، وافتتح في 15 أكتوبر 2000، وتضررت أجزاء من المستشفى في قصف إسرائيلي لكنه ما زال يواصل عمله، بحسب وزارة الصحة في غزة.
محافظة رفح
تقع المحافظة جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، وفيها معبر بري يعد المنفذ الوحيد نحو العالم الخارجي بعيدا عن الرقابة الإسرائيلية المباشرة، ومنه تدخل المساعدات الدولية.
وعلى غرار مستشفيات خانيونس، تعاني نظيراتها في رفح من نقص الوقود والمستلزمات الطبية والاكتظاظ بالجرحى والمرضى والتهديد بالقصف، وأبرزها: مستشفى أبو يوسف النجار، الذي يعد الأكبر في المحافظة، بالإضافة إلى مستشفى الكويت التخصصي، ومستشفى الهلال الإماراتي للنساء والتوليد.
ورغم قرب المستشفيات الثلاثة من معبر رفح ووضعها أفضل من مستشفيات شمالي القطاع، إلا أنها مهددة هي الأخرى بالخروج عن الخدمة إذا لم تصلها المساعدات الدولية سريعا.
ومنذ 45 يوما يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من 13 ألفا و300 قتيل فلسطيني، بينهم أكثر من 5 آلاف و600 طفل و3 آلاف و550 امرأة، فضلا عن أكثر من 31 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، مساء الاثنين.