(جريدة الأخبار اللبنانية)
تتخبّط الدول الأوروبية في سبيل التوصل إلى خطة اقتصادية لمواجهة آثار «كورونا» المدمِّرة، والتي باتت تهدّد تماسك الاتحاد الأوروبي. ولا تكاد تُطرح خطّة ما، حتى تخرج أصوات تحذّر منها أو ترفضها، لأسباب وأهداف مختلفة، تمنع الاتفاق بين الدول الأعضاء، وتعمّق الخلاف بين دول شمال القارّة وجنوبها، في وقت يلجأ فيه بعض الدول إلى اعتماد مقاربته الخاصّة على أراضيه، الأمر الذي يرى فيه البعض أنه سيسهم في تعميق الخلافات، بالنظر إلى التفرّد في معالجة المشكلة.
وفي وقت تسعى فيه الدول الأوروبية إلى التصدّي للآثار الاقتصادية الناجمة عن تفشي وباء «كوفيد-19» الذي أغرق القارة في ركود تاريخي، وأودى بحياة أكثر من 315 ألف شخص في العالم، نبّهت مفوّضة الاتحاد الأوروبي للتماسك والإصلاحات، إليسا فيريرا، من نتائج عكسية للقرارات التي اتخذها بعض الدول لتقليص تبعات تفشّي الوباء. وحذّرت، أمس، من أنّ القرارات التي اتُخذت على عجل للجم الأزمة الناجمة عن «كورونا» تهدّد تماسك الاتحاد، بحيث باتت المؤسسات التي استفادت من مساعدات حكومية هي المهيمنة.
ورأت المفوّضة البرتغالية، في حديث مع صحافيين، أنّ «من الأهمية بمكان أن تتوفّر شروط منافسة عادلة في إطار برنامج النهوض» الاقتصادي. وأوضحت أنّ «الدول أجازت تخصيص مساعدات بنحو 2000 مليار يورو، ونصف هذه المبالغ صرفته الحكومة الألمانية وحدها لمساعدة شركاتها الوطنية. وعندما تتنافس هذه الشركات في السوق الداخلية تتميّز بتفوّق تام على الشركات الأخرى». وأوضحت أنه «إذا أردتم القياس، فإنّ المبلغ الإجمالي للمساعدات الحكومية التي منحتها الدول الأعضاء الأكثر نفوذاً لشركاتها الخاصة، يوازي إجمالي الناتج الداخلي لنحو 16 بلداً عضواً معاً». وشددت على أن «علينا معالجة حالة من عدم التوازن التام تسمح لبعض الشركات بالسيطرة وشراء الشركات الأخرى كافة، لأنّها أصبحت ضعيفة جداً، وحتى مفلسة. نواجه وضعاً خطيراً جداً».
وفي حين لا تشكّك المفوضة الأوروبية في القرارات التي اتخذت لتسهيل تقديم هذه المساعدات، «لأنّها كانت ضرورية»، إلّا أنّها تدعو إلى إعادة التوازن، حيث قالت: «نحن بحاجة إلى سوق كبرى عملانية لإنجاح النهوض» الاقتصادي. وأضافت: «إن كان نصف دول الاتحاد يشهد ركوداً فهذا أمر خطير للغاية. لا يمكن للسوق الداخلية أن تعمل بشكل سليم. وكذلك الأمر بالنسبة إلى اليورو». وتابعت: «نصف صادرات مجموعة الدول المقتصدة التي تضمّ هولندا والنمسا والسويد والدنمارك المتحفّظة على الدعم الواجب تقديمه لدول الجنوب، مخصّصة للسوق الأوروبية الكبرى. علينا التنبّه».
أوروبا ستكون في وضع ضعيف جداً حيال الدول العظمى كالصين والولايات المتحدة
ورأت أن «أوروبا ستكون في وضع ضعيف جداً حيال الدول العظمى، كالصين والولايات المتحدة، لأنّها أصلاً تنفق الكثير من الأموال لتحفيز نهوض اقتصاداتها».
وستعرض المفوضية الأوروبية، في 27 أيار / مايو، خطّة نهوض اقتصادي تستند إلى موازنة للفترة بين عامي 2021-2027 مع إمكانية منح قروض. ولا بدّ للدول الأعضاء الـ27 التفاوض بشأن مبلغ الموازنة، على سنوات عديدة، والقدرة على الإقراض والجهات الحاصلة على الأموال وإعادة تسديدها، وكذلك التوصل إلى إجماع.