انقضى الفصل الدراسي الأول في التعليميْن الرسمي والخاص، وأنهى تلامذة المدرسة الرسمية، خارج شريط المواجهة جنوب لبنان، 44 يومًا تعليميًا فعلياً من دون إضرابات، أو عطل قسرية، من أصل 104 أيام تعليمية. في المقابل، لم يتعلم تلامذة 44 مدرسة رسمية في المنطقة الممتدّة من الناقورة إلى شبعا يوماً واحداً. أما حلول وزارة التربية، كالطلب من الأساتذة والتلامذة النازحين الالتحاق بالمدارس الأقرب إلى مركز النزوح، أو افتتاح 10 «مدارس استجابة» بالتعاون مع الجهات الدولية لتعليم النازحين، فلم تجدِ نفعاً، لأن «واضعيها جاهلون بطبيعة المواجهة والحياة في الجنوب»، بحسب مدير إحدى الثانويات المقفلة بسبب الحرب.
وفيما تعيش بقية المناطق حياةً عاديةً، تحتدم الحرب يومياً في الجنوب، وتفرض واقعاً جديداً على حياة الجنوبيين، مبقية 6800 تلميذ من دون تعليم حقيقي حتى الساعة، و1400 أستاذ بلا حول أو قوة. وأمام هذا الواقع، رفض مديرو المدارس في مناطق المواجهة «زيارات تربوية من الصف الثاني لموظفين في الوزارة، وطلبوا عقد أي اجتماع تربوي في منطقة المواجهة في بنت جبيل، على أن يكون الوزير حاضراً، ومعه خطة واضحة المعالم».
النزوح أبطل إمكانية الحياة في قرى الحافة الأمامية، وعطّل التعليم حتى في القرى البعيدة عن المواجهات المباشرة مع العدو، وقسّم التلامذة إلى عدّة شرائح. فمنهم من ترك القرية والتحق بمدارس في منطقة النزوح، و«هم أقلية»، بحسب مدير ثانوية في الجنوب، ومنهم من نزح ولم يلتحق بمدرسة. وجزء آخر فضّل أهله البقاء في القرية، فبقي من دون تعليم بعد إقفال المدارس.
أمام هذا الواقع، «لم تقدم وزارة التربية على طرح خطة أو تصور لإعادة ترميم الكسر التعليمي لدى التلامذة، والتعويض عليهم، ووضعهم في صورة كيفية إجراء الامتحانات الرسمية لتلامذة الشهادة في المنطقة»، بحسب مديري مدارس في مناطق المواجهات، ففضّل هؤلاء التحرّك وحدهم، وأطلقوا العام الدراسي الحالي باستخدام التعلّم من بعد. وأفاد عدد من الأساتذة الذين تواصلت معهم «الأخبار» في قرى الحافة الأمامية عن «مباشرتهم التعليم أونلاين من منازلهم». وحول تقييم التجربة، أشاروا إلى «صعوبات جمّة تحيط بالعملية تتعلّق بشكل رئيسي بالوضع الاجتماعي والاقتصادي السيّئ للتلامذة النازحين».
أمّا «ترقيعة وزارة التربية، أو ما يُعرف بمدارس الاستجابة للأزمة»، التي أُطلقت مطلع الشهر الماضي، وعددها 10، ومموّلة من قبل اليونيسف والإسكوا، فوُصفت بـ«التنفيعة، ومدارس التشجيع على التهجير»، كونها فُتحت في مناطق بعيدة جداً عن قرى المواجهة، و«كأنّها دعوة لترك القرى»، و«لم يلتحق بها أكثر من 1300 تلميذ، أي حوالي 130 تلميذاً في كلّ منها، ما يعني بقاء 5500 تلميذ خارج الصفوف الدراسية».
من جهة أخرى، وللوصول إلى تعليم من بعد أكثر فعالية، توصّلت مبادرة عضو كتلة التنمية والتحرير أشرف بيضون مع وزارة التربية والجهات المانحة لاعتبار كل التلامذة النازحين جزءاً من مدارس الاستجابة التي أطلقتها وزارة التربية. وبالتالي، يحصل كل تلميذ مسجّل في مدرسته المقفلة، أو في مدرسة مفتوحة على 60 دولاراً شهرياً كبدل نقل، إضافة إلى جهاز كمبيوتر لوحي لاستخدامه في التعليم من بعد. ويحصل، بموجب المبادرة أيضاً الأساتذة النازحون المشاركون بالتعليم من بعد على أجهزة كمبيوتر محمولة لاستخدامها في الهدف نفسه.
ولفت بيضون إلى «حاجة النازحين الكبيرة للدعم، فهناك عائلات تستدين الأموال لتجهيز أولادها بمستلزمات التعليم من بعد، وهي لا تعرف شيئاً عن برامج وزارة التربية». إلا أنّ «نجاح المبادرة متوقّف على استجابة مديري 44 مدرسة رسمية في تقديم أسماء التلامذة والأساتذة لوزارة التربية»، بحسب بيضون. وأضاف: «هناك مدرسة واحدة استجابت بشكل كامل لجهة إدخال أسماء التلامذة، كما تمّ تسجيل أسماء 200 أستاذ فقط من أصل 1400».