لم ينسَ غالبية اللبنانيين أزمة فيروس "كورونا" التي شلّت حياتهم لثلاث سنوات وأفقدتهم الكثير من الأقارب والأحبة، حيث لم ينجُ بيت إلا وشبحُ المرض والموت خيّم عليه. ومع اختفاء عوارض هذا الفيروس، عادت هذه السنة مع بداية فصل الشتاء الفيروسات لتنتشر بشكل أكثر من السنوات الماضية وخاصة عند تلامذة المدارس، ما أثار حالات خوف لدى الأهالي.
منذ شهر تقريبًا شهد لبنان حديثًا متزايدًا عن اصابات وعوارض رشح قاسية ورجح أنها عودة لفيروس H1N1، فالحرارة المرتفعة والاسهال والتقيؤ وألم البطن هي عوارض تصيب اللبنانيين اليوم وتجعلهم في حيرة من أمرهم، "هل هو كورونا أم فيروس آخر؟"
مديرة مركز الهادي للفحوصات المخبرية والمتخصصة في الأمراض الجرثومية الدكتورة يمنى مراد، أكدت في إتصال مع موقع "كورونا نيوز" أن هناك ثلاثة أنواع من الفيروسات تجتاح لبنان هذه الأيام، الإنفلونزا H1N1، الكورونا المتحوّر الجديد GN1 والتنفّس المخلوي RSV. تختلف في بعض عوارضها ولكنها تلتقي بسرعة انتشارها، ولا تستدعي إجراءات صحية استثنائية أو إقفال البلد لأن تقييمها الطبي أنها عادية في موسم الشتاء، مضيفة أنه في السنوات التي سبقت ظهور "كورونا" كان انتشار هذه الفيروسات أكثر من الآن.
وأشارت مراد الى أن الموجة هذا العام كبيرة جداً، والسبب يعود إلى أن أعداد المصابين بالإنفلونزا خلال السنوات الماضية قد انخفض بشكل لافت، نتيجة الإجراءات الاحترازية من جهة، وعدم الاختلاط والتباعد من جهة أخرى، ولكن هذه الأيام عادت الأمور إلى طبيعتها رغم أنّ كثيرين قد اكتسبوا مناعة سواء بالإصابة بالكورونا أو من اللقاح الخاص به.
وفي سؤال عمّا إذا كان فيروس "كورونا" ما زال موجودًا أو هناك متحورًا منه ينتشر هذه الأيام، أشارت مراد في حديثها لـ"كورونا نيوز" الى أن "كورونا" انخفض جدًا ولم يعد لديه عوارض كما في السابق بسبب اللقحات التي أعطيت للمصابين وعدد من العوامل الأخرى.
ورغم التطمينات من وزارة الصحة والمتخصصين في مجال الفيروسات، فإن انتشار هذه الأخيرة أرخت بظلال من القلق لدى الكثير من اللبنانيين، إذ يخشون أعباء علاجها المادية، في ظلّ استمرار الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة، وخاصة إذا ما استدعى الأمر الدخول إلى المستشفيات التي باتت تسعيرة غالبيتها بالدولار ، والأهم أنها تعيد إلى ذاكرتهم مأساة جائحة "كورونا".
بدوره، أكد الاخصائي في الأمراض الجرثوميّة رئيس الهيئة الوطنية للقاح كورونا، النائب عبد الرحمن البزري لموقع "العهد" الإخباري أنّ «إنفلونزا H1N1 تجتاح لبنان هذه الأيام وقد تقدّمت على H3N2 الموسمية وهي سريعة الانتشار وتؤدي إلى التهاب في الرئتين ثم ميكروبي ثم فطريات ويتطلّب شفاؤها وقتاً. ثم يأتي فيروس كورونا المتحوّر GN1 وهو وفق الدراسات الأميركية يصيب 60% من العالم وسريع الانتشار كذلك، ولكنه لا يؤدي إلى إعياء شديد، بل معتدل ويختلف وفق الفئات العمرية وقد يؤثر على المسنّين والذين يعانون من نقص المناعة».
ولفت البزري إلى «أن الفيروس الثالث، هو التنفسي المخلوي RSV وهو عادة يصيب الصغار وأشبه بالرشح العادي، ولكنه قد يؤثر أيضاً على الذين يعانون من نقص المناعة»، داعياً إلى مراجعة الأطباء المختصين وعدم تناول Antibiotic بشكل عشوائي، مؤكداً أنّ «لا داعي لأي تدابير احترازية أو لإقفال البلد».
ما الفرق بين "كوفيد" وإنفلونزا H1N1
هناك تشابه إلى حد كبير بين الفيروسين، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تقسم الأنفلونزا الموسمية إلى 4 أنواع (A, B, C, D)، وتنتشر فيروسات الأنفلونزا A وB موسمياً وتسبب أوبئة خلال موسم الخريف والشتاء.
إن الإنفلونزا الموسمية وكوفيد-19 من أمراض الجهاز التنفسي، التي تسببها مجموعات مختلفة من الفيروسات. وعلى الرغم من أن هناك زيادة نسبية في الوعي واليقظة بشأن العدوى والنظافة العامة والشخصية، إلا أن الخطر لا يزال قائماً.
من الممكن أن يصاب الشخص بالإنفلونزا، وكذلك كوفيد-19، ويمكن أن تظهر عليه أعراضهما معًا. ولكن ينتشر كوفيد-19 بسرعة أكبر من أي عدوى فيروسية أو إنفلونزا أخرى، ومن ثم فإن أهم شيء يجب فعله هو تجنب التجمعات والحفاظ على التباعد البدني دائمًا.
وحسب منظمة الصحة العالمية، هناك أوجه تشابه في أنواع أمراض الجهاز التنفسي ويصبح من الصعب تحديد نوع المرض بناءً على تشخيص الأعراض فقط.