أحمد بركات ـ الميادين
المجزرة الإسرائيلية التي ارتكبها الاحتلال يوم أمس الإثنين (13 شباط/فبراير 2024) في رفح جنوبي قطاع غزة تأتي في إطار تحضير الاحتلال لعملية عسكرية ضد المدينة، وهي المدينة التي زعم جيشه أنها منطقة آمنة.
هذه المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة أسفرت عن استشهاد ما يزيد عن 100 شخص غالبيتهم من النساء والأطفال، وذلك في إطار تمهيده لعملية عسكرية ضدّ سكان المدينة والنازحين إليها، الأمر الذي يهدد مئات الآلاف من العائلات النازحة بسبب الحرب على غزة.
وحتى اللحظة، لا يزال عدد من الشهداء تحت الأنقاض، من جراء القصف العنيف والمكثف للمدينة ومساجدها، وفق ما أعلنت وزارة الصحة في غزة.
الملاذ الأخير
تُعدّ مدينة رفح الملاذ الأخير لمئات الآلاف من الأسر النازحة، حيث تركّز النازحون في الجزء الغربي من المدينة بالقرب من البحر في أحياء تل السلطان وكندا والسعودي، خاصة وأنّ هناك خشية من تعرض المناطق الشرقية لاجتياح برّي بسبب قربها من مستوطنات منطقة غلاف القطاع.
وبسبب الاكتظاظ السكاني، تحولت الحدود الفلسطينية مع مصر إلى مركز لخيام آلاف النازحين، وغطت الخيام بالقرب من الحدود مساحة تقدر بحوالى 3.5 كيلو متر مربع.
تضمّ رفح النازحين إما في خيام مصنوعة من النايلون والخشب على الأرصفة والشوارع، أو في مدارس مكتظة بنسبة 150%، وفي بيوت تضمّ المئات من العوائل، في تكدّس سكاني هو الأضخم على المستوى العالمي.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي، فإنّ "عدد النازحين في المدينة بلغ مليون ونصف المليون نازح، وهو الأمر الذي يفوق القدرة الاستيعابية للمدينة التي يعيش فيها 300 ألف نسمة، وتعاني من تهالك المنظومتين البيئية والصحية".
وتؤكد البيانات الفلسطينية الرسمية، أن النازحين إلى المدينة نزحوا نحو 6 مرات من جراء القصف الإسرائيلي، فيما يعيش جميعهم في مراكز للإيواء وخيام في الشوارع في ظروف صعبة للغاية.
كذبة إسرائيلية
تفيد كفاح اللداوي، وهي ربة أسرة لعائلة نزحت من شمال قطاع غزة نزحت إلى رفح، استشهد زوجها بالحرب الإسرائيلية، بأنها "عانت الأمرّين حتى تمكّنت من الوصول إلى مدينة رفح، وتأمين خيمة لإيوائها وأطفالها الخمسة".
وتوضح اللداوي، لـلميادين نت، أن "هجوم الاحتلال الإسرائيلي على رفح يؤكد كذبه بشأن وجود مناطق آمنة خلال عملياته العسكرية في القطاع، خاصة وأنه خدع العالم بالحديث عن تلك المناطق خاصة رفح والمواصي".
"الليلة الماضية كنا شهوداً على أبشع مجازر الاحتلال، ونجونا من الموت بأعجوبة بعد استهداف عدد من المنازل القريبة من المنطقة التي نأوي إليها"، تقول اللداوي.
وتضيف: "في منتصف الليلة فزعنا على أصوات قصف عنيف لم نسمعه خلال الأيام الطويلة لحرب الاحتلال على غزة، وكأن الهدف منه قتلنا جميعاً"، مشددة على أن كل ذلك يحدث على مرأى ومسمع العالم.
ويفيد خليل رشوان، أحد النازحين من خان يونس إلى رفح، إن "الهجوم العسكري لقوات الاحتلال الإسرائيلي سيتسبب بنزوح مئات الآلاف من السكان لأماكن مجهولة وغير آمنة، وسيكون له آثار كارثية كبيرة على القطاع".
ويؤكد رشوان، لـلميادين نت، أنه يرفض وأسرته القبول بأي قرار إسرائيلي بشأن إخلاء مدينة رفح، مؤكداً أنه أخطأ حينما نزح من مدينته خان يونس إلى أقصى الجنوب، وأنه لن يتحرك من مكانه إلا عائداً إلى منزله.
"إذا كان قدرنا أنا وعائلتي أن نكون شهداء فهذا الأمر سيكون في رفح، لن ننصاع لأي أوامر من الاحتلال الإسرائيلي، خاصة وأنه يستغل ذلك في تنفيذ مجازر أوسع وأبشع بحق المدنيين والنازحين"، يقول رشوان.
ويؤكد مدير عام المكتب الإعلام الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، للميادين نت، أنّ "الجريمة المروّعة التي ارتكبها جيش الاحتلال في رفح تأتي ضمن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها بشكل وحشي، من دون أن يراعي ظروف المدينة التي يدّعي أنها منطقة آمنة".
ويقول الثوابتة، إن "الاحتلال قتل خلال خمس ساعات أكثر من 100 شهيد، وصل إلى المستشفيات 70 شهيداً منهم، بينما ما زال العشرات تحت الأنقاض، غالبيتهم من الأطفال والنساء والمدنيين، كما قام بقصف وتدمير أكثر من 15 منزل وعدة مساجد وفي منطقة مكتظة بالسكان والأبرياء".