محمد أبو رزق - الخليج أونلاين
علقت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، في السابع من أكتوبر الماضي، التعليم في جميع المؤسسات التعليمية بقطاع غزة، ولم يتم استئنافها حتى الآن نتيجة لاستمرار الحرب.
من أمام خيمتها في منطقة المواصي بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، تجلس المعلمة الفلسطينية أسماء مصطفى وسط مجموعة من الأطفال تقدم لهم درساً في اللغة العربية؛ في محاولة منها لتعويض ما فقدوه بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وتحاول المعلمة "أسماء"، الحاصلة على جائزة "المعلم العالمي لعام 2020"، تدريس أكبر عدد من الأطفال النازحين في الخيام التي شيدتها عائلاتهم في مدينة رفح، بعد الهروب من القصف والدمار الذي خلّفه الاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة.
وقررت أسماء عدم المكوث في خيمتها بدون القيام بمهمتها وهي "التدريس"، فبدأت في تجميع الأطفال وتقديم بعض الدروس لهم! في محاولة لإبقائهم قريبين من التعليم بعد فترة الانقطاع الطويلة.
"ما زلنا نتعلم"
وبدون إمكانات أو توافر الكتب الدراسية أو أجواء الفصل الدراسي، تقدم المعلمة أسماء، بعض الدروس التعليمية لأطفال النازحين أمام خيمة نزوحها.
وتقول في حديثها لـ"الخليج أونلاين": "في مدرسة الحرب على غزة، نتعلم ورغم جرحنا الغائر، وما زلنا نتعلم، وسنتعلم ما لم يتعلمه العالم بأسره".
وعلقت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، في السابع من أكتوبر الماضي، التعليم في جميع المؤسسات التعليمية بقطاع غزة، ولم يتم استئنافها حتى الآن نتيجة لاستمرار الحرب.
ويوجد في قطاع غزة 796 مَدرسة، منها 442 مدرسة حكومية و284 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، و70 مدرسة خاصة.
في حين بلغ عدد الأبنية المدرسية للعام الدراسي نفسه بالقطاع 550 مبنىً مدرسياً، منها 303 مبانٍ مدرسية حكومية، و182 مبنى مدرسياً تابعاً لوكالة غوث، و65 مبنى مدرسياً خاصاً.
كما يبلغ عدد مؤسسات التعليم العالي في غزة 17 مؤسسة، إضافة إلى جامعة للتعليم المفتوح. ويلتحق بتلك المؤسسات نحو 87 ألف طالب وطالبة في القطاع.ريال مدريد
وبحسب وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، فقد استشهد أكثر من 4851 طالباً و239 موظفاً تعليمياً في قطاع غزة، وأصيب أكثر من 8227 طالباً و836 معلماً، وفقاً لآخر إحصائية صدرت يوم 13 فبراير الجاري.
استهداف ممنهج
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أكد تضرر أكثر من 625 ألف طالب، ونحو 23 ألف معلم، بسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.
وأوضح تقرير المكتب يوم 13 فبراير الجاري، أن الأضرار تشمل إغلاق المدارس والمؤسسات التعليمية، ما ترك الطلبة دون إمكانية الوصول إلى التعليم أو مكان آمن.
وأضاف التقرير، أنه "يتم استخدام نحو 92% من جميع المباني المدرسية في غزة ملاجئ للنازحين"، لافتاً إلى "تعرض نحو 392 مدرسة (79% من إجمالي المباني المدرسية في غزة) لأضرار، وضمن ذلك 141 مدرسة تعرضت لأضرار جسيمة أو دُمرت بالكامل".
كما قال جوناثان كريك، المتحدث باسم "اليونيسف": "لا يوجد أي شكل من أشكال التعليم أو الدراسة بقطاع غزة في الوقت الحالي".
وأضاف كريك لصحيفة "الغارديان" البريطانية: "كان هناك ما يقرب من 625 ألف طالب في سن الدراسة بقطاع غزة قبل الحرب، ولا يذهب أي منهم إلى المدارس الآن. إن مستوى العنف والأعمال العدائية المستمرة، والقصف المكثف الذي يحدث، لا يسمح بالتعليم".
رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره جنيف، رامي عبدو، أكد أن "هناك استهدافاً ممنهجاً لقطاع التعليم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي من خلال حربه على قطاع غزة".
ويقول عبدو في حديثه لـ"الخليج أونلاين: "هناك استهداف شامل للمؤسسات التعليمية، خاصةً تلك التي اتخذها الاحتلال كمقار عسكرية، وقام بتدميرها".
كما يوضح أن "هناك استهدافاً كبيراً وواسعاً لعشرات من الأكاديميين بانتظام، حيث أكثر من 96 فلسطينياً أكاديمياً تم استهدافهم مع عائلاتهم وقتلهم".
ويبين أن "من بين قائمة الشهداء الأكاديميين الذين تم استهدافهم، 17 شخصية تحمل درجة البروفيسور، و59 درجة الدكتوراه، و18 درجة الماجستير".
كما يشير إلى أن "الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة سوف تتسبب في انقطاع زمني للطلبة خلال العودة للمقاعد الدراسية، حيث سيضطر بعض الطلبة إلى تغيير تخصصاتهم الجامعية، وبعضهم سيقررون عدم استكمال دراستهم، لأن الوقت الزمني لاستئناف الحياة الدراسية سيكون طويلاً".
ويرى أن "استكمال الدراسة لبعض الطلبة سيتسبب في إضافة أعباء مالية ومادية، إضافة إلى الأعباء التي يتحملها في الحياة العادية بسبب العدوان، لذلك سيحتاج الطلبة لتخفيف الأعباء العائلية، إضافة إلى أن كثيراً من التخصصات بحاجة إلى مختبرات لا تستطيع الجامعات توفيرها".