الأخبار ـ فاتن الحاج
بعد إنجاز ملف تفرّغ الأساتذة في الجامعة اللبنانية، بسرية، بين رئيس الجامعة بسام بدران ووزير التربية عباس الحلبي، يسعى الأخير إلى الحصول على ضمانات سياسية لإقراره في مجلس الوزراء. ويعقد الحلبي، للغاية، سلسلة لقاءات مع القوى الحزبية المعترضة لشرح الآلية التي اتُّبعت في وضع الملف من دون أن يطلعها على تفاصيل الأعداد وأسماء الأساتذة المشمولين فيه.
يأتي ذلك بعد تقليص عدد المرشحين للتفرغ من 1760 أستاذاً (الملف الذي رفعته رئاسة الجامعة) إلى نحو 1200. وطاول التقليص بشكل أساسي نحو 350 أستاذاً شيعياً و180 أستاذاً سنياً، بذريعة «التوازن الطائفي». باكورة اللقاءات كانت نهاية الأسبوع الماضي مع وفد من التعبئة التربوية في حزب الله الذي خرج مستاء من مكتب الوزير، ووصفت مصادره المعايير المتّبعة بـ«الاستنسابية وغير الشفّافة وغير الموحّدة بين الكليات. فلا وزير التربية استطاع أن ينتزع ضمانات من الوفد بموافقة الحزب على الملف وتأمين التوافق السياسي حوله، ولا الوفد أخذ أي ضمانات بما يخص تطبيق قاعدة الأقدمية، ولا سيما لجهة تضمين الملف أسماء أساتذة تعاقدوا مع الجامعة منذ أكثر من 10 سنوات، وشُطبت أسماؤهم من قرارات التفرع السابقة عامَي 2008 و2014 بالذريعة نفسها». وقالت المصادر إنها «المرة الثالثة التي يظلم فيها أساتذة بحجة تطبيق المناصفة بين المسلمين والمسيحيين. ففي المرة الأولى، عام 2008، جرى إسقاط 83 اسماً، وعام 2014 تكرّر الأمر نفسه بشطب أسماء 160 أستاذاً».
إذا كان التفرغ حاجة لأجل الاستمرارية الأكاديمية للجامعة، فقد بات يحتاج، بحسب مصادر أكاديمية مسؤولة، إلى «معالجة جذرية بعيداً عن الترقيع الذي يحصل في كل مرة تقرّر فيها الدولة تفريغ أساتذة، من دون أن تنصف الجامعة نفسها لجهة حاجتها إلى الأساتذة في اختصاصات معيّنة». وتشير المصادر إلى أنه لا يمكن عزل التفرغ بتداعياته السياسية والتحاصصية عن مصادرة صلاحيات مجلس الجامعة عبر المرسوم الرقم 42 الصادر في عام 1997، بحيث تتقدّم الاعتبارات الطائفية والمذهبية على الاعتبارات الأكاديمية.
ووفق المصادر، لم تقدّم الدولة حتى الآن أي حلول لكرة الثلج التي تكبر عاماً بعد آخر، فلم تذهب مثلاً إلى تلقّف اقتراح تفريغ جميع الأساتذة المستحقين على دفعات، ووقف التعاقد لنحو 5 سنوات، وبعدها تفريغ أساتذة جدد كل عام، بما يوازي عدد الأساتذة المتقاعدين في العام نفسه.
ووسط التكتّم الشديد حول الملف، ثمة تخوّف من عدم تطبيق مبدأ الأقدمية في بعض الكليات أو الأقسام وإدراج عدد لا بأس به من الأساتذة المتعاقدين الجدد الذين لم يخضعوا للجان علمية، وممّن يحظون بدعم سياسي. وهناك خشية أيضاً من تكديس أعداد كبيرة من الأساتذة في بعض أقسام كليات الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية مثلاً، في ظل تشعيب كثيف يهدف إلى إدخال أعداد كبيرة من الأساتذة الذين لا تحتاج إليهم الجامعة، لدرجة أن بعض الأساتذة لن يجد ساعات إضافية لتدريسها، ما سيؤدي إلى تشعيب عشوائي وخلل في الأنصبة ولا سيما في ظل التلويح بإغلاق مسارات مثل الدبلوم والماستر المهني من بعض الكليات. ويبدي الأساتذة قلقهم من إضافة أسماء خارج ما سيرفعه بدران والحلبي لتنفيعات حزبية.
وفي ظل عدم وجود تطمينات للأساتذة بتحسين وضعهم المادي، تُطرح أسئلة كثيرة: هل سيُطبق قانون التفرغ؟ وهل سيتخلى الأستاذ المتعاقد عن العمل خارج الجامعة في ظل رواتب زهيدة؟ وهل تمّ إعداد دراسة مالية دقيقة لملف التفرغ الجديد؟ أليس من الأفضل إعداد سلسلة رتب ورواتب جديدة تشجّع المتفرّغ القديم والجديد على الالتزام كلياً بالجامعة كما حصل عام 2014؟