"تكيّات إيرانية" لإطعام أهالي غزة المحاصرين، والذين يقتلهم العدو بالتجويع بعد أن مارس كل أنواع القتل والمجازر بحقهم. هو فعل ليس غريبًا على الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لا توفر فرصة في مساعدة الشعب الفلسطيني ومساندته للإسهام في رفع الظلم اللاحق به وتعزيزًا لصموده في مواجهة آلة الإجرام الصهيونية.
لقد استخدمت "إسرائيل" كثيرًا من الأساليب الإجرامية، وتجاوزت بها كل القيم الإنسانية. فالدمار الذي خلّفته مدافع الاحتلال وطائراته قضى على كل مقومات الحياة، المستشفيات قُصفت وهي تغصّ بالمرضى والجرحى، وحتى دور العبادة دمّرت، الأطفال ماتوا من الجوع، المئات قتلوا وهم ينتظرون الطعام لعيالهم، قوافل المساعدات استهدفت ومناطق وصول الإمدادات حوصرت بالكامل.
مع أنّ هذه الحرب تجاوزت في همجيتها كل الحروب التي مرت على عالمنا العربي منذ أن هاجمه المغول، في منتصف القرن الثالث عشر وأحرقوا بغداد، إلا أن المحيّر فيها هو الصّمت والخذلان العربي والإسلامي لأهل غزة، بل تواطؤ غالبيتهم مع الاحتلال، والأنكى من ذلك عدم قدرة كل هذه الدول مجتمعة ليس على وقف حرب الإبادة الجماعية، وإنما على كسر الحصار وإدخال ما أمكن من مساعدات كي تحفظ ما أمكن من ماء وجهها.
بعض الدول العربية قامت بإنزال المساعدات جوًا في حركة استعراضية لا تغني ولا تسمن أهل غزة من جوع، إذ سقطت نصف هذه المساعدات في البحر، وبعضها وصل إلى مستوطنات غلاف غزة والبعض الآخر قُصف كل من حاول الاقتراب منها.
هذا التصرف الاستعراضي قابله على الأرض تحرك بعيد عن الإعلام من إيران "المتهمة" بدعم أهل غزة عسكريًا وسياسيًا وماديًا، وذلك عبر إقامة مطابخ في مدينة رفح لتأمين الطعام والماء للأهالي، فاستطاعت تقديم وجبات يومية لأكثر من 200 ألف فلسطيني فضلًا عن الماء، وسط مساعٍ تبذلها لتوسعة هذه المطابخ من أجل أن تشمل مناطق أخرى في القطاع.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعبر الهلال الأحمر الإيراني، كانت أول المبادرين لتأمين الطعام للنازحين، عبر "التكيّات"، والتي هي عبارة عن آوانٍ كبيرة تُطعم أكثر من 200 شخص، حيث أصبح عدد الوجبات اليومية نحو 200 ألف، بالإضافة إلى تأمين المياه الصالحة للشرب لـ 35 ألف شخص، و12 ألف ربطة من الخبز. كما امتدت المساعدات، ولو بشكل بسيط، إلى مخيم النصيرات وسط القطاع ودير البلح في الجنوب، على أن تمتد إلى مناطق أخرى.