علي أبو الحسن- موقع العهد الالكتروني-
في عصر تتداخل فيه التكنولوجيا مع كل جوانب حياتنا، يعدّ الأمان الإلكتروني والحماية من التهديدات الرقمية موضوعًا ذا أهمية قصوى. وإنّ واحدًا من أكثر هذه التهديدات إلحاحًا، والتي تستلزم التوعية والعمل الجاد، هو ظاهرة التنمّر الإلكتروني. فقد أصبح التنمّر الإلكتروني ظاهرة متنامية تثير القلق على نطاق واسع، مشكلًا تحديًا خطيرًا للأمان الرقمي والسلامة الشخصية.
يتميز التنمّر الإلكتروني بكونه يتخطى حدود الزمان والمكان، ما يجعل الضحايا تحت ضغط مستمر. في هذا المقال؛ نستكشف كيفية التعرّف إلى علامات التنمّر الإلكتروني وأفضل الطرائق للتعامل معه، ما يضمن بيئة رقمية آمنة للجميع.
التنمّر الإلكتروني يتجاوز مجرد الكلمات الجارحة أو النزاعات الشخصية على الإنترنت، هو يشمل أي سلوك عدائي متعمّد ومتكرر يجري عبر الوسائط الإلكترونية. يمكن لهذا السلوك أن يأخذ أشكالًا متعددة؛ مثل: الرسائل النصية الهجومية، التعليقات المسيئة على وسائل التواصل الاجتماعي، الإساءات عبر البريد الإلكتروني، التحرش، التهديدات وحتى نشر معلومات شخصية أو خاصة أو صور من دون موافقة صاحبها. يخلّف التنمّر الإلكتروني أثرًا عميقًا على الصحة النفسية للضحايا، ما يؤدي إلى الشعور بالعزلة والقلق، وفي بعض الحالات الاكتئاب.
التعرّف إلى التنمّر الإلكتروني يتطلب الانتباه إلى مجموعة علامات يمكن رصدها على الأفراد، والتي قد تشمل: الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية والعزلة، التغيرات في السلوك أو المزاج، الشعور بالقلق او الضغط عند استخدام الأجهزة الإلكترونية، أو حتى تلقي رسائل مسيئة او تهديدات. هذه العلامات تستدعي البحث والاهتمام الفوري للتعامل مع الموقف بشكل مناسب.
إنَّ أفضل الطرائق للتعامل مع التنمّر الإلكتروني يمكن تعدادها على الشكل الآتي:
1. التعرّف والإبلاغ: أول خطوة هي التعرّف إلى أن ما يحدث هو تنمّر إلكتروني غير مقبول، فيجب الإبلاغ عن هذه الحوادث على الفور، سواء كان ذلك يعني التحدث إلى الأهل أو المعلم، أو حتى الإبلاغ عن المحتوى المسيء إلى منصات الوسائط الاجتماعية نفسها أو إلى السلطات المعنية. إذ إنّ معظم هذه المنصات لديها سياسات وإجراءات محددة للتعامل مع التنمّر الإلكتروني والحفاظ على بيئة آمنة للمستخدمين.
2. حماية النفس: من المهم اتخاذ خطوات فعالة لحماية النفس على الإنترنت، مثل: استخدام إعدادات الخصوصية للتحكّم في من يمكنه رؤية المحتوى الخاص بك والتفاعل معه، وكذلك تجنب مشاركة المعلومات الشخصية عبر الإنترنت، ويجب أيضًا التأكيد على أهمية استخدام كلمات مرور قوية وفريدة لحماية الحسابات الإلكترونية.
3. دعم الضحايا: إذا كنت شاهدًا على تنمّر إلكتروني، قدم الدعم للضحايا بإظهار التعاطف وتشجيعهم على الإبلاغ عن الحوادث.
4. التثقيف والوعي: يُعد التثقيف حول مخاطر التنمّر الإلكتروني وكيفية التعامل معه جزءًا لا يتجزأ من الوقاية والحماية. فيجب أن يشمل الحوار حول هذا الموضوع: الأسر، المدارس، المجتمعات، وذلك لبناء فهم مشترك وتطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة التنمّر الإلكتروني. إذ إنّ التعليم حول مخاطر التنمّر الإلكتروني وكيفية التعامل معه أمر حيوي، ويجب أن تتضمن البرامج التعليمية معلومات حول الاستخدام الآمن للإنترنت والتواصل الرقمي.
5. البحث عن المساعدة المهنية: في بعض الحالات، قد يكون من المفيد طلب المساعدة من محترفين، سواء كان ذلك للحصول على دعم نفسي أو للتنقل في الجوانب القانونية المحتملة للتنمر الإلكتروني. فلا يجب أن يشعر أحد بالوحدة أو العجز عند مواجهة هذه التحديات.
يشكّل التنمّر الإلكتروني تحديًا كبيرًا في مجتمعنا الرقمي، ولكن بالمعرفة والدعم والإجراءات المناسبة يمكننا العمل معًا لخلق بيئة أكثر أمانًا وترحيبًا على الإنترنت، وذلك من خلال رفع مستوى الوعي وتعزيز الحوار وتطبيق الإستراتيجيات الوقائية، فتقلل من حوادث التنمّر الإلكتروني مع توفير الدعم اللازم للذين يتعرضون له وحماية الضحايا من آثاره السلبية.
التعاون المشترك بين أطراف العملية التربوية والالتزام بمكافحة التنمّر الإلكتروني يعدّ خطوة أساسية نحو بناء مستقبل رقمي يسوده الاحترام والحد الأدنى من الأمان الرقمي للجميع.