العهد ـ حسن شريم

"نحن أهل".. عنوان ينبثق منه هدف لطالما حرصت جامعة المعارف على تحقيقه. اليوم وفي ظلّ العدوان الإسرائيلي على لبنان، وشعورًا منها بالحس الوطني والتربوي ارتأت الجامعة بكادرها الإداري والطلابي أن تنظم إفطارًا رمضانيًا يعكس التزامها القوي بقيم التضامن والتعاون والتكافل، ويهدف إلى تعزيز الروابط بين أفراد المجتمع الجامعي ودعم الزملاء النازحين من القرى الحدودية في جنوب لبنان. نموذجٌ تربويٌّ مؤثّر لمن أراد ــ في زمن قلّت فيه الوطنية والمواطنة ــ أن يكرّس منهاج الدفاع عن الأرض والوطن وأن ينصر القضية الفلسطينية، تحقيقًا لنهج تثقيفيّ مُتميّز. 

الإفطار الرمضاني الذي نظّمه طلاب اختصاص العلاقات العامة والإعلانات في كلية الإعلام والفنون في الجامعة لأهالي الطلاب النازحين من القرى الحدودية في جنوب لبنان، تحت شعار "نحن أهل"، حضره عميد كلية الإعلام والفنون، الدكتور علي الطقش، بالإضافة إلى الحكواتية الدكتورة سارة قصير، وكان للحضور دور بارز في إضفاء قيمة إضافية على فعاليات الحدث.

وفي حديث لموقع العهد الإخباري، أوضح الطقش أنّ "جامعة المعارف خلال مسيرتها التعليمية تواكب مسار الأحداث والواقع. وطلاب قسم العلاقات العامة والإعلانات حاولوا من خلال هذا النشاط أن يكونوا جزءًا من نسيج هذا المجتمع الذي يتحمّل اليوم تبعات هذه الحرب الإسرائيلية". وتابع "حاولوا أن يكونوا شركاء مع النازحين خلال صيامهم وإفطارهم من خلال تنظيم هذا النشاط، على المستوى العلمي من جهة والمستوى الإنساني من جهة أخرى، على اعتبار أنّ مهارات العلاقات العامة ترتبط بالقدرة على تنظيم الأنشطة لا سيّما ذات الطابع التثقيفي".

ومن خلال هذا النشاط بحسب الطقش استطاع الطلاب أن "يجمعوا العنصر الأخلاقي والقيمي والعنصر التنظيمي الذي له علاقة بعملية إشراك أكبر قدر ممكن من الجمعيات الأهلية والشركات الحاضرة معنا اليوم بهذا النشاط المنظم من قبل الطلاب".

وفي ما يتعلّق ببرنامج الإفطار، فقد بدأ بفقرة ترحيبية حماسية، حيث قام الطالب علي سلامة بتقديم عرض ترويجي مميز يُبرز روح الانتماء والترابط بين أفراد الجامعة.

وتلا ذلك القرآن الكريم والأذان الذي أداه الطالب محمد منتظر، مما أضفى على الجو لمسة من الروحانية والتأمل. ولم يقتصر الإفطار على الجانب الديني فقط، بل شمل أيضًا جوانب اجتماعية وثقافية هامة. وتمّ اختيار إحدى الحالات النازحة لتقديم فيلم روائي قصير عن رحلة الطالبة راشيل أمين من بلدتها الحدودية العديسة إلى المعارف.

وتأتي هذه المبادرة في إطار تعزيز ثقافة التكافل بين الجامعة ومجتمع طلابها وموظفيها وتقديم "تحية لأهلنا في الجنوب المقاوم"، كما تمّ التركيز على إعادة إحياء الثقافة الرمضانية الجنوبية بأدق تفاصيلها، والعمل على الصورة والمضمون ليتناسبا مع الحدث. والجدير بالذكر أن الفعالية كانت من ابتكار وتصميم وتنفيذ طلاب قسم العلاقات العامة والإعلانات تحت إشراف مسؤول قسم العلاقات العامة والإعلانات في جامعة المعارف الدكتور علي مكي، وشارك في العمل أكثر من 45 طالبًا وطالبة.

وقال مكي لموقع "العهد": "إنّ هذا المشروع هو لطلاب قسم العلاقات العامة والإعلانات، وهو يعكس قيمة اجتماعية تهدف إلى مؤازرة أهالي طلاب وموظفي الجامعة النازحين من الجنوب من قبل الإدارة والطلاب الذين سهروا على تنفيذ هذا المشروع من الألف إلى الياء، إضافة إلى التواصل مع الجهات المشاركة في التنظيم"، معتبرًا هذا النشاط بمثابة مشروع الامتحان النهائي للطلاب.

ولفت مكي إلى أنّ "هذا الإفطار يأخذ طابعًا قرويًا من حيث التنظيم والإضاءة التي كانت تُضاء بها ساحات القرى الجنوبية لا سيما في شهر الصوم".

الأهالي النازحون

عباس أمين أحد النازحين يؤمن بأنّ "الانتصار قريب وأنّ العدو الإسرائيلي سيُهزم لأننا أصحاب حق ويؤكّد أنّ نزوحه عن قريته نتيجة العدوان الإسرائيلي لا يُضاهي دم الشهداء والتضحيات الجسام التي يقدمها المجاهدون".

من جهتها، أم محمد النازحة هي وعائلتها شكرت حزب الله على وقوفه إلى جانب النازحين وعلى ما يقدمه من تقديمات مادية وعينية وأكّدت أنها وعائلتها النازحة مصمّمون على العودة ولو هدّمت كل البيوت وأنّ النصر سيكون حليفًا للمقاومة ولكل صاحب حق. 

أحد الحضور قدّم التحية للمجاهدين البواسل الذين يُسطّرون أروع الملاحم البطولية في مواجهة أشرس الجيوش وأكثرها همجية، وقال "إنّ النصر سيكون حليف المقاومة كما في الحروب السابقة لا سيّما عام 2000 و2006"، مؤكدًا أنّه يثق كل الثقة بقدرات المقاومة وسيّدها ومؤمنًا أنه سيعبر بنا إلى بر الأمان والنصر، وقال "إنّ كل ما نقدّمه فداءٌ لدم المجاهدين والشباب البواسل الذين ارتقوا شهداء"، متمنيًا أن ينال شفاعتهم معلنًا استعداده لتقديم كل ما يملك وكل غال ونفيس في سبيل أن يطيل الله بأعمارهم ويدفع عنهم كل سوء، فهم أهل الشجاعة والقوة والصلابة في كل زمان ومكان.

واختتم الإفطار بفقرة خاصة لمناسبة ولادة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، حيث استمع الحضور لتواشيح مميزة وسط أجواء من الفرح والسرور. يُذكر أن هذا الإفطار لم يكن مجرد فعالية ترفيهية، بل كان تجربة معرفية واجتماعية غنية، حيث تبادل الحضور الأخبار والقصص التلفزيونية المثيرة للاهتمام، ممّا جعلها تجربة طلابية مجتمعية ثرية وغنية.